وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَجَلَسَ بَيْنَهُمَا
فَهُوَ مُرْسَلٌ فِي رِوَايَتِهِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ
وَقَدْ أَسْنَدْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ صِحَاحٍ كُلِّهَا
مِنْهَا (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَجَلَسَ بَيْنَهُمَا
فَهُوَ مُرْسَلٌ فِي رِوَايَتِهِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ
وَقَدْ أَسْنَدْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ صِحَاحٍ كُلِّهَا
مِنْهَا حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ قَائِمًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ
وَحَدِيثُ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ يَخْطُبُ قَائِمًا وَيَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْرًا وَخِطْبَتُهُ قَصْرًا وَكَانَ
يَتْلُو فِي خُطْبَتِهِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ (هَلْ هُوَ فَرْضٌ أَمْ سُنَّةٌ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَةِ) سُنَّةٌ
فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ يَجْلِسُ جِلْسَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَالْأُخْرَى بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجْلِسُ الْإِمَامُ أَوَّلَ مَا يَخْطُبُ وَيَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجْلِسُ حِينَ يَظْهَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ لِأَنَّهُ يَنْتَظِرُ الْأَذَانَ وَلَا
يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُ أذانا فإن ترك الجلوس الأول كراهته وَلَا إِعَادَةَ
عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا فَصْلَ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فلابد مِنْهُ
فَإِنْ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا أعاد ظهرا أربعا
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَيَجْلِسُ جِلْسَتَيْنِ
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْخُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْهُمَا وَهَلْ هِيَ فَرْضٌ أَوْ سُنَّةٌ
فَالرِّوَايَاتُ عَنْ أَصْحَابِنَا فِيهَا مُضْطَرِبَةٌ وَالْخُطْبَةُ عِنْدَنَا في الجمعة فرض وهو
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59
قول بن الْقَاسِمِ وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ إِلَّا أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ مِنَ الْكَلَامِ الْمُؤَلَّفِ
الْمُبْتَدَإِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَأَمَّا تَكْبِيرَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَلَا تجزئه
وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ إِنْ كَبَّرَ أَوْ هَلَّلَ أَوْ سَبَّحَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْخُطْبَةِ
قَالَ بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ وَيَجْلِسُ جِلْسَتَيْنِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا تَكُونُ جُمُعَةً إِلَّا بِخُطْبَةٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تُجْزِئُ الْجُمُعَةُ بِأَقَلَّ مِنْ خُطْبَتَيْنِ قَائِمًا فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا وَهُوَ يُطِيقُ
لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُ يُطِيقُ لَمْ تُجْزِهِمْ جُمُعَةٌ
قَالَ وَأُقِلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ مِنْهُمَا أَنْ يحمد الله في أو كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُوصِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَيَقْرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ فِي
الْأُولَى وَيَدْعُوَ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ جَمْعُ بَعْضِ الْكَلَامِ إِلَى بَعْضٍ
قَالَ وَإِنْ خَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً عَادَ فَخَطَبَ ثَانِيَةً مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى ذَهَبَ الْوَقْتُ
أَعَادَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا
قَالَ وَلَا تَتِمُّ الْخُطْبَةُ إِلَّا أَنْ يَقْرَأَ فِي إِحْدَاهُمَا بِآيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَيَقْرَأُ فِي الْآخِرَةِ أَيْضًا
بِآيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَالْقِرَاءَةُ فِي الْأُولَى أَكْثَرُ وَمَا قَدَّمَ مِنَ الْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ أَوِ الْقِرَاءَةِ أَوْ
أَخَّرَ لَمْ يَضُرَّهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِنْ خَطَبَ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ
قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا أَجْزَأَهُ
مِنَ الْخُطْبَةِ
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَكُونَ كَلَامًا يُسَمَّى خُطْبَةً
قَالَ أَبُو عمر قال الله تعالى (يأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلوة مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ الجمعة 9 والذكر ها هنا الصلاة والخطبة بإجماع
فأبان رسول الله الْجُمُعَةَ بِفِعْلِهِ كَيْفَ هِيَ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ هِيَ وَكَمْ رَكْعَةٍ هِيَ وَلَمْ
يُصَلِّهَا قَطُّ إِلَّا بِخُطْبَةٍ
فَكَانَ بَيَانُهُ ذَلِكَ فَرْضًا كَسَائِرِ (بَيَانِهِ لِمُجْمَلَاتِ الصَّلَوَاتِ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا
وَأَوْقَاتِهَا وَفِي الزَّكَوَاتِ وَمَقَادِيرِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُجْمَلَاتِ الْفَرَائِضِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا
فِي الْكِتَابِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى وُجُوبِ الْخُطْبَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَتَرَكُوكَ قَائِمًا الْجُمُعَةِ
11 لِأَنَّهُ عَاتَبَ بِذَلِكَ الَّذِينَ تَرَكُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يَخْطُبُ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ وَانْفَضُّوا إِلَى التِّجَارَةِ الَّتِي قُدِّمَتِ الْعِيرُ بِهَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَعَابَهُمْ بِذَلِكَ وَلَا
يُعَابُ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ
وَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْقَوْلِ فِي وُجُوبِهَا لَازِمٌ قَاطِعٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا قَائِمًا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فَإِنْ أَعْيَا وَجَلَسَ لِلرَّاحَةِ
لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَعُودَ قَائِمًا
وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ رُبَّمَا اسْتَرَاحَ فِي الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَكَلَّمُ قَائِمًا
وَأَوَّلُ مَنْ خَطَبَ جَالِسًا مُعَاوِيَةُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي مَوْضِعِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61