قوله : (وكل ميسر لما خلق له ، والأعمال بالخواتيم ، والسعيد من سعد بقضاء الله ، والشقي من شقي بقضاء الله)
 
ش : تقدم حديث علي رضي الله عنه وقوله صلى الله عليه وسلم : اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، وعن زهير عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : جاء سراقة بن مالك بن جعشم ، فقال : يا رسول الله ، بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن ، فيم العمل اليوم ؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ، أم فيما يستقبل ؟ قال : لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير، قال : ففيم العمل ؟ قال زهير : ثم تكلم أبو الزبير بشيء لم أفهمه ، فسألت . ما قال ؟ فقال : اعملوا فكل ميسر . رواه مسلم . وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ، خرجاه في الصحيحين وزاد البخاري : وإنما الأعمال بالخواتيم . وفي الصحيحين أيضاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ، فوالذي لا إله غيره ، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها . والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وكذلك الآثار عن السلف . قال أبو عمر بن عبد البر في التمهيد : قد أكثر الناس من تخريج الآثار في هذا الباب ، وأكثر المتكلمون من الكلام فيه ، وأهل السنة مجتمعون على الإيمان بهذه الآثار واعتقادها وترك المجادلة فيها ، وبالله العصمة والتوفيق .