قوله : ( فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى ، وهي درجة الراسخين في العلم ، لأن العلم علمان : علم في الخلق موجود ، وعلم في الخلق مفقود ، فإنكار العلم الموجود كفر ، وادعاء العلم المفقود كفر ، ولا يثبت الإيمان الا بقبول العلم الموجود ، وترك طلب العلم المفقود )
 
ش : الإشارة بقوله : فهذا . إلى ما تقدم ذكره ، مما يجب اعتقاده والعمل به ، مما جاءت به الشريعة . وقوله : وهي درجة الراسخين في العلم . أي علم ما جاء به الرسول جملة وتفصيلاً ، نفياً وإثباتاً . ويعني بالعلم المفقود : علم القدر الذي طواه الله عن أنامه ، ونهاهم عن مرامه . ويعني بالعلم الموجود : علم الشريعة ، أصولها وفروعها ، فمن أنكر شيئاً مما جاء به الرسول كان من الكافرين ، ومن ادعى علم الغيب كان من الكافرين . قال تعالى : عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول ، الآية . وقال تعالى : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير . ولا يلزم من خفاء حكمة الله علينا عدمها ، ولا من جهلنا انتفاء حكمته . ألا ترى أن خفاء حكمة الله علينا في خلق الحيات والعقارب والفأر والحشرات ، التي لا يعلم منها إلا المضرة : لم ينف أن يكون الله تعالى خالقاً لها ، ولا يلزم أن لا يكون فيها حكمة خفيت علينا ، لأن عدم العلم لا يكون علما بالمعدوم