قوله : (ومن لم يتوق النفي والتشبيه ، زل ولم يصب التنزيه)
 
ش : النفي والتشبيه مرضان من أمراض القلوب ، فإن أمراض القلوب نوعان : مرض شبهة، ومرض شهوة ، وكلاهما مذكور في القرآن ، قال تعالى : فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض . فهذا مرض الشهوة ، وقال تعالى : في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً . وقال تعالى : وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم . فهذا مرض الشبهة ، وهو أردأ من مرض الشهوة ، إذ مرض الشهوة يرجى له الشفاء بقضاء الشهوة ، ومرض الشبهة لا شفاء له إن لم يتداركه الله برحمته . والشبهة التي في مسألة الصفات نفيها وتشبيهها ، وشبه النفي أردأ من شبه التشبيه ، فإن شبه النفي رد وتكذيب لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وشبه التشبيه غلو مجاوزة للحد فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم . وتشبيه الله بخلقه كفر فإن الله تعالى يقول : ليس كمثله شيء ، ونفي الصفات كفر، فان الله تعالى يقول : وهو السميع البصير . وهذا أصل نوعي التشبيه ، فإن التشبيه نوعان : تشبيه الخالق بالمخلوق ، وهذا الذي يتعب أهل الكلام في رده وإبطاله ، وأهله في الناس أقل من النوع الثاني ، الذين هم أهل تشبيه المخلوق بالخالق ، كعباد المشايخ ، وعزير، والشمس والقمر، والأصنام ، والملائكة ، والنار ، والماء ، والعجل ، والقبور، والجن ، وغير ذلك . وهؤلاء هم الذين أرسلت لهم الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له