وأما حديثه عن نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ اخْتِلَافَ الْأَلْفَاظِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْهُ كَمَا قَالَ يَحْيَى إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ (...) |
وأما حديثه عن نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ اخْتِلَافَ الْأَلْفَاظِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْهُ كَمَا قَالَ يَحْيَى إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ وَالْمَعْنَى كُلُّهُ سَوَاءٌ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَنْ جَعَلَ الْحَدِيثَ من أصحاب نافع عن نافع عن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا قَالَ مالك ومن جعله عن نافع عن بن عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ وَخَالَفَ فِي لَفْظِهِ فَقَالَ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ الرَّوَاحُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَعَلَى مَنْ رَاحَ إِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ وَكُلُّهُمْ يَرْفَعُونَهُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنِ اغْتَسَلَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَيْسَ بِمُغْتَسِلٍ لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْجُمُعَةِ وَلَا فَاعِلٍ لِمَا أُمِرَ بِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ وَشُهُودِهَا لَا لِلْيَوْمِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ حديث جابر عن النبي عليه السلام أنه قَالَ الْغُسْلُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ يَوْمًا وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ عَلَى ما ذكرنا وأما ألفاظ حديث بن عُمَرَ هَذَا إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ أَوْ إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ الرَّوَاحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ قَالَ فِي الْمُوَطَّأِ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلَ نَهَارِهِ وَهُوَ يُرِيدُ بِذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْغُسْلَ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يَغْتَسِلَ لِرَوَاحِهِ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ قَالَ مَالِكٌ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُعَجِّلًا أَوْ مُؤَخِّرًا وَهُوَ يَنْوِي بِذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ فَأَصَابَهُ مَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْوُضُوءُ وَغُسْلُهُ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ وَمَذْهَبُ اللَّيْثِ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُ يُجْزِيهِ إِنِ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِلْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ وَقَالَ اللَّيْثُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ مَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ مِنْ غُسْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ بن وَهْبٍ صَاحِبِ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِذَا اغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ شَهِدَ الْجُمُعَةَ لَمْ يَكُنْ كَمَنْ شَهِدَ الْجُمُعَةَ عَلَى غُسْلٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِنْ كَانَ الْغُسْلُ لِلْيَوْمِ فَاغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ بِوُضُوءٍ فَغُسْلُهُ تَامٌّ وَإِنْ كَانَ الْغُسْلُ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّمَا شَهِدَ الْجُمُعَةَ عَلَى وُضُوءٍ وقال مالك في اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ عِنْدَ الرَّوَاحِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ شهد الْجُمُعَةَ أَجْزَأَهُ غُسْلُهُ وَإِنِ اغْتَسَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ يُرِيدُ الْجُمُعَةَ لَمْ يُجْزِهِ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ عِنْدَهُ لِلْيَوْمِ لَا لِلرَّوَاحِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْغُسْلُ هُوَ لِلرَّوَاحِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَإِنِ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ سُنَّةٌ وَمَنِ اغْتَسَلَ لِلْفَجْرِ لِلْجَنَابَةِ وَلَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنِ اغْتَسَلَ لَهَا دُونَ الْجَنَابَةِ وَهُوَ جُنُبٌ لَمْ يُجْزِهِ وقال بن الْمَاجِشُونِ إِذَا اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ أَجَزْأَهُ الْغُسْلُ فَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهُ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَمَذْهَبِ الثَّوْرِيِّ وقال الأثرم سئل بن حَنْبَلٍ عَنِ الَّذِي يَغْتَسِلُ سَحَرَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يُحْدِثُ أَيَغْتَسِلُ أَمْ يُجْزِيهِ الْوُضُوءُ فَقَالَ يُجْزِيهِ وَلَا يُعِيدُ الْغُسْلَ ثُمَّ قَالَ مَا سَمِعْتُ في هذا بأعلى من حديث بن أبزى وحديث بن أبزى ذكره بن أبي شيبة قال حدثنا بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يُحْدِثُ بَعْدَ الْغُسْلِ فَيَتَوَضَّأُ وَلَا يُعِيدُ غُسْلًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ وَعَلَى أَنَّهُ كَانَ غُسْلُهُ قَبْلَ الرَّوَاحِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يَذْكُرْ جَنَابَتَهُ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ يجزئ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا لَهَا فِي حِينِ الْغُسْلِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ بن كنانة وأشهب وبن وهب ومطرف وبن نافع ومحمد بن مسلمة وبن الْمَاجِشُونِ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ حَتَّى يَنْوِيَ غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَيَكُونُ ذَاكِرًا لِجَنَابَتِهِ فِي حِينِ غُسْلِهِ قَاصِدًا إِلَى الِاغْتِسَالِ مِنْهَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هذا بن القاسم وحكاه بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مَنِ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ لَا يَنْوِي الْجُمُعَةَ مَعَهَا أَنَّهُ غَيْرُ مُغْتَسِلٍ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يُجْزِيهِ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ إِلَّا مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ قَالَ يُجْزِيهِ غُسْلُ الْجَنَابَةِ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْقِيُّ أَيْضًا عَنْ أَشْهَبَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ لِلْفَرِيضَةِ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةَ السُّنَّةِ وَالنَّافِلَةِ وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِلنَّافِلَةِ فَيُصَلِّيَ بِهِ الْفَرِيضَةَ وَهَذَا يَقْضِي لِقَوْلِ أَشْهَبَ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالطَّبَرِيُّ الْمُغْتَسِلُ لِلْجَنَابَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُجْزِيهِ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَمِنَ الْجَنَابَةِ جَمِيعًا إِذَا نَوَى غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْجُمُعَةَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنِ اغْتَسَلَ يَنْوِي غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ جَمِيعًا فِي وَقْتِ الرَّوَاحِ أَنَّهُ يُجْزِيهِ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَا يَضُرُّهُ اشْتِرَاكُ النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ إِلَّا قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنَّهُمْ شَذُّوا فَأَفْسَدُوا الْغُسْلَ إِذَا اشْتَرَكَ فِيهِ الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ وَلَوْ نَوَى بِوُضُوءِ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ لَمْ يَضُرَّهُ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِابْنِ حَنْبَلٍ رَجُلٌ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ جَنَابَةٍ يَنْوِي بِهِ غُسْلَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ أَرْجُو أَنْ يُجْزِيَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا قُلْتُ لَهُ يُرْوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُجْزِيهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَنْكَرَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ ليث عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ لِلْجُمُعَةِ وَالْجَنَابَةِ غُسْلًا وَاحِدًا |