وَأَمَّا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَ يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا فَهَذَا الْمَعْنَى مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةِ الْأَسْلَمِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مَنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ أَحْسَنُهَا حَدِيثُ يَحْيَى (...) |
وَأَمَّا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَ يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا
فَهَذَا الْمَعْنَى مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةِ الْأَسْلَمِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مَنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ أَحْسَنُهَا حَدِيثُ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو المنهال سيار بن سلامة عن أبي برزة قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن الثوم قَبْلَهَا وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا يَعْنِي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ (1) وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِي فَإِذَا بِقَوْمٍ تُضْرَبُ رؤوسهم بِالصَّخْرِ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ يا محمد بن أُمَّتِكَ قُلْتُ وَمَا بَالُهُمْ قَالَ كَانُوا يَنَامُونَ عَنِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنَامُونَ عَنْهَا وَلَا يُصَلُّونَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ وَقْتِهَا وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ نَامَ لَيْلَهُ كُلَّهُ حَتَّى أَصْبَحَ ذَلِكَ رَجُلٌ بَالُ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ قَالَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ حَتَّى انْقَضَى اللَّيْلُ كُلُّهُ وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مِنَ السَّلَفِ قَوْمًا كَانُوا يَنَامُونَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَيُصَلُّونَ فِي وَقْتِهَا رَوَى شُعْبَةُ قَالَ سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنِ النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ قَدْ كَانُوا يَنَامُونَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَإِسْنَادُهُ عَنْ شُعْبَةَ فِي التَّمْهِيدِ رَوَى سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي لَيْلَتَيْنِ وينام ما بين المغرب والعشاء وعن بن عمر أنه كان يرقد قبل الصلاة الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يُوقِظُهُ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ بن علية عن أيوب عن بن عُمَرَ قَالَ وَحَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبراهيم أو مجاهد قال كان بن عُمَرَ يَكَادُ يَسُبُّ الَّذِي يَنَامُ عَنِ الْعِشَاءِ وَالْإِسْنَادُ الْأَوَّلُ عَنْهُ أَجْوَدُ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي عَلَى مَا وَصَفْتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرُوِيَ عَنْ بَرِيدٍ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ رُبَّمَا أَغْفَى قَبْلَ الْعِشَاءِ وَرُوِيَ أَنَّهُ مَا كَانَتْ نَوْمَةٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَوْمَةٍ بَعْدَ الْعَشَاءِ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَذَكَرْتُ إِبَاحَةَ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلِيٍّ الأزدي وسعيد بن جبير وبن سيرين ذكره بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمْ وَهَذَا كُلُّهُ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ فِي وَقْتِهَا أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَأَمَّا الَّذِينَ كَرِهُوا النَّوْمَ قَبْلَهَا فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَدَعَا عَلَى مَنْ نَامَ قَبْلَ الْعِشَاءِ قَالَ فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ مِنَّا الْمَخَارَجَ وَالْمَضَارَبَ فَهَلْ عَلَيْنَا حَرَجٌ أَنْ نَنَامَ قَبْلَ الْعِشَاءِ قَالَ نَعَمْ! وَحَرَجٌ وَحَرَجَانِ وَثَلَاثَةُ أحراج وعن بن عُمَرَ أَيْضًا لِسَائِلٍ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنْ نِمْتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ تَصَلِّيَهَا فَلَا نامت عينك وعن بن عَبَّاسٍ قَالَ مَا أُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلَا الْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَأَنْ أُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَنَامَ ثُمَّ أُصَلِّيَهَا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فِي جَمَاعَةٍ وَهَذَا عِنْدِي إِسْرَافٌ وَصَلَاتُهَا فِي الْحَضَرِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا لِعُذْرٍ صَحِيحٍ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى كَرَاهَةِ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا وَاحْتَجَّ مالك بما ذكره في موطئه عن سيعد بْنِ الْمُسَيَّبِ وَذُكِرَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَهَا فِي كِتَابِ الْجَامِعِ أَنَّهَا كَانَتْ تُرْسِلُ بَعْضَ أَهْلِهَا بَعْدَ الْعَتَمَةِ تَقُولُ لَهُمْ أَلَا تُرِيحُونَ الْكِتَابَ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَيَكْرَهُونَ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَيُرَخِّصُونَ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَهَا فِيمَا لَا مَأْثَمَ فِيهِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ مَنْ نَامَ قَبْلَ ثُلْثِ اللَّيْلِ وَقَدْ ذَكَرْنَا في التمهيد حديث بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا سَمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَّا لِمُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ |