وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ
فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنُ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ
فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنُ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ
فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ
مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ
فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ الْمُوجِبُونَ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَرِضًا دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِمَا يَكْفِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْرَاقَ
بُيُوتِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْهَا فَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ هِيَ كُلُّ صَلَاةٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْهُمْ
وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ
وَحُجَّتُهُمْ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ
النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بن معروف قال أخبرنا بن وهب قال أخبرنا بن أَبِي
ذِئْبٍ عَنْ عَجْلَانَ مَوْلَى الْمُشْمَعِلِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لَيَنْتَهِيَنَّ رِجَالٌ مِمَّنْ حَوْلَ الْمَسْجِدِ لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاءَ أَوْ لَأُحَرِّقَنَّ عَلَيْهِمْ
بُيُوتَهُمْ أَوْ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ بِحُزَمِ الْحَطَبِ
وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ مَالِكٍ هَذَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فِيهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ
مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139
قال أخبرنا عطاء الخرساني عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَتِ الصَّلَاةُ التي أراد النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَرِّقَ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا صَلَاةَ الْعِشَاءِ
قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ هِيَ الْعِشَاءُ أَوِ الْفَجْرُ
هَكَذَا رَوَاهُ مَرْفُوعًا عَلَى الشَّكِّ
وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ هِيَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هِيَ الْجُمُعَةُ
هَكَذَا ذُكِرَ أَيْضًا مَرْفُوعًا
قَالَ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ كَانَتِ الصَّلَاةُ
الَّتِي أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَرِّقَ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا الْجُمُعَةَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا
الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ
بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ أَخْرُجَ بِفِتْيَانِي مَعَهُمْ حُزَمُ الْحَطَبِ فَأُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ بُيُوتَهُمْ يَسْمَعُونَ
النِّدَاءَ ثُمَّ لَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ
وَسُئِلَ يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ أَفِي الْجُمُعَةِ هَذَا أَمْ فِي غَيْرِهَا فَقَالَ مَا سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ذَكَرَ
جُمُعَةً وَلَا غَيْرَهَا
وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِنَّ الْحَدِيثَ فِي الْإِحْرَاقِ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الصَّلَاةِ مَعَهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُيُوتَهُمْ هُوَ فِي الْجُمُعَةِ لَا فِي غَيْرِهَا
احْتَجَّ بِمَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ سَمِعَهُ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ
أُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
وَقَدْ رُوِيَ عن بن مَسْعُودٍ مِنْ وُجُوهٍ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالصَّلَوَاتِ
الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ
نَبِيِّكُمْ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140
لَضَلَلْتُمْ وَلَقَدْ عَهِدْتُنَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لِيُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا
وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إِلَّا مُنَافِقٌ صحيح النفاق
وفي قول بن مَسْعُودٍ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي جَمَاعَةٍ أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ نَبِيِّكُمْ مَعَ رِوَايَتِهِ
حَدِيثَ الْإِحْرَاقِ عَلَيْهِمْ فِي الْجُمُعَةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرِيضَةٌ وَأَنَّ شُهُودَ الْجَمَاعَةِ
فِي غَيْرِهَا سُنَّةٌ مِنْ مُؤَكَّدَاتِ السُّنَنِ يَخْشَى عَلَى التَّارِكِ لَهَا رَغْبَةً عَنْهَا حَتَّى لَا تَقُومَ
فِي الْمَسَاجِدِ جماعة الضلال كما قال بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَفَرْضُ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى دَلِيلٍ
وَمِمَّا يُوَضِّحُ لَكَ سُقُوطَ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ وأنها سنة وفضيلة لا فريضة قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصلاة وحضر العشاء فابدأوا بالعشاء
رواه بن عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ
ثَابِتَةٍ صَحِيحَةٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
وَمِثْلُهُ الرُّخْصَةُ لِآكِلِ الثُّومِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ
وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِيهِ الرُّخْصَةُ فِي التَّأَخُّرِ عَنْ شُهُودِ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرِ الْعَشَاءِ
وَأَمَّا الْوَعِيدُ مِنْهُ فِي إِحْرَاقِ بُيُوتِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الصَّلَاةِ مَعَهُ فَهُوَ كَسَائِرِ الْوَعِيدِ فِي
الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَيْسَ مَنْ لَمْ يُنَفِّذْهُ مُخْلِفًا وَلَكِنَّهُ مُحْسِنٌ ذُو عَفْوٍ مَحْمُودٍ عَلَى ذَلِكَ
وَلَيْسَ مُخْلِفَ الْوَعْدِ كَذَلِكَ
وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى في موضعه على أنه صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ
إِلَّا مُتَّهَمٌ بِالنِّفَاقِ كما قال بن مَسْعُودٍ
وَقَدِ اسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَ عُقُوبَةَ الْعَاصِي فِي الْمَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ
وَلِلْعُقُوبَةِ فِي الْمَالِ مَوْضِعٌ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141
وأما ضربه المثل صلى الله عليه وسلم بِالْعَظْمِ السَّمِينِ وَالْمِرْمَاتَيْنِ الْحَسَنَتَيْنِ فَإِنَّهُ
أَرَادَ الشَّيْءَ الْحَقِيرَ وَالنَّذْرَ الْيَسِيرَ يَقُولُ لَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمْ يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْهُ
أَنَّهُ يَجِدُ فِي الْمَسْجِدِ أَقَلَّ شَيْءٍ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا لَجَاءَهُ
وَأَمَّا الْمِرْمَاتَانِ فَقِيلَ هُمَا السَّهْمَانِ وَقِيلَ هُمَا حَدِيدَتَانِ مِنْ حَدِيدٍ كَانُوا يَلْعَبُونَ بِهِمَا
وَهِيَ مُلْسٌ كَالْأَسِنَّةِ كَانُوا يُثَبِّتُونَهُمَا فِي الْأَكْوَامِ وَالْأَعْرَاضِ وَيُقَالُ لَهُمْ فِيمَا زَعَمَ
بَعْضُهُمْ الْمَدَاحِي
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يُقَالُ إِنَّ الْمِرْمَاتَيْنِ مَا بَيْنَ ظِلْفَيِ الشَّاةِ
قَالَ وَهَذَا حَرْفٌ لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَا مَا وَجْهُهُ إِلَّا أَنَّ هَذَا تَفْسِيرُهُ
وَيُرْوَى الْمِرْمَاتَيْنِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَأَحَدُهَا مِرْمَاةٌ مِثْلُ مِدْحَاةٌ وَمِذْكَاةٌ
ذَكَرَ ذَلِكَ الأحفش وَغَيْرُهُ