ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى
الْمَغْرِبَ أَوِ الصُّبْحَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يعد لهما

وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ (...)
 
ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى
الْمَغْرِبَ أَوِ الصُّبْحَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يعد لهما
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156
وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا مَنْ صَلَّاهَا وَحْدَهُ إِلَّا الْمَغْرِبَ وَحْدَهَا
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَالنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَطَائِفَةٍ
رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال ضليت الْفَجْرَ
ثُمَّ أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَوَجَدْتُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ فَجَلَسْتُ نَاحِيَةً فَلَمَّا
صَلَّى قَالَ مَا لَكَ لَمْ تُصَلِّ قُلْتُ إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ قَالَ إِنِ الصَّلَاةَ كُلَّهَا تُعَادُ إِلَّا الْمَغْرِبَ
فَإِنَّهَا وِتْرُ صَلَاةِ النَّهَارِ
وَحَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَالنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ مِثْلَهُ
وَحَمَّادٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا تُعَادُ إِلَّا الْمَغْرِبَ
فَإِنَّهَا وِتْرٌ
وَقَالَ مَالِكٌ تُعَادُ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا إِنْ صَلَّاهَا وَحْدَهُ إِلَّا الْمَغْرِبَ وَحْدَهَا فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُهَا
لِأَنَّهَا تصير شفعا
كذلك قال في موطأه
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ
إِلَّا أَنْ يُعِيدَهَا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ دَخَلَ الَّذِي صَلَّى وَحْدَهُ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الْقَوْمَ جُلُوسًا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ
فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يدري من صلاتهم ركعة بسجدتيهما
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُعِيدُ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ مَعَ الْإِمَامِ الْعَصْرَ وَلَا الْفَجْرَ وَلَا
الْمَغْرِبَ وَيُعِيدُ مَعَهُ الظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ وَيَجْعَلُ صَلَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ نَافِلَةً
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِأَنَّ النَّافِلَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَا تَجُوزُ وَلَا تُعَادُ الْمَغْرِبُ لِأَنَّ
النَّافِلَةَ لَا تَكُونُ وِتْرًا فِي غَيْرِ الْوِتْرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بِهَذَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ لَا تُعَادُ الْمَغْرِبُ وَهُوَ أَصَحُّ
مِنْ قَوْلِهِ تَكُونُ شَفْعًا
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَقَوْلُهُ لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ وَهُوَ الْمَعْنَى
الَّذِي نَزَعَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْمَغْرِبِ
وَالْعَجِيبُ مِنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ لِأَنَّهَا تَصِيرُ شَفْعًا وَهُوَ يحتج بقول بن
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157
عُمَرَ لَا فَصْلَ أَفْضَلُ مِنَ السَّلَامِ فَكَيْفَ وَبَعْدَ السَّلَامِ مَشْيٌ وَعَمَلٌ فَكَيْفَ تَنْضَافُ مَعَ
ذَلِكَ صَلَاةٌ إِلَى أُخْرَى! !
وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إلى قول بن عُمَرَ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ فِيمَا ذَكَرَتْ عَائِشَةُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ مَا تَرَكَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي بَيْتِي قَطُّ
وَقَالَتْ أَمُّ سَلَمَةَ رَكَعَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ حِينَ شَغَلَهُ الْوَفْدُ عَنْهُمَا قَبْلَ الْعَصْرِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْآثَارَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا فَرَأَى بن عُمَرَ إِعَادَةَ الْعَصْرِ لِهَذَا وَلِأَنَّهُ
الْمَذْهَبُ الَّذِي كَانَ يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَنَّهُ عِنْدَ اصْفِرَارِ
الشَّمْسِ وَعِنْدَ الطُّلُوعِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ وَالْحُجَّةَ لَهُ فِي بَابِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ
وَالْعَصْرِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحُجَّةَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي الْمَغْرِبِ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا
الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ أَعَادَ صَلَاتَهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ إِذَا وَجَدَهَا وَأَمْكَنَتْهُ فِي تِلْكَ
الصَّلَاةُ وَالصَّلَوَاتُ كُلُّهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمِحْجَنٍ
الدِّيلِيِّ إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ وَلَمْ يَخُصَّ صَلَاةً مِنْ صَلَاةٍ
وَلَمْ يَذْكُرْ عَصْرًا وَلَا مَغْرِبًا وَلَا صُبْحًا
قَالَ وَالْأُولَى هِيَ الْفَرِيضَةُ وَالثَّانِيَةُ تَطَوُّعٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا
سَنَّ الْوِتْرَ وَالْعِيدَيْنِ وَغَيْرَهُمَا
وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ فِي إِعَادَةِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي جَمَاعَةٍ لِأَنَّهُ يَرَى الصَّلَاةَ فِي
الْجَمَاعَةِ فَرْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ
وَاخْتُلِفَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا مَعَ الْإِمَامِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ
وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ
وَلَا خِلَافَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّ الْأُولَى فَرِيضَةٌ وَالثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُعِيدُهَا كُلَّهَا إِلَّا الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَسْجِدٍ فَتُقَامَ الصَّلَاةُ
فَلَا يَخْرُجَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا
وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ
أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ونهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ
الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158