مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلم

ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ
شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلم
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36
ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ
شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا
هَكَذَا يَقُولُ عَامَّةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الحديث إلا قتيبة بن سعيد وبن وأبي أُوَيْسٍ
وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُفَ التِّنِّيسِيَّ وَأَبَا الْمُصْعَبِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا فِي رِوَايَتِهِمْ لِهَذَا الْحَدِيثِ
عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي
وَهُوَ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُ وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِيهِ
سَاعَةً هِيَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ سَاعَاتِهِ
وَالْفَضَائِلُ لَا تُورَدُ بِقِيَاسٍ وَإِنَّمَا فِيهَا التَّسْلِيمُ لِمَنْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِمَا غَابَ عَنْهُ
فَأَمَّا قَوْلُهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْقِيَامَ الْمَعْرُوفَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ هُنَا
الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الشَّيْءِ لَا الْوُقُوفَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (مَا دمت عليه قائما آل عمران 75
أَيْ مُوَاظِبًا بِالِاخْتِلَافِ وَالِاحْتِضَارِ
وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يُخَرِّجُ جَمَاعَةٌ الْآثَارَ
وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ صَلَاةٍ وَلَكِنَّهُ
وَقْتُ مُوَاظَبَةٍ فِي انْتِظَارِهَا
قَالَ الْأَعْشَى
(يَقُومُ عَلَى الْوَغْمِ (3) في قومه ... فيعفوا إِذَا شَاءَ أَوْ يَنْتَقِمُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ يقوم ها
هنا الْوُقُوفَ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُطَالَبَةَ بِالذَّحْلِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى طَلَبِ الْوَتْرِ حَتَّى يُدْرِكَهُ
وَأَمَّا السَّاعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاخْتَلَفَتْ فِيهَا الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ
فِيهَا الْعُلَمَاءُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37
وَقَالَ قَوْمٌ قَدْ رُفِعَتْ
وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ عندنا لحديث بن جُرَيْجٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
يُحَنَّسَ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ زَعَمُوا أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي في يوم الجمعة لا
يدعوا فِيهَا مُسْلِمٌ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ قَدْ رُفِعَتْ قَالَ كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قُلْتُ فَهِيَ فِي كُلِّ
جُمُعَةٍ أَسْتَقْبِلُهَا قَالَ نَعَمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا
فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِلَى أَنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَالَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ
جماعة
ومن حجتهم حديث يرويه بن وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنِ الْجَلَّاحِ مَوْلَى عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ
اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ
فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ فِي الْعَصْرِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ هُوَ مِنْ قَوْلِ
أَبِي سَلَمَةَ
وَقَالَ آخَرُونَ السَّاعَةُ الْمَذْكُورَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ هِيَ سَاعَةُ الصَّلَاةِ وَحِينُهَا مِنَ الْإِحْرَامِ
فِيهَا إِلَى السَّلَامِ مِنْهَا
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ لَا يَسْأَلُ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا أُعْطِيَ
بِقَوْلِهِ
قِيلَ أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ فَقَالَ مِنْ حِينِ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا
وَهُوَ حَدِيثٌ لَمْ يَرْوِهِ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ
وَقَالَ آخَرُونَ السَّاعَةُ الْمَذْكُورَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ يَفْتَتِحُ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ إِلَى الْفَرَاغِ
مِنَ الصلاة
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا
يَسْأَلُ الْعَبْدُ فِيهَا رَبَّهُ إِلَّا أَعْطَاهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ قَالَ مِنْ حِينِ يَقُومُ
الْإِمَامُ أَوْ مِنْ حِينِ يَجْلِسُ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تَقُومَ الصَّلَاةُ
رَوَاهُ بن وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ
عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَرَوَى رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ عَوْفٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى
أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا الْإِمَامُ إلى أن تقضى الصلاة فقال
بن عُمَرَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُجَيْرَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي
يُسْتَجَابُ فِيهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ فَقَالَ لَهَا مَعَ زَيْغِ الشَّمْسِ بِيَسِيرٍ إِلَى ذِرَاعٍ
فَإِنْ سَأَلْتِنِي بَعْدَهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ الشَّعْبِيِّ السَّاعَةَ الَّتِي تُرْجَى فِي
يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَحْرُمَ الْبَيْعُ إِلَى أَنْ يَحِلَّ
وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي السَّاعَةِ الَّتِي
تُرْجَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هِيَ مَا بَيْنَ خروج الإمام إلى انقضاء الصلاة
وقال بن سِيرِينَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقد رَوَى حُصَيْنٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ حَصِيرَةَ قَالَ السَّاعَةُ الَّتِي تُرْجَى فِي
الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى انْصِرَافِ الْإِمَامِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَيَشْهَدُ لِهَذِهِ الْأَقَاوِيلِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا))
أَيْ يُصَغِّرُهَا
وَيَحْتَجُّ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بِحَدِيثِ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا
زَالَتِ الشَّمْسُ وَفَاءَتِ الْأَفْيَاءُ وَرَاحَتِ الْأَرْوَاحُ فَاطْلُبُوا إِلَى اللَّهِ حوائجكم
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39
فَإِنَّهَا سَاعَةُ الْأَوَّابِينَ ثُمَّ تَلَا (فَإِنَّهُ كَانَ للأوابين غفورا الإسراء 17
وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ قَالَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلَهُ وَهُوَ
قَائِمٌ يُصَلِّي قَالَ وَبَعْدَ الْعَصْرِ لَا صَلَاةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُومَ
فَيُصَلِّيَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أُولَى مِنَ ادِّعَاءِ الْبَاطِنِ فِيهِ
وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ بن عباس
رواه سعيد بن جبير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ السَّاعَةُ الَّتِي تُذْكَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا بَيْنَ صَلَاةِ
الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ
وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ