ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فيخفف فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ
وَالْكَبِيرَ وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فيخفف فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ
وَالْكَبِيرَ وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ أَئِمَّةَ الْجَمَاعَةِ يَلْزَمُهُمُ التَّخْفِيفُ لِأَمْرِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ
وَلَا يَجُوزُ لَهُمُ التَّطْوِيلُ لِأَنَّ فِي الْأَمْرِ لَهُمْ بِالتَّخْفِيفِ نَهْيًا عَنِ التَّطْوِيلِ
وَقَدْ بَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلتَّخْفِيفِ وَهِيَ عِنْدِي غَيْرُ مَأْمُونَةٍ على
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162
أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ عَلِمَ قُوَّةَ مَنْ خَلْفَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُمْ مِنْ
آفَاتِ بَنِي آدَمَ
وَلِذَلِكَ قَالَ فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ مَا لَا يَعْلَمُ
مِنْ غَيْرِهِ
وَقَدْ يَحْدُثُ لِلظَّاهِرِ الْقُوَّةِ وَمَنْ يُعْرَفُ مِنْهُ الْحِرْصُ عَلَى طُولِ الصَّلَاةِ حَادِثٌ مِنْ شُغُلٍ
وَعَارِضٌ مِنْ حَاجَةٍ وَآفَةٌ مِنْ حَدَثِ بَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ
فَيَنْبَغِي لِكُلِّ إِمَامٍ أَنْ يُخَفِّفَ جَهْدَهُ إِذَا أَكْمَلَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَفَّ النَّاسِ كُلِّهِمْ صَلَاةً
فِي تَمَامٍ
وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا طُرُقٌ كَثِيرَةٌ وَقَدْ ذَكَرْتُ بَعْضَهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَمِنَ التَّمَامِ مَا جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ نفر الْغُرَابِ
وَقَالَ اعْتَدِلُوا فِي رُكُوعِكُمْ وَسُجُودِكُمْ
وَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي
رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ امْرِئٍ لَا يُقِيمُ فِيهَا صُلْبَهُ فِي
رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَدْ أَنْكَرَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ صَارَ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَى السُّجُودِ وَلَمْ يَرْفَعْ
رَأْسَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَقَالُوا هَذَا قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَلِعُلَمَاءِ الْأُمَّةِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ
النَّسَائِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا
يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ اعْتَدِلُوا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
وَرَوَى عَبْدُ الحكم عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَدِلُوا فِي الرُّكُوعِ
وَالسُّجُودِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوُرَّاثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا
الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَكَمِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال اعْتَدِلُوا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ
مِنْ خَلْفِي كَمَا أَرَاكُمْ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ
وقد قال بن الْقَاسِمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ فَلَمْ يَعْتَدِلْ جَالِسًا أَوْ مِنَ الرُّكُوعِ فَلَمْ
يَعْتَدِلْ قَائِمًا حَتَّى سَجَدَ أَوْ حَتَّى خَرَّ رَاكِعًا فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلَا يَعُدْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي
صَلَاتِهِ
وَهَذَا مُضَارِعٌ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إلا أن بن الْقَاسِمِ قَالَ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ
فَلَا يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَيَعْتَدِلْ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَيُقِمْ فِي
ذَلِكَ صُلْبَهُ لَمْ تُجْزِئْهُ صَلَاتُهُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164
وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ
وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وداود والطبري
وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِي تَرْكِ الِاعْتِدَالِ رُخْصَةٌ فَقَالَ عَنْهُ إِذَا رَفَعَ الْإِمَامُ
رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَلَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا ثُمَّ أَهْوَى سَاجِدًا قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ فَإِنَّهُ تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ
وَالْقَوْلُ بِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَلَقَّاهُ الْجُمْهُورُ بِالْقَبُولِ أَوْلَى مِنْ
كُلِّ مَا خَالَفَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصِ بْنُ عُمَرَ
النَّمِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ
الْبَدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ
ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ الَّذِي لَمْ يُتِمَّ
رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ بِالْإِعَادَةِ وَقَالَ لَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ
وَكَذَلِكَ فَعَلَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِيِّ بِرَجُلٍ رَآهُ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَقَالَ لَهُ لَوْ مُتَّ
عَلَى هَذَا مُتَّ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ مِنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ
إِلَّا أَنَّ مَا بَعْدَ قِيَامِ الصُّلْبِ وَالِاعْتِدَالِ عِنْدَهُمْ مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ وَالْمُكْثِ قَلِيلًا لَيْسَ مِنَ
الْوَاجِبِ وَلَكِنَّهُ مِنَ الْكَمَالِ
وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ فِي الْأَئِمَّةِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَى مَا وَصَفْنَا لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا
وَصَفْنَا مِنَ الْآفَاتِ وَالضَّعْفِ وَالْحَاجَاتِ
ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ
وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ
فِيهِمُ السَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ وذا الحاجة
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165
هَذَا مَعْنَى حَدِيثِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِذَلِكَ عَنْهُمْ فِي التَّمْهِيدِ
وَرَوَى أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي لَأَقُومُ فِي
الصَّلَاةِ فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي مَخَافَةَ أَنْ أَفْتِنَ أمه
وروى أبو هريرة وأنس عنه النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى حَدِيثِ أبي قتادة
وروى جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاذٍ إِذْ شَكَاهُ بَعْضُ قَوْمِهِ أَنَّهُ
يُطَوِّلُ بِهِمْ أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ اقْرَأْ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَنَحْوِهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ أَحْمَدَ بْنِ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّا
النَّيْسَابُورِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ
سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا حجاج عن بن جريج عن بن عَجْلَانَ قَالَ حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ أَبِي حُيَيَّةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ
الْخِيَارِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ لَا تُبَغِّضُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ فَقَالَ
قَائِلٌ مِنْهُمْ وَكَيْفَ قَالَ يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا لِلنَّاسِ يُصَلِّي بِهِمْ فَلَا يَزَالُ يُطَوِّلُ عَلَيْهِمْ
حَتَّى يُبَغِّضَ إِلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ