وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ ذَكَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عن بن مُحَيْرِيزٍ عَنِ الْمُخْدِجِيِّ الْكِنَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى إِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (...) |
وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ ذَكَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ
عن بن مُحَيْرِيزٍ عَنِ الْمُخْدِجِيِّ الْكِنَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى إِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسِ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَذَكَرُوا الْوِتْرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَاجِبٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ سُنَّةٌ فَقَالَ عُبَادَةُ أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَتَانِي جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لَكَ قَدْ فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مَنْ وَافَانِي بهن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 عَلَى وُضُوئِهِنَّ وَمَوَاقِيتِهِنَّ وَرُكُوعِهِنَّ وَسُجُودِهِنَّ فَإِنَّ لَهُ بِهِنَّ عِنْدِي عَهْدًا أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَقِيَنِي قَدِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلَيْسَ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ وَإِنْ شِئْتُ رَحِمْتُهُ وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ رَوَاهُ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ إِلَّا أَنَّ عُقَيْلًا لَمْ يَذْكُرِ الْمُخْدِجِيَّ فِي إِسْنَادِهِ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ والمخدجي عِنْدَهُمْ لَا يُعْرَفُ وَقِيلَ اسْمُهُ (أَبُو) رَفِيعٍ ذكر ذلك عن بن معين وأما بن مُحَيْرِيزٍ فَأَشْهَرُ فِي الثِّقَةِ وَالْجَلَالَةِ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى ذِكْرِهِ وَقَالَ مَالِكٌ الْمُخْدِجِيُّ لَقَبٌ لَيْسَ يُنْسَبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعَرَبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنَ السَّلَفِ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ فَحَافِظُوا عَلَيْهَا وَحَدِيثُ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رسول الله فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ الْوِتْرِ جَعَلَهَا اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا وَكُلُّهَا آثَارٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ زَادَكُمْ صَلَاةً لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِلْفَرْضِ لِاحْتِمَالِهِ أَنْ يَكُونَ زَادَنَا فِيمَا يَكُونُ لَنَا زِيَادَةً فِي أَعْمَالِنَا كَمَا جاء في الوصية عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَكُمْ ثُلْثَ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً في أعمالكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 وَمَعْلُومٌ أَنَّمَا هُوَ لَنَا خِلَافٌ لِمَا افْتَرَضَ علينا ويصحح هذا التأويل قوله عز ةوجل (حفظوا على الصلوات والصلوة الْوُسْطَى الْبَقَرَةِ 238 وَلَوْ كَانَتْ سِتًّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا وُسْطَى وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ (1) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَقَالَ لَهُ أَعْرَابِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ وَالْآثَارُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي التَّمْهِيدِ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْسَ الْوِتْرُ بِحَتْمٍ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُهُ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَخَصَّ أَهْلَ الْقُرْآنِ بِذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ قَالَ أَحْمَدُ وَأَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَيْسَ الْوِتْرُ بِحَتْمٍ مِثْلَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مَا يَقُولُ مَا يَقُولُ فَقَالَ لَيْسَ لَكَ وَلَا لِأَصْحَابِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِيَقِينٍ لَا خِلَافَ فِيهِ فَكَيْفَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعًا لِشُذُوذِ الْخِلَافِ فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُ عُبَادَةَ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ الْوِتْرُ وَاجِبٌ فَأَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ وُجُوهِ الصَّحَابَةِ اسْمُهُ مَسْعُودُ بْنُ أَوْسٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يَنْبَغِي مِنْ ذِكْرِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى قَوْلِ عُبَادَةَ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ عِنْدَ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ كَذَبَ كَعْبٌ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ هُنَا وَاخْتِصَارُ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَيْ غَلِطَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَوَهَمَ وَقَدْ مَضَتِ الشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ الْآثَارَ الْوَارِدَةَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ عُبَادَةَ هَذَا وَأَوْرَدْنَا مِنْ طُرُقٍ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَا تَبَيَّنَ بِهِ صِحَّتَهُ وَأَنَّ الْمُخْدِجِيَّ لَمْ يَأْتِ فِيهِ إِلَّا بِمَعْنَى مَا تَوَاتَرَتِ الرِّوَايَةُ بِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَهُوَ مُقِرٌّ مُوقِنٌ بِفَرْضِ الصَّلَاةِ مُؤْمِنٌ بِهَا أَوْ صَلَّى وَلَمْ يُقِمِ الصَّلَاةَ بِمَا يَجِبُ فِيهَا وَمَاتَ لَا يشرك بالله شيئا مقرى بِالنَّبِيِّينَ مُصَدِّقًا لِلْمُرْسَلِينَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ به محمد صلى الله عليه وسلم حَقٌّ إِلَّا أَنَّهُ مُقَصِّرٌ مُفْرِطٌ عَاصٍ لَمْ يَتُبْ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى أَدْرَكَتْهُ مَنِيَّتُهُ أَنَّهُ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دون ذلك لمن يَشَاءُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِهَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عُبَادَةَ هَذَا فِي التَّمْهِيدِ وَيَأْتِي ذِكْرُ أَحْكَامِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمُقِرِّ بِهَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ بُسْرِ بن محجن في قوله صلى الله عليه وسلم مَا لَكَ لَمْ تُصَلِّ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 |