ذكر فيه مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ فَإِذَا فَرَغَ
اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْوِتْرُ بِوَاحِدَةٍ وَهُوَ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ (...)
 
ذكر فيه مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ فَإِذَا فَرَغَ
اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْوِتْرُ بِوَاحِدَةٍ وَهُوَ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يُوتَرُ بِثَلَاثٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ
بِسَلَامٍ
وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوْضِعِهَا مِنَ الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَهَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ عند رواة الموطأ
وخالف أصحاب بن شِهَابٍ مَالِكًا فِي مَعْنًى مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الِاضْطِجَاعَ فِيهِ بَعْدَ
رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لَا بعد الوتر
ومن أصحاب بن شِهَابٍ مَنْ قَالَ فِيهِ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ
مِنْهَا فِي كل ويوتر بواحدة هكذا رواه بن أَبِي ذِئْبٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَالْأَوْزَاعِيُّ عَنِ
بن شِهَابٍ
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَعُقَيْلٌ وَشُعَيْبٌ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ لَمْ يَقُولُوا يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَلَا
ذَكَرُوا يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي إسناده عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ عَنْهُمْ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَدْ أَنْكَرَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَالِكٍ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْتَرَ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ فَإِذَا فَرَغَ
اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95
وَقَالُوا لَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ فِي الْحَدِيثِ عَنِ بن شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إِلَّا بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ
كَذَلِكَ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ الحارث ويونس وبن أبي ذئب عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ
عَائِشَةَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ وَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ
خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلْإِقَامَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إن أصحاب بن شِهَابٍ إِذَا اخْتَلَفُوا فَالْقَوْلُ مَا
قَالَهُ مَالِكٌ فهو أثبتهم في بن شِهَابٍ وَأَحْفَظُهُمْ لِحَدِيثِهِ وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ اضْطِجَاعُهُمْ
مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا
وَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ
عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ الْحَدِيثَ قَالَ ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ
حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اضْطِجَاعَهُ كَانَ بَعْدَ الْوِتْرِ وَبَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ
وَلَكِنَّهُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ بن شهاب هذا وإنما يقولون فيه عن بن شِهَابٍ
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي فِيمَا بَيْنَ
أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَنْصَدِعَ الْفَجْرُ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ
اثْنَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَيَمْكُثُ فِي سُجُودِهِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ
يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ
اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ سَاقَهُ هَكَذَا وَمَنْ خَالَفَ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا
وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى مَا يَقْضِي لِرِوَايَةِ مَنْ
رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ
وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ اضْطِجَاعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ سُنَّةٌ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ
وَإِسْنَادُهُ مَذْكُورٌ فِي التَّمْهِيدِ
وَأَبَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَلِكَ وَقَالُوا لَيْسَ الِاضْطِجَاعُ سُنَّةً وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاحَةً لِطُولِ قِيَامِهِ
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعْ وَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي
وَفِي لَفْظِ بَعْضِ النَّاقِلِينَ لِهَذَا الْحَدِيثِ إِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي وَإِلَّا فَاضْطَجَعَ
وَرَوَى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِالضَّجْعَةِ بَيْنَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ
إِنْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا
وَقَالَ الْأَثْرَمُ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَقَالَ
مَا أَفْعَلُهُ أَنَا فَإِنْ فَعَلَهُ رَجُلٌ ثُمَّ سَكَتَ كَأَنَّهُ لَمْ يَعِبْهُ إِنْ فَعَلَهُ قِيلَ لَهُ لِمَ لَمْ تَأْخُذْ بِهِ
لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ
قُلْتُ لَهُ حَدِيثُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ مُرْسَلًا
وَعَنِ بن عُمَرَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ
أَنَّهُمْ أنكروا الضجعة بعد ركعتي الفجر وقال بن عُمَرَ إِنَّهَا بِدْعَةٌ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رواية جماعة من أصحاب بن شِهَابٍ اتِّخَاذُ مُؤَذِّنٍ ثَابِتٍ لِلْأَذَانِ
وَفِيهِ إِشْعَارُ الْمُؤَذِّنِ لِلْإِمَامِ لِدُخُولِ الْوَقْتِ وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُؤَذِّنِينَ
ارْتِقَابَ الْأَوْقَاتِ
وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَا يُجِيزُ الْأَذَانَ بِصَلَاةِ الصبح قبل الفجر بحديث بن شِهَابٍ هَذَا
مِنْ رِوَايَةِ عُقَيْلٍ وَغَيْرِهِ قَوْلِهِ فِيهِ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ قَامَ فَصَلَّى
رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97
قَالُوا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ فِي حِينِ يَجُوزُ
عَمَلُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لِقَوْلِهِ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ
وَهَذَا التَّأْوِيلُ قَدْ عَارَضَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ وَقَدْ مَضَى
الْقَوْلُ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ