وَأَمَّا ما حكاه عن بن شِهَابٍ وَنَافِعٍ فِيمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ
أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَالْأَرْبَعِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وِتْرًا
قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَكُلُّ مَنْ حَفِظْتُ قَوْلَهُ لَا
يوجبون عَلَيْهِ (...)
 
وَأَمَّا ما حكاه عن بن شِهَابٍ وَنَافِعٍ فِيمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ
أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَالْأَرْبَعِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وِتْرًا
قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَكُلُّ مَنْ حَفِظْتُ قَوْلَهُ لَا
يوجبون عَلَيْهِ التَّشَهُّدَ آخِرَ صَلَاتِهِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي يَقْضِيهَا أَوْ فِيمَا يَقْضِي عَلَى حَسَبِ
مَا ذكرنا من أصولهم في إيجاب فَرْضًا وَإِيجَابِهِ سُنَّةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ لَا بَابَ لَهُ فِي الْمُوَطَّإِ وَلَا أَوْرَدَ فِيهِ مَالِكٌ
أَثَرًا مَرْفُوعًا
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي كَيْفِيَّةِ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ هَلْ هُوَ وَاحِدَةٌ أَوِ
اثْنَتَانِ وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى هَلِ السَّلَامُ مِنْ
فُرُوضِ الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ سُنَنِهَا
وَنَحْنُ نَذْكُرُ ها هنا مَا بَلَغَنَا عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مُخْتَصَرًا مُوعَبًا بِفَضْلِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ لَا
شَرِيكَ لَهُ
قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُسَلِّمُ الْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ نَافِلَةً كَانَتْ أَوْ فَرِيضَةً
تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَلَا يَقُولُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488
قال بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ يُسَلِّمُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ
قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ يُسَلِّمُ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ
فَقِيلَ وَعَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ مَا كَانُوا يُسَلِّمُونَ إِلَّا وَاحِدَةً قَالَ وَإِنَّمَا حَدَثَتِ التَّسْلِيمَتَانِ فِي
زَمَنِ بَنِي هَاشِمٍ
قَالَ مَالِكٌ وَالْمَأْمُومُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً عَنْ يَمِينِهِ وَأُخْرَى عَنْ يساره ثم يرد على الإمام
وقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ
قَالَ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَيَتَيَامَنُ بِهَا قليلا
قال أبو عمر فتحصيل رواية بن الْقَاسِمِ هَذِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ
وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَيَتَيَامَنُ بِهَا قَلِيلًا وَأَنَّ الْمُصَلِّيَ لِنَفْسِهِ يُسَلِّمُ اثْنَتَيْنِ
وَفِي غير رواية بن الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُسَلِّمُ ثَلَاثَةً إِنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ أَحَدٌ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي مَوْضِعِ رَدِّ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ
فَمَرَّةً قَالَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ
وَمَرَّةً قَالَ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ
وَقَدْ رَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ الْمِصْرِيِّينَ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمُنْفَرِدَ سَوَاءٌ يُسَلِّمُ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَيَتَيَامَنُ بِهَا قَلِيلًا
وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَقُومُ إِلَى الْقَضَاءِ حَتَّى يَفْرَغَ الْإِمَامُ مِنَ
التَّسْلِيمَتَيْنِ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُسَلِّمُ التَّسْلِيمَتَيْنِ
وَأَمَّا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ أَدْرَكْتُ الْأَئِمَّةَ وَالنَّاسُ يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً السَّلَامُ عَلَيْكُمْ
وَكَانَ اللَّيْثُ يَبْدَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ
وَقَالَ اللَّيْثُ فِي الْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَقُومَ بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً مِنْ حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ إِلَّا أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ لَا يُصَحِّحُهَا
أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ حَدِيثَ سَعْدٍ أَخْطَأَ فِيهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ فَرَوَاهُ عَلَى غَيْرِ مَا رَوَاهُ
النَّاسُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَغَيْرُهُ يَرْوِي فِيهِ تَسْلِيمَتَيْنِ
وَهُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عن
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489
أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً
وَهَذَا وَهْمٌ عِنْدَهُمْ وَغَلَطٌ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ كما رواه بن الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ
ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ سَعْدٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ
بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّايِغُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي
وقاص عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نصر حدثنا قاسم حدثنا بن وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ
سَعْدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ وَكُلُّ
هَؤُلَاءِ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى خِلَافِ لَفْظِ الدَّرَاوَرْدِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا بن الْمُبَارَكِ عَنْ
مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى
صَفْحَةِ خَدِّهِ
فَقَالَ الزُّهْرِيُّ مَا سَمِعْنَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ رسول الله
فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَكْلُ حَدِيثِ رسول الله قَدْ سَمِعْتَهُ
قَالَ لَا
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490
قَالَ فَنِصْفُهُ
قَالَ لَا
قَالَ فَاجْعَلْ هَذَا فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ تَسَمَعْ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً)) فَلَمْ
يَرْفَعْهُ أَحَدٌ إِلَّا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَحْدَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ
النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَرَوَاهُ عَنْهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ
وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ كَثِيرُ الْخَطَأِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ
ضَعِيفَانِ لَا حُجَّةَ فِيهِمَا
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَلَمْ يَأْتِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَلَمْ يَسْمَعْ أَيُّوبُ
مِنْ أَنَسٍ عِنْدَهُمْ شَيْئًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ مِنْ مُرْسَلِ الْحُسَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَبَا بَكْرٍ
وَعُمَرَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً ذَكَرَهُ وَكِيعٌ عَنِ الرَّبِيعِ عَنِ الْحَسَنِ
وَرُوِيَ عَنْ عثمان وعلي وبن عمر وبن أَبِي أَوْفَى وَأَنَسٍ وَأَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ
وَيَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز والحسن وبن سِيرِينَ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَأَبِي رَجَاءٍ
وَسُوَيْدِ بْنِ غفلة وقيس بن أبي حازم وبن أَبِي لَيْلَى وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا
يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً
وَقَدِ اخْتَلَفَ عَنْ أَكْثَرِهِمْ فَرُوِيَ عَنْهُمَا التَّسْلِيمَتَانِ كَمَا رُوِيَتِ الْوَاحِدَةُ
وَالْعَمَلُ الْمَشْهُورُ بِالْمَدِينَةِ التَّسْلِيمَةُ الْوَاحِدَةُ وَهُوَ عَمَلٌ قَدْ تَوَارَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ كَابِرًا
عَنْ كَابِرٍ وَمِثْلُهُ يَصِحُّ فِيهِ الِاحْتِجَاجُ بِالْعَمَلِ فِي كُلِّ بَلَدٍ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى لِوُقُوعِهِ فِي كُلِّ
يَوْمٍ مِرَارًا
وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِالْكُوفَةِ وَغَيْرِهَا مُسْتَفِيضٌ عِنْدَهُمْ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ مُتَوَارَثٌ عِنْدَهُمْ أَيْضًا
وَكُلُّ مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى فَهُوَ اخْتِلَافٌ فِي الْمُبَاحِ كَالْأَذَانِ
وَلِذَلِكَ لَا يُرْوَى عَنْ عَالَمٍ بِالْحِجَازِ وَلَا بِالْعِرَاقِ وَلَا بِالشَّامِ وَلَا بِمِصْرَ إِنْكَارُ التَّسْلِيمَةِ
الْوَاحِدَةِ وَلَا إِنْكَارُ التَّسْلِيمَتَيْنِ بَلْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفٌ وَإِنْ كَانَ اخْتِيَارُ بَعْضِهِمْ فِيهِ
التَّسْلِيمَةَ الْوَاحِدَةَ وَبَعْضُهُمُ التَّسْلِيمَتَيْنِ عَلَى حَسَبِ مَا غَلَبَ عَلَى الْبَلَدِ مِنْ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491
عَمَلِ أَهْلِهِ إِلَّا أَنَّ الْأَعَمَّ وَالْأَكْثَرَ بِالْمَدِينَةِ التَّسْلِيمَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْأَكْثَرُ وَالْأَشْهَرُ بِالْعِرَاقِ
التَّسْلِيمَتَانِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَمِينِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى
الْيَسَارِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا كُنْتَ إِمَامًا فَسَلِّمَ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
وَإِذَا كُنْتَ غَيْرَ إِمَامٍ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَسَلِّمْ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ تَنْوِي بِهِ الْإِمَامَ
وَالْمَلَائِكَةَ وَمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ نَأْمُرُ كُلَّ مُصَلٍّ أَنْ يُسَلِّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا
أَوْ مَأْمُومًا وَيَقُولُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَيَنْوِي بِالْأُولَى مَنْ
عَنْ يَمِينِهِ وَبِالثَّانِيَةِ مَنْ عَنْ يَسَارِهِ وَيَنْوِي الْإِمَامَ بِالتَّسْلِيمَةِ الَّتِي إِلَى نَاحِيَتِهِ فِي الْيَمِينِ
أَوْ فِي الْيَسَارِ
قَالَ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْمُصَلِّي بِسَلَامِهِ أَحَدًا وَنَوَى الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ وَلَا شَيْءَ
عَلَيْهِ
قَالَ وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ تَسْلِيمَتَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عَنْ
يَسَارِهِ وَيَقُولُ لِكُلِّ وَاحِدٍ منهما السلام عليكم ورحمة الله
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ تَسْلِيمَتَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عَنْ
يَسَارِهِ وَيَقُولُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ الصَّالِحِ بْنِ حَيٍّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَدَاوُدَ وَالطَّبَرِيِّ
إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الظَّاهِرِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهَا هَلْ تَجِبُ التَّسْلِيمَتَانِ جَمِيعًا أَوِ الْوَاحِدَةُ
مِنْهُمَا عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ ((تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ))
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ السَّلَامُ لَيْسَ بِفَرْضٍ
قَالُوا وَيَخْرُجُ مِنَ الصَّلَاةِ بِمَا شَاءَ مِنَ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ
وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ
وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ السَّلَامُ فَرْضٌ وَتَرْكُهُ يُفْسِدُ
الصَّلَاةَ
إِلَّا أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ أَوْجَبَ التَّسْلِيمَتَيْنِ مَعًا
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492
وقال أبو جعفر الطحاوي لم يجد عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى التَّسْلِيمَتَيْنِ
أَنَّ الثَّانِيَةَ مِنْ فَرَائِضِهَا غَيْرَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ فِي إِيجَابِهِ التَّسْلِيمَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَوْلِهِ إِنَّ مَنْ
أَحْدَثَ بَعْدَ الْأُولَى وَقَبْلَ الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ - قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ))
ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفَ التَّسْلِيمُ
مِنْ حُجَّةِ مَنْ أَوْجَبَ التَّسْلِيمَةَ الْوَاحِدَةَ دُونَ الثَّانِيَةِ وَقَالَ يَخْرُجُ بِالْأُولَى مِنْ صَلَاتِهِ
وَجَعَلَ الثَّانِيَةَ سُنَّةً قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ)) قَالُوا وَالْوَاحِدَةُ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ
تَسْلِيمٍ
وَمِمَّنِ احْتَجَّ بِهَذَا الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ تسليمتين من وجوه
كثيرة
منها حديث بن مَسْعُودٍ وَهُوَ أَكْثَرُهَا تَوَاتُرًا
وَمِنْهَا حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ
وَحَدِيثُ عَمَّارٍ
وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عازب
وحديث بن عُمَرَ
وَحَدِيثُ سَعْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ
فَأَمَّا حديث بن مَسْعُودٍ فَرَوَاهُ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ ذَكَرَهَا
كُلَّهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُمَا
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
شَاكِرِ بْنِ الصَّايِغِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسرائيل عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأسود عن أبيه وعلقمة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَرَفْعٍ وَوَضْعٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ
يُسَلِّمُونَ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
وَهَكَذَا رَوَاهُ زُهَيْرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ حُرَيْثٍ عَنِ
الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493
وَحَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ الْيَحْصَبِيِّ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَرَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ حُجْرِ بن عنبس
عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ
وَحَدِيثُ عَمَّارٍ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ
عَمَّارٍ
وَحَدِيثُ بن عُمَرَ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ
عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ حَدِّثْنِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ كَانَتْ فَذَكَرَ التَّكْبِيرَ كُلَّمَا رَفَعَ رَأْسَهُ وَكُلَّمَا وَضَعَهُ وَذَكَرَ السَّلَامُ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَنْ يَمِينِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله عن يساره
رواه بن جُرَيْجٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو
بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ وَهُوَ إِسْنَادٌ مَدَنِيٌّ صَحِيحٌ
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ سَعْدٍ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ
وَسَائِرُ أَسَانِيدِ هَذِهِ الْآثَارِ مَذْكُورَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ورويت التسليمتان عن علي وبن مَسْعُودٍ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ ذَكَرَهَا أَبُو
بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي قَيْسٍ وَخْيَثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبَى
وَائِلٍ وَشَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَمَسْرُوقِ بْنِ
الْأَجْدَعِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَا يُسَلِّمَانِ تَسْلِيمَتَيْنِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
ذِكْرُهُ مِنَ الْإِبَاحَةِ