وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفًا لِحَفْصَةَ
أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِمِثْلِ مَعْنَاهُ قَالَ قَالَتْ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ
الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)
وَلَمْ يَرْفَعْ حَدِيثَ حَفْصَةَ (...)
 
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفًا لِحَفْصَةَ
أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِمِثْلِ مَعْنَاهُ قَالَ قَالَتْ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ
الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)
وَلَمْ يَرْفَعْ حَدِيثَ حَفْصَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْقُرْآنَ نُسِخَ مِنْهُ مَا لَيْسَ
فِي مُصْحَفِنَا الْيَوْمَ
وَمَنْ قَالَ بِهَذَا يَقُولُ إِنَّ النَّسْخَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي الْقُرْآنِ
أَحَدُهَا نَسْخُ الْخَطِّ وَالتِّلَاوَةِ وَالرَّسْمِ مُبَيَّنًا وَلَا يُعْرَفُ وَلَا يُقْرَأُ إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا رُوِيَتْ مِنْهُ
أَشْيَاءُ عَلَى سَبِيلِ الرِّوَايَةِ لَا يُقْطَعُ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185
وَذَلِكَ نَحْوُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ
وَقَوْلُهُ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ لَابْتَغَى إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَا يملأ جوف بن آدَمَ إِلَّا
التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ
وَمِنْهَا أَيْضًا قَوْلُهُ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا
وَهَذَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ
قَالَ أُنْزِلَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنٌ قَرَأْنَاهُ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ بَلِّغُوا قَوْمَنَا وَذَكَرَهُ
وَمِنْهَا قَوْلُ عَائِشَةَ كَانَ فِيمَا أَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ ثُمَّ نُسِخَتْ بِخَمْسٍ
مَعْلُومَاتٍ
وَمِنْ هَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ سُورَةَ الْأَحْزَابِ كَانَتْ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالْأَعْرَافِ
وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ أبي بن كعب وبن عَبَّاسٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ عَنْهُمْ فِي التَّمْهِيدِ وَاتَّسَعْنَا هَذَا الْمَعْنَى هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُنْسَخَ خَطُّهُ وَيَبْقَى حُكْمُهُ نَحْوَ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَدْ قَرَأْنَا عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ
الْحَدِيثَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي التَّمْهِيدِ وَغَيْرِهِ
وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ عِنْدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُّ أَنْ يُنْسَخَ حُكْمُهُ وَيَبْقَى خَطُّهُ يُتْلَى فِي الْمُصْحَفِ وَهَذَا كَثِيرٌ نَحْوَ قَوْلِهِ
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أزوجا وصية لأزوجهم متعا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ
الْبَقَرَةِ 240 نَسَخَتْهَا (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا الْبَقَرَةِ 234 وَهُوَ مِنَ
النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَالْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ
وَقَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ بَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَقَالُوا إِنَّمَا
هُوَ مِنْ مَعْنَى السَّبْعَةِ أَحْرُفٍ الَّتِي أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا وَخُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا أُنْزِلَتْ فَاخْتَارَ الصَّحَابَةُ فِي زَمَنِ
عُثْمَانَ لَمَّا خَافُوا عَلَى مَنْ دَخَلَ فِي الدِّينِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ غَيْرَ الْعَرَبِ (أَنْ يَلْحَنُوا
فِيهِ فَجَمَعُوا) النَّاسَ عَلَيْهِ وَهُوَ حَرْفُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ
فَمِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الَّتِي هِيَ فِي مَعْنَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ قِرَاءَةُ عُمَرَ (بْنِ الْخَطَّابِ)
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَامْضُوا إِلَى ذكر الله
وقراءة بن مَسْعُودٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا
وقراءة أبي بن كعب (وبن عَبَّاسٍ وَ) أَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أبواه مؤمنين
وقراءة بن مَسْعُودٍ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ يَعْلَمُونَ (الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا)
فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ قَدْ جَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ هَذَا الشَّأْنِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187
وَقَدْ أَنْكَرَ آخَرُونَ أَنْ يَكُونَ (شَيْءٌ) مِنَ الْقُرْآنِ (إِلَّا مَا بَيْنَ لَوْحَيْ) مُصْحَفِ عُثْمَانَ
بْنِ عَفَّانَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمْ وَوُجُوهَهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى لَيْسَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ لِقَوْلِهِ فِيهِ
وَصَلَاةِ الْعَصْرِ
وَهَذِهِ الْوَاوُ تُسَمَّى الْفَاصِلَةَ لِأَنَّهَا فَصَلَتْ بَيْنَ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَبَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ حَفْصَةَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَبَ حَدِيثِ
عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ مَنْ طُرُقٍ
وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ حَفْصَةَ قَالَ نَافِعٌ
فَرَأَيْتُ الْوَاوَ فِيهَا
عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى
صَلَاةِ الْعَصْرِ بِلَا وَاوٍ
وَقَدْ ذُكِرَ أَيْضًا فِي التَّمْهِيدِ
وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي حَدِيثِ (عَائِشَةَ عَنِ) النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي
حَدِيثِ حَفْصَةَ وَفِي رَفْعِهِ وَفِي ثُبُوتِ الْوَاوِ فِيهِ
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ دُخُولُ الْوَاوِ فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى صَلَاةِ الْعَصْرِ وَخُرُوجُهَا وَسُقُوطُهَا مِنْهُ وَثُبُوتُهَا فِيهِ سَوَاءٌ الْمَعْنَى فِيهِ
حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ
وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَاهَا كَذَلِكَ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى
صَلَاةِ الْعَصْرِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
وَاسْتُشْهِدَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ
(إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وبن الْهُمَا مِ وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمْ) يُرِيدُ الملك القرم بن الْهُمَامِ
لَيْثَ الْكَتِيبَةِ
لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ هُوَ دون أبيه
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188
قال ومن هذا المعنى قول تعالى (فيهما فكهة ونخل ورمان الرحمن 68
وَالْمَعْنَى فَاكِهَةٌ نَخْلٌ وَرُمَّانٌ
وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تعالى (من كان عدوا لله وملئكته ورسله وجبريل وميكل) البقرة
98
وَالْمَعْنَى وَمَلَائِكَتُهُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ
وَقَدْ خُولِفَ هَذَا القائل في ما ادَّعَاهُ
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةُ الوسطى صلاة الصبح