وَذَكَرَ مَالِكٌ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ (فَأَتَى) فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ (...) |
وَذَكَرَ مَالِكٌ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ (فَأَتَى) فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كَمَا أَنْتَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ وقد وصله حماد بن سلمة وبن نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ فَرَوَوْهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي التميهد وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِمَامِ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا مَنْسُوخٌ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ كَانَ سُنَّةً فِي عِلَّتِهِ الَّتِي مَاتَ مِنْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ كَانَ إِذْ صُرِعَ عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ يَعْنِي الْمَكْتُوبَاتِ جَالِسًا وَأَشَارَ إِلَى مَنْ خَلْفَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا جُلُوسًا إِذَا صَلَّى إِمَامُهُمْ جَالِسًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّاسَ كَانُوا قِيَامًا خَلْفَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَلَمْ يُشِرْ إِلَيْهِمْ بِالْجُلُوسِ وَلَا نَهَاهُمْ عَنْ فِعْلِهِمْ ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِهَا هَذَا فَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْمُقَدَّمَ وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هُوَ الْإِمَامَ الْمُتَقَدِّمَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ قِيلَ وَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقَدَّمَ فِي وَقْتٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَدَّمَ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِأَنَّ مَرَضَهُ كَانَ أَيَّامًا خَرَجَ فِيهَا مِرَارًا وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ الْحُفَّاظُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ وَالنَّاسُ قِيَامٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ مِنَ الطُّرُقِ الصِّحَاحِ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ فِي بَابِ مُرْسَلِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَأَكْثَرُ أَحْوَالِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ (عِنْدَ الْمُخَالِفِ أَنْ يُجْعَلَ مُتَعَارِضًا فَلَا يُوجِبُ حُكْمًا) وَإِذَا كَانَ (ذَلِكَ) كَذَلِكَ لَمْ يحتج بشيء منه ورجعنا إلى حديث بن عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَانْتَهَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يَؤُمُّ النَّاسَ فَجَلَسَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَأَخَذَ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي انْتَهَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتَمُّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَ بن عَبَّاسٍ هَذَا مِنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ فَأَوْضَحْنَا مَعْنَاهُ هُنَاكَ وَأَخْبَرْنَا عَنِ الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِقِيَامِ أَبِي بَكْرٍ وَقِيَامِ النَّاسِ مَعَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ هُوَ الْإِمَامَ فِي أَوَّلِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا إِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا زَعَمَ مَنْ أَرَادَ إِبْطَالَ الْحَدِيثِ بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْتَاجُ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ تَكْبِيرَهُ وَيُظْهِرَ إِلَيْهِمْ أَفْعَالَهُ وَكَانَتْ حَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَرَضِهِ حَالَ مَنْ يَضْعُفُ عَنْ ذَلِكَ فَأَقَامَ أَبَا بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ لِيَنُوبَ عَنْهُ فِي إِسْمَاعِ النَّاسِ التَّكْبِيرَ وَرُؤْيَتِهِمْ لِخَفْضِهِ وَرَفْعِهِ لِيَقْتَدُوا بِهِ فِي حَرَكَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ وَالنَّاسُ وَأَبُو بَكْرٍ وَرَاءَهُ قِيَامٌ وَصَحَّتْ بِذَلِكَ النُّكْتَةُ الَّتِي بَانَ فِيهَا أَنَّ صَلَاةَ الْقَائِمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمَرِيضِ جَائِزَةٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ فَصَلُّوا جُلُوسًا مَنْسُوخٌ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي قَاعِدًا مُنْكَرٌ بَاطِلٌ لَا يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْقَطِعٌ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَلَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ عَلَى الْآثَارِ الثَّابِتَةِ الصِّحَاحِ مِنْ نَقْلِ الْأَئِمَّةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا لِلْعُلَمَاءِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَنْ تَابَعَهُ تَجُوزُ صَلَاةُ الصَّحِيحِ جَالِسًا خَلْفَ الْإِمَامِ الْمَرِيضِ جَالِسًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا وَالثَّانِي قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ جَائِزٌ أَنْ يَقْتَدِيَ الْقَائِمُ بِالْقَاعِدِ فِي الْفَرِيضَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْقِيَامِ عَنِ الْمَأْمُومِ الصَّحِيحِ لِعَجْزِ إِمَامِهِ عَنْهُ وَقَدْ رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَالثَّالِثُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَؤُمَّ جَالِسًا وَهُوَ مَرِيضٌ بِقَوْمٍ أَصِحَّاءَ قِيَامٍ وَلَا قُعُودٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ صَلُّوا قِيَامًا خَلْفَ إِمَامٍ مَرِيضٍ جَالِسٍ فَعَلَيْهِمْ عِنْدَ مَالِكٍ الْإِعَادَةُ قِيلَ عَنْهُ فِي الْوَقْتِ وَقِيلَ أَبَدًا قَالَ سَحْنُونُ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَمِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَنْ قَالَ يُعِيدُ الْإِمَامُ الْمَرِيضُ مَعَهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ دُونَهُ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي قَائِمٍ اقْتَدَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 بِجَالِسٍ أَوْ جَمَاعَةٍ صَلُّوا قِيَامًا خَلْفَ إِمَامٍ جَالِسٍ مَرِيضٍ إِنَّهَا تُجْزِيهِ وَلَا تُجْزِيهِمْ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي إِمَامَةِ الْمَرِيضِ بِالْمَرْضَى جُلُوسًا كُلُّهُمْ فَأَجَازَهَا بَعْضُهُمْ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وكرهها أكثرهم وهو قول بن الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حديث مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَمَلَ الْمَأْمُومِ يَكُونُ بِعَقِبِ عَمَلِ الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ فَلَا فَصْلَ لِقَوْلِهِ إِذَا رَكَعَ وَهَذَا يَقْتَضِي رُكُوعَهُ وَكَذَلِكَ يَقْتَضِي قَوْلُهُ وَإِذَا رَفَعَ رَفْعَهُ فَإِذَا حَصَلَ مِنَ الْإِمَامِ الرُّكُوعُ وَالرَّفْعُ وَالسُّجُودُ فَعَلَ الْمَأْمُومُ بَعْدَهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَمَلَ الْمَأْمُومِ كُلَّهُ مَعَ عَمَلِ الْإِمَامِ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَخَفْضَهُ وَرَفْعَهُ مَا خَلَا الْإِحْرَامَ وَالتَّسْلِيمَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ عَمَلِ الْإِمَامِ وَبِعَقِبِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا خَلَا الْإِحْرَامَ وَالْقِيَامَ مِنَ اثْنَتَيْنِ وَالسَّلَامَ وَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو عُمَرَ (رَحِمَهُ اللَّهُ) يَذْهَبُ إِلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَرَأَيْتُهُ مَرَّاتٍ لَا أُحْصِيهَا كَثْرَةً يَقُومُ مَعَ الْإِمَامِ فِي حِينِ قِيَامِهِ مِنَ اثْنَتَيْنِ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ وَقَبْلَ تَكْبِيرِهِ وَلَا يُرَاعِي اعْتِدَالَهُ وَتَكْبِيرَهُ وَكَانَ يَقُولُ هِيَ أَصَحُّ عَنْ مَالِكٍ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ حَرَكَاتِ الْبَدَلِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهَا يَكُونُ فِيهَا عَمَلُ الْمَأْمُومِ مَعَ عَمَلِ الْإِمَامِ إِلَّا مَا يَبْتَدِئُ بِهِ مِنْهَا الْإِمَامُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الْأَحَبَّ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ عَمَلُ الْمَأْمُومِ بَعْدَ عَمَلِ الْإِمَامِ وَبِعَقِبِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ عَلَّمَ أَصْحَابَهُ الصَّلَاةَ وَسُنَنَهَا فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ وَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ وَقَالَ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتِلْكَ بِتِلْكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ مَتَى يُكَبِّرُ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ وَمَتَّى يَرْكَعُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ثُمَّ قَالَ يَتْبَعُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَصْنَعُهُ كُلَّمَا فَعَلَ شَيْئًا فَعَلَهُ بَعْدَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ في حديث بن شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ إِنَّ الْإِمَامَ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ دُونَ أَنْ يَقُولَ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ دُونَ أَنْ يَقُولَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ يَقُولُ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَقُولُ الْمُنْفَرِدُ وَإِنَّ الْمَأْمُومَ كَذَلِكَ يَقُولُ أَيْضًا وَلَا أَعْلَمَ خِلَافًا أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ أَوْ وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا يَقُولُ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَطْ وَلَا يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُمَا وَاللَّيْثُ بْنُ سعد وحجتهم ظاهر حديث بن شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ هَذَا وَمَا مِثْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَقُولُ الْمُنْفَرِدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فَكُلُّهُمْ حَكَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَيَقُولُ الْإِمَامُ أَيْضًا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَقُولُ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ لِأَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا جُعِلَ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَإِنَّمَا يَقُولُ ربنا ولك الحمد فقط وحجتهم حديث بن شِهَابٍ هَذَا عَنْ أَنَسٍ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ مَالِكٌ مِنْ قَوْلِهِ ربنا ولك الحمد بالواو ذكره بن الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَحَكَى الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ثَبَتَ الْوَاوَ فِي رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَقَالَ رَوَى الزُّهْرِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا عَنْ أَنَسٍ وَالثَّانِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالثَّالِثُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ (يَعْنِي حَدِيثَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ) وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ بِالْوَاوِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ لَا رَبَّ غَيْرُهُ |