ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصَتَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ
لَغَوْتَ
وَبَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ يَقُولُ فِيهِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
 
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصَتَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ
لَغَوْتَ
وَبَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ يَقُولُ فِيهِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْأَلْفَاظُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَلِمَالِكٍ فِيهِ غَيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ قَدْ لَغَوْتَ أَيْ جِئْتَ بِالْبَاطِلِ وَمَا لَيْسَ بِحَقٍّ وَاللَّغْوُ الْبَاطِلُ
قَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) الْفُرْقَانِ 72 قَالَ لَا
يُسَاعِدُونَ أَهْلَ الْبَاطِلِ عَلَى بَاطِلِهِمْ
قَالَ وَالزُّورُ الْكَذِبُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ اللَّغْوُ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ لَيْسَ بِحَسَنٍ وَالْفُحْشُ أَشَدُّ مِنَ اللَّغْوِ وَاللَّغْوُ
وَالْهَجْرُ فِي الْقَوْلِ سَوَاءٌ وَاللَّغْوُ وَاللَّغَا لُغَتَانِ
قَالَ الْعَجَّاجُ
(عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20
وَلَا خِلَافَ عَلَيْهِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَجَاءَ فِي هَذَا الْمَعْنَى خِلَافٌ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَرُوِيَ
عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي بُرْدَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ وَالْإِمَامُ
يَخْطُبُ إِلَّا فِي حِينِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ خَاصَّةً
وَفِعْلُهُمْ هَذَا مَرْدُودٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُ أَحْوَالِهِمْ أَنْ
يُقَالَ إِنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَلَا عِلْمَ
لِمُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْعِرَاقِ بِهِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ عَلَى مَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ إِذَا لَمْ يَسْمَعْهَا لِبُعْدِهِ مِنَ
الْإِمَامِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ
لَا يَجُوزُ لِكُلِّ مَنْ شَهِدَ الخطبة سمع أو لم يسمع
وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ اسْتَمِعُوا وَأَنْصِتُوا
فَإِنَّ الْمُنْصِتَ الَّذِي لَا يَسْمَعُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَا لِلْمُسْتَمِعِ الصَّامِتِ
وَعَنِ بن عمر وبن عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ الْكَلَامَ وَالصَّلَاةَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَلَا
مُخَالِفَ لِهَؤُلَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ
فَسَقَطَ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الشَّعْبِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِنِّي لَأَقْرَأُ حِزْبِي إِذَا لَمْ
أَسْمِعِ الْإِمَامَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وعن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ يَحْرُمُ الْكَلَامُ مَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ
ذَهَبَ فِي غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ وَيَوْمُ عرفة والعيدين كذلك في الخطبة
قال بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أُسَبِّحُ وَأُهَلِّلُ وَأَدْعُو اللَّهَ فِي نَفْسَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَنَا أَعْقِلُ
الْخُطْبَةَ قَالَ لَا إِلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ وَاجْعَلْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ
قُلْتُ لِعَطَاءٍ كُنْتُ لَا أَسْمَعُ الْإِمَامَ أُسَبِّحُ وَأُهَلِّلُ وَأَدْعُو اللَّهَ لِنَفْسِي وَلِأَهْلِي وَأُسَمِّيهِمْ
بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ نَعَمْ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21
وَعَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ كَانَ يُؤْمَرُ
بِالصَّمْتِ
قُلْتُ فَإِنْ ذَهَبَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فِي الْجُمُعَةِ قَالَ تَكَلَّمْ إِنْ شِئْتَ
قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ قَتَادَةُ إِنْ حَدَّثُوا فَلَا تُحَدِّثْ
وَقَدْ مَضَى فِي التَّمْهِيدِ مِنْ هَذَا كَثِيرٌ
وَمِمَّنْ يَرَى أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ وَالْمَوْعِظَةِ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ
وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ
وَالْأَسَانِيدُ عَنْهُمْ فِي التَّمْهِيدِ
وَأَمَّا عِكْرِمَةُ وَعَطَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الخرساني فَقَالَا مَنْ قَالَ صَهٍ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ
لَغَا وَمَنْ لَغَا فَلَا جُمُعَةَ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ فِي تَمَامِ أَجْرِ الَّذِي شَاهَدَ الْخُطْبَةَ صَامِتًا أَيْ لَا جُمُعَةَ لَهُ مِثْلَ
جُمُعَةِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ يَقُولُونَ إِنَّ جُمُعَتَهُ مُجْزِيَةٌ عنه
ولا يصلي أربعا
قال بن وَهْبٍ مَنْ لَغَا كَانَتْ صَلَاتُهُ ظُهْرًا يَعْنِي فِي الْفَضْلِ
قَالَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ جُمُعَةٌ وحرم فضلها
وقال بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ هَلْ تَعْلَمُ شَيْئًا يَقْطَعُ جُمُعَةَ الْإِنْسَانِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ أَنْ
يُصَلِّيَ أَرْبَعًا مِنْ كَلَامٍ أَوْ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ لَا
وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَتْ قَصُرَتْ لِلْخُطْبَةِ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ
الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهَا لَا يُفْسِدُهَا مَا كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مِنْهَا فَقَدْ يُدْرِكُ الْمُصَلِّي مِنَ الْجُمُعَةِ
رَكْعَةً وَتَفُوتُهُ الْخُطْبَةُ فَتُجْزِيهِ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ
وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرَدِّ السَّلَامِ فِي الْخُطْبَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا يَرُدُّ
السَّلَامَ وَلَا يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ إِلَّا أَنْ يَرُدَّ إِشَارَةً كَمَا يَرُدُّهُ فِي الصَّلَاةِ
وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ قَالُوا لَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالْإِمَامُ
يَخْطُبُ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ
وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ بِالْعِرَاقِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ بِمِصْرَ وَلَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ
لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ كَرِهْتُ ذَلِكَ وَرَأَيْتُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ فَرْضٌ
قَالَ وَلَوْ شَمَّتَ عَاطِسًا قَدْ حَمِدَ اللَّهَ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُ فَضْلُهُ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ سُنَّةٌ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَحَكَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ
وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا
وَكَذَلِكَ حَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَكَذَلِكَ
حَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ شَمَّتَ وَرَدَّ السَّلَامِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمَّا كَانَ مَأْمُورًا بِالْإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ كَمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ فِي
الصَّلَاةِ لَمْ يُشَمِّتْ كَمَا لَا يُشَمِّتُ فِي الصَّلَاةِ
قَالَ فَإِنْ قِيلَ رَدُّ السَّلَامِ فَرْضٌ وَالصَّمْتُ لِلْخُطْبَةِ سُنَّةٌ قِيلَ لَهُ الصَّمْتُ فَرْضٌ لِأَنَّ
الْخُطْبَةَ فَرْضٌ وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِالْخَاطِبِ وَالْمَخْطُوبِ عَلَيْهِمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّ الصَّمْتَ فَرْضٌ وَاجِبٌ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَهِيَ سُنَّةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا مَعْمُولٌ بِهَا
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ وَلَغَا لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يُقَالُ لَهُ صَلِّهَا ظُهْرًا فَلَمَّا
أَجْمَعُوا عَلَى مَا وَصَفْنَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِنْصَاتَ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِهَا لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي
فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَنْ يَفْسَدَ الْعَمَلُ بِتَرْكِهَا فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْإِنْصَاتَ لَيْسَ بِفَرْضٍ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ