وَرَوَى مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخَفِّفُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى أَنِّي لَأَقُولُ أَقَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ أَسْنَدَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (...) |
وَرَوَى مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخَفِّفُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى أَنِّي لَأَقُولُ أَقَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ أَسْنَدَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِنَ الثِّقَاتِ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَحَدِيثُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ سَمِعَ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَقُولُ أَقَرَأَ فِيهِمَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَمْ لَا وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا هُوَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي التَّمْهِيدِ وَفِي قَوْلِ عَائِشَةَ حَتَّى أَنِّي لَأَقُولُ أَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا ذَلِكَ عَلَى التَّخْفِيفِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا يُزَادَ فِيهِمَا عَلَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ هُوَ الْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَفِي قَوْلِ عَائِشَةَ أَقَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لا دليل على أن قراءته صلى الله عليه وسلم فِيهِمَا كَانَتْ سَوَاءً وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَقُولُ يَجْهَرُ بِمَا يَقْرَأُ فِيهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 وَأَصْبَحَ مَنْ قَالَ فِيهِمَا بِ (قُلْ هُوَ الله أحد) و (قل يأيها الكفرون) وَاسْتَدَلَّ فِي تَهْذِيبِ الْآثَارِ مِنْ ذَلِكَ تَخْرِيجُهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ فَمَنْ شَاءَ أَسَرَّ فِيهِمَا وَمَنْ شَاءَ جَهَرَ وَمَنْ شَاءَ اقْتَصَرَ عَلَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَمَنْ شَاءَ قرأ معها (قل يأيها الكفرون) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَفِيهِ دَلِيلٌ أيضا على أن قراءة أم القرآن لابد مِنْهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (قل يأيها الكفرون) من حديث عائشة وحديث بن عمر وحديث بن مَسْعُودٍ وَهِيَ كُلُّهَا صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ قَدْ ذَكَرْتُهَا بِطُرُقِهَا فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرُوِيَ مِنْ حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا مَا يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الفجر (قولوا ءامنا بالله وما أنزل إلينا) الْبَقَرَةِ 136 فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَيَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ (ءامنا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ آلِ عِمْرَانَ 52 وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ لِمَا وَصَفْنَا وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يُقْرَأُ بِهِ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَقَالَ مَالِكٌ أَمَّا أَنَا فَلَا أَزِيدُ فِيهَا عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رواه بن القاسم عنه وقال بن وَهْبٍ عَنْهُ لَا يَقْرَأُ فِيهِمَا إِلَّا بِأُمِّ القرآن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُخَفِّفُ فِيهِمَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ سُورَةً قَصِيرَةً وَرَوَى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا مِثْلَهُ وَرَوَى الْبُوَيْطِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ أُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ الْمُصَلِّي فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ (قل هو الله أحد) و (قل يأيها الكفرون) وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُخَفِّفُ فَإِنْ شَيْءٌ مِنْ حِزْبِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَهُ فِيهِمَا وَيُطَوِّلُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رُبَّمَا قَرَأْتُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حِزْبِي مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَرَأَ فِيهِمَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد) و (قل يأيها الكفرون) قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ بِهَذَا آخُذُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي مُرَاعَاةِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَاهْتِبَالِهِمْ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَتَخْفِيفِهِمَا وَمَا يُقْرَأُ فِيهِمَا مَعَ مُوَاظَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ مُؤَكَّدَاتِ السُّنَنِ وَعَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَأْبَى أَنْ يُسَمِّيَهَا سُنَّةً وَيَقُولَ هُمَا مِنَ الرَّغَائِبِ وَلَيْسَتَا سُنَّةً وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَفْعَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا سُنَّةٌ يُحْمَدُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَقُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ ذَلِكَ خُصُوصٌ لِي وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ سُنَّتِهِ الْمُؤَكَّدَةِ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ بِمُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهَا وَنَدْبِ أُمَّتِهِ إِلَيْهَا وَهَذَا كُلُّهُ موجود محفوظ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ رَكَعَتَا الْفَجْرِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْتُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 وروى عبيد بن عمير بن عَائِشَةَ قَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً مِنْهُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ بِفَرِيضَةٍ فَهُوَ نَافِلَةٌ وَمِنَ النَّوَافِلِ مَا هُوَ سُنَّةٌ بِمُوَاظَبَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَأْكِيدِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي السُّنَنِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَاهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ كَمَا قَضَى الْفَرِيضَةَ وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى شَيْئًا مِنَ السُّنَنِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِمَا غَيْرَهُمَا وَفِي حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْرِعُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ إِسْرَاعَهُ إِلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَا إِلَى غَنِيمَةٍ وَرَوَى سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا فِي التَّمْهِيدِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَّا مَا لَمْ يَدَعْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا وَلَا مَرِيضًا وَلَا فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ فَرَكْعَتَا الْفَجْرِ وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (ومن اليل فسبحه وإدبر النجوم ق 40 قَالَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْغَدَاةِ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِدْبَارُ النُّجُومِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ |