مَالِكٌ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ عَنْ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ عُتْبَةَ بْنِ
مَسْعُودٍ) أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ مَاذَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى إِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ قال كان يقرأ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ عَنْ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ عُتْبَةَ بْنِ
مَسْعُودٍ) أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ مَاذَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى إِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ قال كان يقرأ (هل آتك
حديث الغشية) الْغَاشِيَةِ 1
قَوْلُهُ عَلَى إِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْجُمُعَةِ كَانَ يَقْرَأُ بِهَا وَلَا يَتْرُكُ
قِرَاءَتَهَا فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِهِ
وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِغَيْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ (وَلَوْ كَانَ
يَقْرَأُ سُورَةَ الْجُمُعَةِ) فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا مَا كَانَ سُؤَالُهُ مِثْلَ هَذَا السُّؤَالِ وَكَذَلِكَ لَوْ
كَانَ يَقْرَأُ مَعَهَا شَيْئًا وَاحِدًا أَبَدًا لِعِلْمِهِ كَمَا عَلِمَ سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَلَكِنَّهُ كَانَ مُخْتَلِفًا فَلَمْ
يَقِفْ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَسَأَلَ عَنِ الْأَغْلَبِ مِنْهُ فَأَخْبَرَهُ النُّعْمَانُ بِمَا عِنْدَهُ
وَقَدْ عَلِمَ غَيْرُ النُّعْمَانِ مِنْ ذَلِكَ خِلَافَ مَا عَلِمَ النُّعْمَانُ وَقَدْ أَدَّى عَنْهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ
وَسَلَّمَ أَصْحَابُهُ) مَا عَلِمُوا مِنْ ذَلِكَ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْآثَارِ فِيهِ وَهَذَا عِنْدَهُمْ مِنَ
اخْتِلَافِ الْمُبَاحِ الَّذِي وَرَدَ وُرُودَ التَّخْيِيرِ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ هَذَا
وَمِنْهَا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ
بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ بِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) الأعلى 1 (هل أتك حديث الغشية) الْغَاشِيَةِ 1 وَإِذَا اجْتَمَعَ
الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ قَرَأَ بِهِمَا جَمِيعًا
وَمِنْهَا حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ اسْتَخْلَفَ
مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى بِنَا أَبُو هريرة
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51
الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وفي الآخرة (إذا جاءك المنفقون)
الْمُنَافِقُونَ 1 قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّكَ قَرَأْتَ
بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيٌّ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْكُوفَةِ فَقَالَ أبو هريرة إني سمعت رسول الله
يَقْرَأُ بِهِمَا
وَمِنْهَا حَدِيثُ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن
بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ (وَإِذَا جَاءَكَ
الْمُنَافِقُونَ (2))
ومنها حديث زيد عُقْبَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقرأ فِي الْجُمُعَةِ بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) الأعلى 1 و (هل أتك حديث
الغشية) الْغَاشِيَةِ 1
وَهَذِهِ آثَارٌ صِحَاحٌ كُلُّهَا لَهَا طُرُقٌ كَثِيرَةٌ وَرُوِيَتْ مِنْ وُجُوهٍ غَيْرِ هَذِهِ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ بِمَا رَوَى فِي ذَلِكَ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أن يقرأ الإمام يوم الجمعة (هل أتك
حديث الغشية) الْغَاشِيَةِ 1 مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى) الأعلى 1
وذكر بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلَفَ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)
وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَتْرُكُ سُورَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْأَوْلَى وَيَقْرَأُ فِي
الثَّانِيَةِ بِمَا شَاءَ إلى أنه يستحب ما وصفنا
وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَسُنَّةٌ قَالَ
لَا أَدْرِي مَا سُنَّةٌ وَلَكِنْ مَنْ أَدْرَكْنَا كَانَ يَقْرَأُ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ قِيلَ لَهُ فَمَا
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52
تَرَى أَنْ يَقْرَأَ مَعَهَا قَالَ أَمَّا فِيمَا مَضَى فَ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وَأَمَّا اليوم
فيقرؤون بِالسُّورَةِ الَّتِي تَلِيهَا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ تَرَكَ سُورَةَ الْجُمُعَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْتَارُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأَوْلَى بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ (إِذَا جاءك
المنفقون) الْمُنَافِقُونَ 1
وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةٍ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ لَا يَتْرُكُ قِرَاءَةَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَلَى كُلِّ
حَالٍ فَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا لَمْ تَفْسَدْ صَلَاتُهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَتَرَكَ مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَا قَرَأَ بِهِ فَحَسَنٌ وَكَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُوَقِّتُوا فِي ذَلِكَ شَيْئًا
مِنَ الْقُرْآنِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرَهَا
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يَتَعَمَّدُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْجُمُعَةِ بِالسُّورَةِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْآثَارِ وَلَكِنْ
يَتَعَمَّدُ ذَلِكَ أَحْيَانًا وَيَدَعُ أَحْيَانًا
وَأَمَّا الِاحْتِبَاءُ فَذُكِرَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي
الْبَابِ فِيهِ شيئا
وذكر في رواية بن بُكَيْرٍ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
كَانَ يَحْتَبِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ
وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ
مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ وَلَا رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ التَّابِعِينَ كَرَاهِيَةُ الِاحْتِبَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ جَوَازُهُ وَأَظُنُّ مَالِكًا سَمِعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
مِنْ كَرَاهِيَةِ الِاحْتِبَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَأَنَّهُ قَدْ قَالَ بِهِ قَوْمٌ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ
وصح عنده فعل بن عُمَرَ وَبَلَغَهُ فَأَدْخَلَهُ فِي كِتَابِهِ
وَالْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ فِيهِ رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ
حَدَّثَنِي أَبُو مَرْحُومٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنِ
الِاحْتِبَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53
وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَقْبُرِيُّ فَذَكَرَهُ
قَالَ أَبُو داود وكان بن عُمَرَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَشُرَيْحٌ وَصَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ وَسَعِيدُ
بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالنَّخَعِيُّ وَمَكْحُولٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ يَحْتَبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ سَلَامَةَ لَا بَأْسَ بِهَا وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا كَرِهَهَا إِلَّا عُبَادَةَ بْنَ نُسَيٍّ
وَرُوِيَ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ جَوَازُ الِاحْتِبَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ والأوزعي وَالشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ
وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ