مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ
فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ الْحَدِيثَ
فِيهِ رُكُوبُ الْخَيْلِ لِأَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَالتَّقَلُّبِ عَلَيْهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْعِزَّةِ وَالْعَوْنِ
عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ
وَقَدْ (...)
 
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ
فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ الْحَدِيثَ
فِيهِ رُكُوبُ الْخَيْلِ لِأَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَالتَّقَلُّبِ عَلَيْهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْعِزَّةِ وَالْعَوْنِ
عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ
وَقَدْ رَوَى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا لِأَبِي
طَلْحَةَ عُرْيًا فِي حِينِ فَرَغَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِخَيْلٍ أَغَارَ بِهَا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ أَوِ ابْنُهُ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ عَلَى لِقَاحِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَنْ
تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا
ثُمَّ قَالَ فِي الْفَرَسِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا
وَهُوَ مَذْكُورٌ بِإِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ جُحِشَ شِقُّهُ فَهُوَ بِمَعْنَى خُدِشَ شِقُّهُ وَقَدْ قِيلَ الْجَحْشُ فَوْقَ الْخَدْشِ وَحَسْبُكَ
أَنَّهُ مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَصَلَّى قَاعِدًا
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِائْتِمَامَ
وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ إِمَامٍ بِإِمَامِهِ فِي ظَاهِرِ أَفْعَالِهِ الْجَائِزَةِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ
وَقَدْ رَوَى مَعْنُ بْنُ عِيسَى فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا
تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ
وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ مَعْنِ بْنِ عِيسَى
وَفِيهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي حديث بن شِهَابٍ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَوْلُهُ فَلَا تَخْتَلِفُوا
عَلَيْهِ
وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَلَاةِ مَا كَانَتْ نِيَّتُهُ فِيهَا خِلَافَ نِيَّةِ إِمَامِهِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا تُجْزِئُ أَحَدٌ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ وَلَا يُصَلِّي
عَصْرًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي ظُهْرًا وَمَتَى اخْتَلَفَتْ نِيَّةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْفَرِيضَةِ بَطُلَتْ
صَلَاةُ الْمَأْمُومِ دُونَ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى فَرْضَهُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَقَوْلُ أَكْثَرِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ
وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَمَنْ خَالَفَ
فِي نِيَّتِهِ فَلَمْ يَأْتَمَّ بِهِ
وَقَالَ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَلَا اخْتِلَافَ أَشَدُّ مِنَ اخْتِلَافِ النِّيَّاتِ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ الْأَعْمَالِ
وَاعْتَلُّوا فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ بِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ
رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطْوِيلَ مُعَاذٍ بِهِمْ
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكُنْ فَتَّانًا إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ معي وإما أن
تحفف عَلَى قَوْمِكَ
قَالُوا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ بِقَوْمِهِ كَانَتْ فَرِيضَتَهُ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِصَلَاتِهِ مَعَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالُوا وَصَلَاةُ الْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ جَائِزَةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَجُوزُ
أَنْ يُقْتَدَى فِي الْفَرِيضَةِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَأَنْ يُصَلَّى الظُّهْرُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَإِنَّ كُلَّ
مُصَلٍّ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَلَهُ مَا نَوَاهُ مِنْ صَلَاتِهِ فَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنْ قَالُوا إِنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَأْتَمَّ بِالْإِمَامِ فِيمَا يَظْهَرُ إِلَيْنَا مِنْ أَفْعَالِهِ فَأَمَّا النِّيَّةُ
فَمُغَيَّبَةٌ عَنْهَا وَمُحَالٌ أَنْ نُؤْمَرَ بِاتِّبَاعِهِ فِيمَا يَخْفَى مِنْ أَفْعَالِهِ عَلَيْنَا
قَالُوا وَفِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا
رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَنْ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا
وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَةُ فِيهِ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا فَعَرَّفَنَا أَفْعَالَهُ الَّتِي
نَأْتَمُّ بِهِ فِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُقْتَدَى فِيهِ بِالْإِمَامِ وَهِيَ أَفْعَالُهُ إِلَيْهِمْ مِنَ
التَّكْبِيرِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَفِي هَذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ
قَالُوا وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ حَدِيثُ جَابِرٍ مِنْ نَقْلِ الْأَئِمَّةِ فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ
إِذْ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ فِي تِلْكَ
الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ لَهُ نَافِلَةٌ وَلَهُمْ
فَرِيضَةٌ
وَلَا يُوجَدُ مِنْ نَقْلِ مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِمَّا أَنْ
تَجْعَلَ صَلَاتَكَ مَعِي وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ بِالْقَوْمِ
وَهَذَا لَفْظٌ مُنْكَرٌ لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ يُحْتَجُّ بِنَقْلِهِ وَمُحَالٌ أَنْ يَرْغَبَ مُعَاذٌ عَنِ الصَّلَاةِ
الْفَرِيضَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاتِهِ مَعَ قَوْمِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ فَضْلَ
ذَلِكَ وَفَضْلَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلْفَهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ
فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ
فَنَهَى أَصْحَابَهُ وَسَائِرَ أُمَّتِهِ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِنَافِلَةٍ إِذَا أُقِيمَتِ الْمَكْتُوبَةُ فَكَيْفَ يُظَنُّ بِمُعَاذٍ أَنْ
يَتْرُكَ صَلَاةً لَمْ يُصَلِّهَا بَعْدُ وَلَمْ يَقْضِ مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِهَا وَيَتَنَفَّلُ وَتِلْكَ تُقَامُ
فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ لَهُمْ لَا
صَلَاةَ إِلَّا المكتوبة التي تقام
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171
وقد روى بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ معاذا كان يصلي مع النبي
صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ
فَرِيضَةٌ
وَهَذَا نَصٌّ في موضع الخلاف
قال بن جريج وحدثت عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ مُعَاذًا فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا فَهَذَا كَلَامٌ
خَرَجَ عَلَى صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْجَالِسِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْقَائِمِ فِي النَّافِلَةِ فَدَلَّ عَلَى
مَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنَّ الْمُصَلِّيَ جَالِسًا فِي النَّافِلَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ نِصْفُ أَجْرِ الْمُصَلِّي
فِيهَا قَائِمًا
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَرْضٌ وَاجِبٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(وَقُومُوا لِلَّهِ قنتين) الْبَقَرَةِ 238 فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ مَكْتُوبَةً قَاعِدًا وَهُوَ قَادِرٌ
عَلَى الْقِيَامِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَأْمُومِ الصَّحِيحِ يُصَلِّي قَاعِدًا خَلْفَ إِمَامٍ مَرِيضٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ
فَأَجَازَتْ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اتِّبَاعًا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا يَعْنِي مِنْ عُذْرٍ فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ
رُوِيَ هَذَا مِنْ طُرُقٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أبي هريرة وبن
عباس وبن عُمَرَ وَأَنَسٍ وَجَابِرٍ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ
وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا صَلَّى جَالِسًا لِمَرَضٍ أَصَابَهُ صَلَّى النَّاسُ خَلْفَهُ جُلُوسًا وَهُمْ
أَصِحَّاءُ قَادِرُونَ عَلَى الْقِيَامِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ أَخْذًا
بِحَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَاتِّبَاعًا لَهُ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ الظَّاهِرِ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَفَعَلَهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَقَيْسُ بْنُ قَهْدٍ
وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِذَلِكَ عَنْهُمْ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ شَيْئًا مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ جَالِسًا
وَهُوَ صَحِيحٌ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ لَا إِمَامًا وَلَا مُنْفَرِدًا وَلَا خَلْفَ إِمَامٍ
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ صَلَاةَ الْقَائِمِ خَلْفَ الْقَاعِدِ كُلًّا يُؤَدِّي فَرْضَهُ عَلَى
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172
قَدْرِ طَاقَتِهِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ صَلَاةُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَالنَّاسُ قِيَامٌ خَلْفَهُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ
وَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ
وَقَدْ رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَجَازَ لِلْإِمَامِ الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ
جَالِسًا وَهُمْ قِيَامٌ
قَالَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقُومَ بِجَنْبِهِ مَنْ يُعْلِمُ النَّاسَ بِصَلَاتِهِ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ غَرِيبَةٌ عَنْ مَالِكٍ عِنْدَ أصحابه
وقال بن الْقَاسِمِ لَا يَأْتَمُّ الْقَائِمُ بِالْجَالِسِ فِي فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْتَمَّ
الْجَالِسُ بِالْقَائِمِ
قَالَ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَؤُمَّ أَحَدًا فِي فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ قَاعِدًا فَإِنْ عَرَضَ لَهُ مَا
يَمْنَعُهُ مِنَ الْقِيَامِ اسْتَخْلَفَ
واحتج بن الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَجَلَسَ
إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ الْإِمَامُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُصَلِّي بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ مَا مَاتَ نَبِيٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أمته
قال بن الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى حَدِيثِ رَبِيعَةَ هَذَا وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ
قَالَ سَحْنُونُ بهذا الحديث يأخذ بن الْقَاسِمِ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْإِمَامَ
وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُؤْتَمًّا وَالَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ خِلَافُ هَذَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ
كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ
وَهُوَ قَائِمٌ وَالنَّاسُ قِيَامٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ
وذكر أبو مصعب في متخصره عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يَؤُمُّ النَّاسَ أَحَدٌ قَاعِدًا فَإِنْ أَمَّهُمْ
قَاعِدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ
قَالَ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلِيلًا تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ
قَالَ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَعَادَ الصَّلَاةَ
فَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ هَذِهِ عَنْ مَالِكٍ تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ صَلَّى قَائِمًا خَلْفَ إِمَامٍ
مَرِيضٍ جَالِسٍ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ خَاصَّةً
وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِحَدِيثِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ قَائِمٌ وَالنَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ
بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ
وَلِمَا رَوَاهُ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْمُقَدَّمَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا رَأَى الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ احْتَاطَ فَرَأَى الْإِعَادَةَ
فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ كُلًّا قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ
وَقَدِ احْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِقَوْلِهِ وَمَذْهَبِهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَ أَبُو
الْمُصْعَبِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يَؤُمُّ أَحَدٌ بَعْدِي قَاعِدًا
وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إِنَّمَا يَرْوِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ
مُرْسَلًا وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِمَا يَرْوِيهِ مُسْنَدًا فَكَيْفَ بِمَا يَرْوِيهِ مُرْسَلًا
وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّهُ قَالَ إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ
لِمَرَضٍ بِهِ جَالِسًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَلَا يُطِيقُ إِلَّا ذَلِكَ بِقَوْمٍ قِيَامٍ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ فَإِنَّ
صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ وَصَلَاتَهُمْ بَاطِلَةٌ وَإِنْ كَانَ خَلْفَهُ أَحَدٌ جَالِسًا لَا يُطِيقُ الْقِيَامَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ
الْإِمَامِ صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ مِنْ قَائِمٍ أَوْ جَالِسٍ يُطِيقُ الْقِيَامَ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِمُ
الْإِعَادَةُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ صَلَاةُ الْقَائِمِينَ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ
وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ
وَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ إِلَّا عَلَى
الْإِيمَاءِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْجُلُوسِ وَلَا الرُّكُوعِ وَلَا السُّجُودِ جَالِسًا فَاقْتَدَى بِهِ فِي الْإِيمَاءِ
قَوْمٌ قِيَامٌ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ لَمْ تُجْزِهِمْ صَلَاتُهُمْ وَأَجْزَأَتِ الْإِمَامَ صَلَاتُهُ وَكَانَ زُفَرُ
يَقُولُ تُجْزِئُهُمُ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُمْ صَلُّوا عَلَى فَرْضِهِمْ وَصَلَّى إِمَامُهُمْ عَلَى فَرْضِهِ