وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ
عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ كَثِيرًا مِنْ طُرُقِهِ وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لَهُ
وَفِيهِ جَوَازُ مَبِيتِ الغلمان عند ذوات أرحامهم
وكان بن عَبَّاسٍ نَامَ تِلْكَ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ
عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ كَثِيرًا مِنْ طُرُقِهِ وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لَهُ
وَفِيهِ جَوَازُ مَبِيتِ الغلمان عند ذوات أرحامهم
وكان بن عَبَّاسٍ نَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةِ زَوْجِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَيْهِنَّ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ إِحْدَاهَا وَهِيَ أَوْكَدُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ
وَفِيهِ التَّحَرِّي فِي الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي لِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ هَذَا فِرَارٌ مِنَ
الْكَذِبِ وَوَرَعٌ صَادِقٌ وَامْتِثَالُ هَذَا مِنْ أَفْعَالِ أهل الصدق
والوسادة ها هنا الْفِرَاشُ وَشِبْهُهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ فِي
طُولِهَا وَنَامَ هُوَ فِي عَرْضِهَا مُضْطَجِعًا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ
وَفِيهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لِأَنَّهُ نَامَ النَّوْمَ الْكَثِيرَ الَّذِي لَا يُخْتَلَفُ فِي
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103
مِثْلِهِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَمَسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ خَوَاتِيمَ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَامَ
إِلَى الشَّنِّ الْمُعَلَّقِ فَتَوَضَّأَ
وَالشَّنُّ الْقِرْبَةُ الْخَلَقُ وَالْإِدَاوَةُ الْخَلَقُ يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شَنَّةٌ وَشَنٌّ وَجَمْعُهَا شِنَانٌ
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ قَرِّسُوا الْمَاءَ فِي الشِّنَانِ
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخَذَ عُمَرُ قَوْلَهُ لِلَّذِي قَالَ لَهُ أَتَقْرَأُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَفْتَاكَ بِهَذَا أَمُسَيْلِمَةُ!
وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَمَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ مَا لَمْ يَكُنْ حَدَثُهُ جَنَابَةً
وَرَوَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَحْجِزُهُ عَنْ
قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ شيء إلا الجنابة
رواه الأعمش وشعبة وبن أَبِي لَيْلَى وَمِسْعَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ
وَرُوِيَ مِثْلُهُ وَمَعْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ
الْغَافِقِيِّ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ
عَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ
وَقَدْ شذت فرق فأجازت قراءته جنبا وهي مخجوجة بِالسُّنَّةِ وَأَقَاوِيلِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا
الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ لَمْ يُجِزْ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَؤُمَّ أَحَدًا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ مَعَ الْإِحْرَامِ
لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ ينو إمامة بن عَبَّاسٍ وَقَدْ قَامَ إِلَى جَنْبِهِ مُؤْتَمًّا بِهِ
فَأَقَرَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَكَ بِهِ سُنَّةُ الْإِمَامَةِ إِذْ نَقَلَهُ عَنْ شِمَالِهِ
إِلَى يَمِينِهِ
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ
أحدها هذاوقد ذكرنا فساده
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104
وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ لِكُلِّ مَنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا لِمَنِ ائْتَمَّ بِهِ فِي تِلْكَ
الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ عِنْدَ افْتِتَاحِهَا لِأَنَّ الْإِمَامَةَ وَالْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاةِ فِعْلُ خَيْرٍ لَمْ
يَمْنَعِ اللَّهُ مِنْهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ
وَقَالَ آخَرُونَ أَمَّا الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ إِذَا أَذَّنَ فَقَدْ دَعَا النَّاسَ إِلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ انْتَظَرَ فَلَمْ
يَأْتِهِ أَحَدٌ فَتَقَدَّمَ وَصَلَّى وَحْدَهُ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ وَيَكُونَ
إِمَامَهُ لِأَنَّهُ قَدْ دَعَا النَّاسَ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ
وَالْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَالْقَوْلِ فِيمَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ فَمَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ فِي كُلِّ
رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَبِمَا ذَكَرْنَا
فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ وَقَوْلُهُ فِيهِ بَعْدَ
ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ أَوْتَرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ وَاحِدَةٌ مُنْفَصِلَةٌ مِمَّا قَبْلَهَا
وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَقَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى
الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَمِنْ جَعَلَهُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَمَا فِي ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ فَلَا وَجْهَ
لِإِعَادَتِهِ هُنَا
وَرِوَايَةُ مَالِكٍ في رواية بن عَبَّاسٍ هَذَا بِمَعْنَى رِوَايَتِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى مَا
وَصَفْنَا فِي هَذَا الْبَابِ
وَأَمَّا قول بن عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ يَعْنِي إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخْذَ بِأُذُنِي يَفْتِلُهَا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَامَ
عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ
وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُقِمْهُ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَكْثَرُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ كُرَيْبٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَاتِ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ مِنْ حَدِيثِ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ
وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثابت كلهم عن كريب عن بن
عَبَّاسٍ
وَمِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا عن بن عَبَّاسٍ
وَكُلُّهُمْ يَصِفُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا وَهِيَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا فِي الْإِمَامِ إِذَا قَامَ
مَعَهُ وَاحِدٌ أَنَّهُ لَا يَقُومُ إِلَّا عن يمينه
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105
وَاخْتَلَفُوا فِي الِاثْنَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَاحْتَجُّوا إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً سِوَى الْإِمَامِ أَنَّهُمْ يَقُومُونَ خَلْفَهُ وَقِيلَ إِنَّهُ إِنَّمَا فَتَلَ أُذُنَهُ لِيَذْكُرَ
ذَلِكَ وَلَا يَنْسَاهُ وَقِيلَ لِيَذْهَبَ نَوْمُهُ