وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا عَنْ نافع عن بن عُمَرَ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنْ سَائِلًا سَأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ لَهُ إِنَّهُ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيَجِدُ النَّاسَ يُصَلُّونَ أَيُصَلِّي مَعَهُمْ فَقَالَا نَعَمْ (...) |
وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا عَنْ نافع عن بن عُمَرَ وَعَنْ يَحْيَى
بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنْ سَائِلًا سَأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ لَهُ إِنَّهُ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيَجِدُ النَّاسَ يُصَلُّونَ أَيُصَلِّي مَعَهُمْ فَقَالَا نَعَمْ قَالَ السَّائِلُ فَأَيَّتُهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي فَقَالَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تعالى يجعلها أيتها شاء وذكر أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُهُ لا يدري أي الصلاتين فلايضة وَلَا أَيَّتَهُمَا هِيَ النَّافِلَةُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى يَجْعَلُهَا أَيَّتَهُمَا شَاءَ هَذِهِ جُمْلَةٌ حَكَاهَا أَصْحَابُهُ عَنْهُ لَمْ يَخْتَلِفُوا عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا عَنْهُ فِي مَسَائِلَ تَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ أَصْحَابِهِ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ مِنْهَا الرَّجُلُ يُحْدِثُ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَمِنْهَا أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ الْأُولَى كَانَتْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَمِنْهَا أَنْ يُسْقِطَ مِنْ إِحْدَاهُمَا سَجْدَةً نَاسِيًا وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهَا أَسْقَطَهَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ عِنْدِي مَا ذَكَرَهُ بن وهب في موطأه عَنْ مَالِكٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ فَصَلَاتُهُ فِي بَيْتِهِ هي صلاته وقد روى بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَعَادَهَا فِي جَمَاعَةٍ أَيَّتُهُمَا الْمَكْتُوبَةُ قَالَ الْأُولَى وَهَذِهِ رواية عن بن عُمَرَ ظَاهِرُهَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ لأنه في رواية بن أَبِي ذِئْبٍ قَطَعَ بِأَنَّ الْأُولَى هِيَ الْمَكْتُوبَةُ وَالثَّانِيَةَ نَافِلَةٌ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ شَكٌّ فَلَمْ يَدْرِ أَيَّتَهُمَا صَلَاتُهُ إِلَّا أَنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى وَمُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 وَالنَّظَرُ عِنْدِي يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ مَالِكٍ مُتَقَدِّمَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَبِنْ لَهُ حِينَئِذٍ أَيَّتُهُمَا صَلَاتُهُ ثُمَّ بَانَ لَهُ بَعْدُ أَنَّ الْأُولَى صَلَاتُهُ فَانْصَرَفَ مِنْ شَكِّهِ إِلَى يَقِينِ عِلْمِهِ وَمُحَالٌ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ يَقِينِهِ إِلَى شَكٍّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ الْأُولَى هِيَ الْمَكْتُوبَةُ قَدْ بَانَ لَهُ فَأَفْتَى بِهِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ عِنْدَهُ الْأُولَى الْمَكْتُوبَةَ وَالثَّانِيَةُ نَافِلَةً فِي الْعَصْرِ وَلَا نَافِلَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ قيل معلوم عن بن عُمَرَ أَنَّ التَّنَفُّلَ بَعْدَ الْعَصْرِ جَائِزٌ عِنْدَهُ وَمَذْهَبُهُ أَنَّ الْعَصْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ تُعَادُ عِنْدَهُ دُونَ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَقَدْ ذكرنا في التمهيد الروايات عن بن عُمَرَ فِي ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَمَا اخْتُلِفَ عن بن عُمَرَ فَرَوَى هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِذَا صَلَّيْتُ وَحْدِي ثُمَّ أَدْرَكْتُ الْجَمَاعَةَ فَقَالَ أَعِدْ غَيْرَ أَنَّكَ إِذَا أَعَدْتَ الْمَغْرِبَ فَاشْفَعْ بِرَكْعَةٍ وَاجْعَلْ صَلَاتَكَ وَحْدَكَ تَطَوُّعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا شَيْءٌ لَا يُعْرَفُ وَجْهُهُ كَيْفَ يُشْفَعُ الْمَغْرِبُ بِرَكْعَةٍ وَتَكُونُ الْأُولَى تَطَوُّعًا وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَغْرِبَ إِذَا نَوَى بِهَا الْفَرِيضَةَ لَمْ يُشْفِعْهَا بِرَكْعَةٍ وَمَا أَظُنُّ الْحَدِيثَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا وَالْأَوْلَى فَرْضُهُ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ وَهْمٌ مِنْ قَتَادَةَ أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ فِي الْإِسْنَادِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْإِسْنَادَ فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يُضَعِّفُونَ أَشْيَاءَ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَمَّا قول بن عُمَرَ وَسَعِيدٍ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ تَأَوَّلَ فيه قوم منهم بن الْمَاجِشُونِ وَغَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْقَبُولِ كَأَنَّهُ قَالَ أَيَّتُهُمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنِّي فَقَالَا لَهُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَقَبَّلُ النَّافِلَةَ دُونَ الْفَرِيضَةِ وَيَتَقَبَّلُ الْفَرِيضَةَ دُونَ النَّافِلَةِ عَلَى حَسَبِ النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ وَالْإِخْلَاصِ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى يَتَفَضَّلُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا يَتَدَافَعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْفَرِيضَةَ هِيَ الْأُولَى مَعَ قَوْلِهِ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تعالى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 وَقَدْ أَجْمَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ غَيْرَهُ وَهَذَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ الْأُولَى هِيَ عِنْدَهُمُ الْفَرِيضَةُ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى لَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ مَنْ صَلَّى صَلَاةً وَحْدَهُ وَقَصَدَ بِذَلِكَ أَدَاءَ فَرْضِهِ وَكَتَبَتِ الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى نَافِلَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَاخْتَارَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ فَرْضَهُ لِأَنَّهَا صَلَاةُ جَمَاعَةٍ وَيَأْمُرُونَهُ أَلَّا يَدْخُلَ مَعَ الْإِمَامِ إِلَّا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وَتَأَوَّلُوا فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِينِ أَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ فإنها لكم نافلة قالوا نافلة ها هنا بِمَعْنَى فَضِيلَةٍ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً الْأَنْبِيَاءِ 72 أَيْ فَضِيلَةً وَكَذَلِكَ تَأَوَّلُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (ومن اليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ الْإِسْرَاءِ 79 أَيْ فَضِيلَةً قَالُوا وَإِنَّمَا لَمْ يَؤُمَّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ أَحَدًا لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَيُّ الصَّلَاتَيْنِ صَلَاتُهُ حَقِيقَةً فَاحْتَطْنَا أَلَّا يَؤُمَّ أَحَدًا خَوْفًا مِنْ أن يكون الثَّانِيَةُ تَطَوُّعًا فَيَأْتَمَّ بِهِ فِيهَا مَنْ هِيَ فَرِيضَتُهُ |