مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُهُ (...) |
مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ عن بن شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أُسِيدٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ مُوَطَّأِ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ وَلَا سَمَّى الرجل السائل لعبد الله بن عمر وَقَدْ أَقَامَ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنْ رواة بن شِهَابٍ وَسَمُّوا الرَّجُلَ مِنْهُمْ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَاللَّيْثُ بن سعد فرووه عن بن شهاب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ أَنَّهُ سَأَلَ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَذَكَرُوا الْحَدِيثَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ لَا فَرِيضَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْقَصْرَ فِي الْقُرْآنِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ مُسَافِرًا إِذَا خَافَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَصَحَّ الْقَصْرُ لِلْمُسَافِرِ بِشَرْطِ السَّفَرِ وَشَرْطِ الْخَوْفِ ثُمَّ قَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمَرِهِ وَغَزَوَاتِهِ وَحَجَّتِهِ آمِنًا فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةَ بَيَانٍ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ وَلِهَذَا نَظَائِرٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَفِي كِتَابِ النِّكَاحِ عِنْدَ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا وَمَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَنْ إِذَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَعَلَهُ وَلَا يَشْرَعُ فِي دِينِ اللَّهِ إِلَّا مَا أَمَرَهُ بِهِ قَالَ الله تعالى (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلوة) النِّسَاءِ 103 إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى أَوْطَانِكُمْ وَمَوَاضِعِ أَمْنِكُمْ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ فَهَذِهِ صَلَاةُ الْحَضَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْقُرْآنُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي حنظلة قال سألت بن عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ السَّفَرِ قَالَ رَكْعَتَانِ قُلْتُ أَيْنَ قَوْلُهُ (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) النِّسَاءِ 101 وَنَحْنُ آمِنُونَ قَالَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَبَيْنَهُمَا آخَرُ والظاهر أنه بن أَبِي شَيْبَةَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي حَنْظَلَةَ الْحَذَّاءِ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَاللَّهُ تَعَالَى يقول (وإن خِفْتُمْ) وَنَحْنُ نَجِدُ الزَّادَ وَالْمَزَادَ فَقَالَ كَذَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أبو إسحاق الفزاري عن بن جريج عن بن أبي عمار عن بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) النِّسَاءِ 101 وقد أمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 النَّاسُ فَقَالَ عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ فَقَالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ بن جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَرَأَيْتَ إِقْصَارَ النَّاسِ الصَّلَاةَ وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) النِّسَاءِ 101 فَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَ عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صدقته هكذا قال يحيى القطان عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ المجيد بن عبد العزيز عن بن جُرَيْجٍ وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ هَذَا وَالشَّوَاهِدَ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ فِي التَّمْهِيدِ قَالَ علي بن المديني بن أبي عمار وبن بَابَيْهِ مَكِّيَّانِ ثِقَتَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ عبد الله بن بابيه وبن باباه وبن بَابِي أَيْضًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا بن عون عن بن سيرين عن بن عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَنَحْنُ آمِنُونَ لَا نَخَافُ شَيْئًا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 رَوَاهُ أَيُّوبُ وَهِشَامٌ وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ عن بن سيرين عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ إِذَا سَافَرَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ سَفَرًا طَوِيلًا أَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى اثْنَتَيْنِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا وَالْمَسَافَةُ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا قَصْرُ الصَّلَاةِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ عَنْهُمْ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَافَرَ سَفَرًا مُبَاحًا فِي غَيْرِ جِهَادٍ وَلَا حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ فروي عن بن مَسْعُودٍ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْقَصْرَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ جِهَادٍ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنِ الْعَوَامِّ قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ لَا يَرَى الْقَصْرَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ أَوْ عُمْرَةٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرحمن أن بن مَسْعُودٍ قَالَ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَذْكُرِ الْعُمْرَةَ لِأَنَّهَا حَجٌّ وَفِي مَعْنَى الْحَجِّ قال عبد الرزاق وأخبرنا بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ مَا أَرَى أَنْ تُقْصَرَ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ اللَّهِ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ يَقُولُ تُقْصَرُ فِي كُلِّ ذَلِكَ قَالَ وَكَانَ طَاوُسٌ يَسْأَلُهُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ أُسَافِرُ لِبَعْضِ حَاجَتِي أَفَأَقْصُرُ الصَّلَاةَ فَسَكَتَ وَقَالَ إِذَا خَرَجْنَا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ قال بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ قَوْلَهُمْ لَا تُقْصَرُ إِلَّا فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْخَيْرِ قَالَ إِنِّي لَأَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ قُلْتُ لِمَ قَالَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ إِمَامَ الْمُتَّقِينَ لَمْ يَقْصُرِ الصلاة إلا في سبيل من سبل الله حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ أيهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 كَانَ يَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغِي الدُّنْيَا قُلْتُ أرأيت بن عَبَّاسٍ خَرَجَ فِي غَيْرِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَالَ لَا إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ إِلَى الطَّائِفِ قُلْتُ فَجَائِزٌ وَأَبُو عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ لَا وَلَا أَحَدٌ مِنْهُمْ قُلْتُ فَمَاذَا تَرَى قَالَ أَرَى أَلَّا تُقْصَرَ إِلَّا فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْخَيْرِ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُولُ تُقْصَرُ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَ دَاوُدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى قول بن مَسْعُودٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَهُوَ عِنْدِي نَقْضٌ لِأَصْلِهِ فِي تَرْكِهِ ظَاهِرَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْلِهِ (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) النِّسَاءِ 101 وَلَمْ يَخُصَّ ضَرْبًا فِي حَجٍّ وَلَا غَيْرِهِ وَأَخَذَهُ بِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ بِخِلَافِهِ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ الضَّرْبَ فِي الْأَرْضِ ابْتِغَاءَ فَضْلِ اللَّهِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الظَّاهِرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَطَائِفَةٌ قَالَتْ بِقَوْلِ دَاوُدَ وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ يَقْصُرُ الْمُطِيعُ وَالْعَاصِي كُلُّ مُسَافِرٍ ضَارِبٍ فِي الْأَرْضِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِيهَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مُسَافِرٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ فِي طَاعَةٍ أَوْ فِي مَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ السَّفَرَ فِيهِ وَلَمْ يَحْظُرْهُ عَلَيْهِ وَسُئِلَ عَنِ الْمُسَافِرِ فِي الصَّيْدِ فَقَالَ إِنْ خَرَجَ لِلصَّيْدِ وَهَذَا مَعَاشُهُ قَصَرَ وَإِنْ خَرَجَ مُتَلَذِّذًا لِمْ أَسْتَحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ قَالَ وَمَنْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةٍ لَمْ يُجِزْ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةٍ لَمْ يَقْصُرْ وَلَمْ يَمْسَحْ مَسْحَ الْمُسَافِرِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمُنْتَهَاهُمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ تَاجِرٌ اخْتَلِفُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ لَيْسَ مِنَ الْمُسْنَدِ فِيهِ هَذَا الْإِسْنَادُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يُقْصَرُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ سَفَرٍ مُبَاحٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ عَاصِيًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَاصٍ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) النِّسَاءِ 101 وَلَمْ يَخُصَّ ضَرْبًا مِنْ ضَرْبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرُوِيَ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِذَا خَرَجَ إلى ماله بخيبر وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى مَالِهِ بالطائف ذكر عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى مَالِهِ بخيبر يطالعه قال بن جُرَيْجٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ ولا غزو وعن بن جريج عن عطاء أن بن عَبَّاسٍ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ وَسُئِلَ بن عَبَّاسٍ أَيُقْصَرُ إِلَى عَرَفَةَ وَمَرِّ الظَّهْرَانِ فَقَالَ لَا وَلَكِنِ اقْصُرْ إِلَى الطَّائِفِ وَإِلَى عَسْفَانَ وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى مُحَدَّدًا تَامًّا فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ فَقَدْ ذَكَرْنَا في التمهيد اختلاف ألفاظ رواته عن بن شهاب وغيره ولم يروه مالك عن بن شِهَابٍ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابَ وَذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَنْ خَالَفَ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فَقَالَ بَلْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَرُبَّمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ ركعتين منهم عمر وبن عَبَّاسٍ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ بن عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً وقد روي عن بن عَبَّاسٍ مِثْلُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْقُشَيْرِيِّ (رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ إِلَّا أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ أَثْبَتُ وَرَوَى وَكِيعٌ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ عن طاووس عن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ فَكَمَا يُصَلِّي فِي الْحَضَرِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فَكَذَلِكَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ وَقَدْ طَعَنَ قَوْمٌ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ لِقَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تقصروا من الصلوة) النِّسَاءِ 101 فَقَالُوا لَوْ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُقْصَرْ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الْمُسَافِرُ الْآمِنُ فِي سَفَرِهِ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَأَيُّ قَصْرٍ كَانَ يَكُونُ لَوْ كَانَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَهَذِهِ غَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِنْ كَانَتْ فُرِضَتْ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَدْ زِيدَ فِيهَا عَلَى قَوْلِهَا بَعْدَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَبَعْدَ ذَلِكَ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ بِإِبَاحَةِ الْقَصْرِ لِلضَّارِبِينَ فِي الْأَرْضِ وَهُمُ الْمُسَافِرُونَ وَهَذَا لَا يُخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَقَلُّ فَهْمٍ عَلَى أَنَّا نَقُولُ إِنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ اسْتَقَرَّ مِنْ زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ لِمَنْ شَاءَ عِنْدَ قَوْمٍ وَعِنْدَ آخَرِينَ عَلَى الْإِلْزَامِ فَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 حَاجَةَ بِنَا إِلَى أَوَّلِ فَرْضِهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْإِلْزَامِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ قَدْ خُولِفَتْ فِيهِ فَكَانَتْ هِيَ أَيْضًا (رَحِمَهَا اللَّهُ) لَا تَأْخُذُ بِهِ وَإِنَّمَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي سَفَرِهَا وَالْمَصِيرُ إِلَى ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جناح أن تقصروا من الصلوة) النِّسَاءِ 101 أَوَّلًا لِأَنَّ رَفْعَ الْجُنَاحِ يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ لَا عَلَى الْإِلْزَامِ مَعَ مَا قَدَّمْنَا مِنَ الْآثَارِ الْمُنْبِئَةِ بِأَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ وَرُخْصَةٌ وَصَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي حَنْظَلَةَ قَالَ سَأَلْتُ بن عُمَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ رَكْعَتَانِ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ وَأَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي إِيجَابِ الْقَصْرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ الْقَصْرَ وَاجِبٌ فِي السَّفَرِ فَرْضًا وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَطَائِفَةٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إسحاق وأبو بكر بن الجهمي وذكر بن الْجَهْمِيِّ أَنَّ أَشْهَبَ رَوَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فِي السِّفْرِ وَالْحَضَرِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الفريضة الأولى وحديث بن عَبَّاسٍ فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْنَا حَدِيثَ عُمَرَ هَذَا فِي التَّمْهِيدِ وَذَكَرْنَا الْعِلَّةَ فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ فَرْضٌ أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ عَامِدًا أَوْ رَأَى الْإِعَادَةَ عَلَيْهِ وَاجِبَةً رَكْعَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ قَعَدَ الْمُسَافِرُ فِي اثْنَتَيْنِ لَمْ يُعِدْ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ إِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا أَعَادَ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَمْ يُعِدْ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا أَعَادَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ فِي سَفَرِهِ وَكَثُرَ لَمْ يُعِدْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي أَرْبَعًا عَامِدًا بَطُلَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ صَلَّاهَا سَاهِيًا فَإِنْ قَعَدَ فِي اثْنَتَيْنِ فَقَرَأَ التَّشَهُّدَ قُضِيَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ خَلَطَ الْفَرْضَ عِنْدَهُمْ بِالنَّافِلَةِ إِذَا لَمْ يَقْعُدْ فِي الِاثْنَيْنِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَفَسَدَتْ لِذَلِكَ صَلَاتُهُ عِنْدَهُمْ وَأَصْلُ الْكُوفِيِّينَ فِي مُرَاعَاةِ الْجُلُوسِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لِأَنَّ الْقُعُودَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمْ فَرْضٌ وَاجِبٌ وَالتَّشَهُّدُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِوَاجِبٍ وَلَا السَّلَامُ لِأَنَّهُمَا مِنَ الذِّكْرِ وَحُجَّتُهُمْ فيها ذهبوا إليه من ذلك حديث بن مَسْعُودٍ فِي التَّشَهُّدِ لِأَنَّ فِيهِ عَنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ فَإِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ إِذَا سَلَّمْتَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَهُمْ يَقُولُونَ بوجوب الإحرام فرضا فكذلك السلام لأنهما جاء مَجِيئًا وَاحِدًا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ هَذَا مَا يُوجِبُ أَنَّ مَنْ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ تَتِمَّ صَلَاتُهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي التَّشَهُّدِ فِي بَابِ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ أَنَّهُ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ لَا فَرِيضَةٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إِنَّهُ رُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ فَمَنْ جَعَلَهَا سُنَّةً رَأَى الْإِعَادَةَ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ وَكَرِهَ الْإِتْمَامَ وَهَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَمَنْ رَآهَا رُخْصَةً أَجَازَ الْإِتْمَامَ وَجَعَلَ الْمُسَافِرَ بِالْخِيَارِ فِي الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَذَكَرَ أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ رِوَايَةُ أَبِي مُصْعَبٍ أَغْنَتْنَا عَنْ طَلَبِ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ يَعْنِي مِنْ مَسَائِلِهِ وَأَجْوِبَتِهِ وقال بن خواز مندار الْمَالِكِيُّ الْقَصْرُ عِنْدَ مَالِكٍ مَسْنُونٌ غَيْرُ وَاجِبٍ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِيمَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ صَلَاةَ سَفَرٍ وَإِنْ خَرَجَ الوقت فلا شيء عليه هذه رواية بن القاسم عنه قال بن الْقَاسِمِ وَلَوْ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فِي الْوَقْتِ لَأَعَادَهَا مَرَّةً ثَالِثَةً أَرْبَعًا قَالَ وَلَوْ أَحْرَمَ مُسَافِرٌ فَنَوَى أَرْبَعًا ثُمَّ بَدَا لَهُ ثُمَّ سلم من اثنتين لم يجزه وذكر بن حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ جَاهِلًا أَوْ عَامِدًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّهُ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ وَرَوَى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُسَافِرٍ أَمَّ قَوْمًا فِيهِمْ مُسَافِرٌ وَمُقِيمٌ فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِهِمْ جَاهِلًا قَالَ أَرَى أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ جَمِيعًا وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ بن المواز الذي رجع إليه بن الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى فِي سَفَرِهِ أَرْبَعًا نَاسِيًا لِسَفَرِهِ أَوْ عَامِدًا لِذَلِكَ أَوْ جَاهِلًا فَلْيُعِدْ فِي الْوَقْتِ وَكَذَا قَالَ سَحْنُونٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ خَائِفًا بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ فِي السَّفَرِ قَصَرَ بِالسُّنَّةِ قَالَ وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُتِمَّ مُتَأَوِّلًا فَإِنْ أَتَمَّ مُتَأَوِّلًا وَأَخَذَ بِالرُّخْصَةِ فَلَا حَرَجَ قَالَ وَلَيْسَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَنْوِيَ الْقَصْرَ مَعَ الْإِحْرَامِ فَإِنْ أَحْرَمَ وَلَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ فَرْضِهِ أَرْبَعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ مُخَيَّرٌ فِي الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ كَمَا هُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْفِطْرِ وَالصِّيَامِ وَكَذَلِكَ جَمَاعَةُ الْمَالِكِيِّينَ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا قَامَ الْمُسَافِرُ إِلَى ثَلَاثَةٍ وَصَلَّاهَا ثُمَّ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يُلْغِيهَا وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِيمَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا بِئْسَ مَا صَنَعَ وَقَدْ قَضَتْ عَنْهُ صَلَاتَهُ! ! ثُمَّ قَالَ لِلسَّائِلِ لَا أُمَّ لَكَ تَرَى أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكُوهَا لِأَنَّهَا ثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي عَلَيْهِ بَنَى مَذْهَبَهُ مِنْ جَعْلِ الْقَصْرِ فَرْضًا يُخْرِجُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ تَمَامُهَا فِي السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَا يَظُنُّ عَاقِلٌ بِهَا تَعَمُّدَ إِفْسَادِ صَلَاتِهَا بِالزِّيَادَةِ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا عَامِدَةً يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا عَلِمَتْ أَنَّ الْقَصْرَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ وَإِذَا كَانَتْ رُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ فَالنَّاسُ مُخَيَّرُونَ فِي قَبُولِهَا إِلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدِي الْقَصْرُ لِأَنَّهُ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسْفَارِهِ كُلِّهَا سُنَّةٌ لِأُمَّتِهِ وَفِيهِ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ عَائِشَةَ إِنَّمَا أَتَمَّتْ فِي سَفَرِهَا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهَا تَأَوَّلَتْ أَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَحَيْثُ مَا كَانَتْ فَهِيَ عِنْدَ بَنِيهَا كَأَنَّهَا فِي أَهْلِهَا وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا صَارَتْ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ كَانَتْ زَوْجًا لِأَبِي الْمُؤْمِنِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ صَارَ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ رَوَى فِي قِرَاءَاتِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (النَّبِيُّ أَوْلَى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهتهم) الأحزاب 6 وروي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرُوا مِنْ تَأْوِيلِ عَائِشَةَ لَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهَا وَصَلَاتُهُ فِي أَسْفَارِهِ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ سَنَّ لِأُمَّتِهِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ فِي مَوْضِعِ إِقَامَتِهِ رَكْعَتَيْنِ فِي صَلَاةِ أَرْبَعٍ خِلَافَ مَا شَرَعَ لِأُمَّتِهِ وَبَيَّنَ فِي ذَلِكَ مُرَادَ رَبِّهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) إِنَّمَا أَتَمَّتْ فِي السَّفَرِ لِوُجُوهٍ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَوْلَاهَا عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْ قَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خُيِّرَ فِي الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ اخْتَارَ الْإِقْصَارَ لِيُسْرِ ذَلِكَ عَلَى أُمَّتِهِ وَقَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَأَخَذَتْ هِيَ فِي خَاصَّتِهَا بِغَيْرِ رُخْصَةٍ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا لَهَا فِي حُكْمِ التَّخْيِيرِ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى ذَلِكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بن وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَيَقْصُرُ وَيَصُومُ وَيُفْطِرُ وَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَيُعَجِّلُ الْعَصْرَ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَيُعَجِّلُ الْعِشَاءَ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ إِنْ صَلَّيْتُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ فَالسُّنَّةُ وَإِنْ صَلَّيْتُ أَرْبَعًا فَالسُّنَّةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ قَالَ إِنْ شِئْتَ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ شِئْتَ أَرْبَعًا قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ فَقَالَ إِنْ قَصَرْتَ فَسُنَّةٌ وَإِنْ شِئْتَ أَتْمَمْتَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خُضَيْرٍ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ الْمَكِّيِّ قَالَ اصْطَحَبْتُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يُتِمُّ وَبَعْضُهُمْ يَقْصُرُ وَبَعْضُهُمْ يَصُومُ وَبَعْضُهُمْ يُفْطِرُ فَلَا يَعِيبُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 وَرَوَى زَيْدٌ الْعَمِّيُّ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ وَذَكَرَ عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يُوَفِّي الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ وَيَصُومُ قَالَ وَسَافَرَ النَّاسُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَعْدٌ مَعَهُمْ فَأَوْفَى سَعْدٌ الصَّلَاةَ وَصَامَ وَقَصَرَ الْقَوْمُ وَأَفْطَرُوا فَقَالُوا لِسَعْدٍ كَيْفَ نُفْطِرُ وَنَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَأَنْتَ تُتِمُّهَا وَتَصُومُ فَقَالَ دُونَكُمْ أَمْرَكُمْ فَإِنِّي أَعْلَمُ بِشَأْنِي قَالَ فَلَمْ يُحَرِّمْهُ سَعْدٌ عَلَيْهِمْ وَلَا نَهَاهُمْ عنه قال بن جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ فَأَيُّ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ قَصْرُهَا وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَ الصَّالِحُونَ وَالْأَخْيَارُ وَرَوَى جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ سَافَرُوا فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ سَعْدٌ وَقَصَرَ الْقَوْمُ وَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ عَطَاءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ بَعْدَ سِتَّةِ أَعْوَامٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ خِلَافَتِهِ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ وُجُوهًا أَرْبَعَةً وَرَوَوْا بَعْضَهَا عَنْهُ فَذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ مِنْهَا أَنَّهُ اتَّخَذَ أَهْلًا بِمَكَّةَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَالَ أَنَا خَلِيفَةٌ حَيْثُ مَا كُنْتُ فَهُوَ عَمَلِي وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا صَلَّى مَعَهُ رَكْعَتَيْنِ فَظَنَّ أَنَّ الْفَرِيضَةَ رَكْعَتَانِ فَانْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ السَّنَةَ كُلَّهَا فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ عَنْ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ جَمِيعًا أَصَحُّ وَذَلِكَ أَنَّهُمَا رَأَيَا أَنَّ لَهُمَا الْقَصْرَ وَالتَّمَامَ كَمَا لَهُمَا الْفِطْرُ وَالصِّيَامُ وَرَأَيَا أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ فَمَالَا إِلَى التَّمَامِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يَصِحُّ عِنْدِي مِنْهَا إِلَّا أَنَّهُ اخْتَارَ التَّمَامَ لِعِلْمِهِ بِصِحَّةِ تَخْيِيرِ الْمُسَافِرِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالتَّمَامِ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ ركعتين ومع عمر ركعتين ومع عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّاهَا أربعا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 قَالَ الزُّهْرِيُّ فَبَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا صَلَّاهَا أَرْبَعًا لِأَنَّهُ أَزْمَعَ أَنْ يُقِيمَ بَعْدَ الْحَجِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ عُثْمَانَ مُهَاجِرِيٌّ لَا يَحِلُّ لَهُ الْمُقَامُ بِمَكَّةَ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ إِلَّا وَرَوَاحِلُهُ قَدْ رَحَلَتْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قال وحدثنا أبو سَعِيدٌ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ لِي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَابَ بن مَسْعُودٍ عُثْمَانَ بِالْإِتْمَامِ بِمِنًى ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى خَلْفَهُ أَرْبَعًا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْخِلَافُ شَرٌّ رَوَيْنَا ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ عُثْمَانَ لَوْ كَانَ الْقَصْرُ عِنْدَهُ فَرْضًا مَا أَتَمَّ وَهُوَ مُسَافِرٌ بمنى وكذلك بن مَسْعُودٍ لَوْ كَانَ الْقَصْرُ عِنْدَهُ وَاجِبَ فَرْضٍ مَا صَلَّى خَلْفَ عُثْمَانَ أَرْبَعًا وَلَكِنَّهُ رَأَى أَنَّ الْخِلَافَ عَلَى الْإِمَامِ فِيمَا سَبِيلُهُ التَّخْيِيرُ وَالْإِبَاحَةُ شَرٌّ لِأَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ لِمُوَاظَبَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أَسْفَارِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَابَهُ لِتَرْكِهِ الْأَفْضَلَ عِنْدَهُ وَكَذَلِكَ صَنَعَ سَلْمَانُ سَافَرَ مَعَ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ نَحْوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَرَادُوهُ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ فَأَبَى وَتَقَدَّمَ بَعْضُ الْقَوْمِ فَصَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ سَلْمَانُ مَا لَنَا وَلِلْمُرَبَّعَةِ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِينَا رَكْعَتَيْنِ نَصِفَ الْمُرَبَّعَةِ وَلَمْ يُعِدْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 صَلَاتَهُ وَلَا أَمَرَ أَحَدًا بِالْإِعَادَةِ بَلْ تَمَادَى وَرَاءَ إِمَامِهِ وَرَأَى ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ ذُكِرَ خَبَرُ سَلْمَانَ هَذَا عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ قَالَ خَرَجَ سَلْمَانُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُزَاةً وَسَلْمَانُ أَسَنُّهُمْ وَذَكَرَ الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ وَرَوَاهُ وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ وَمَعَنَا سَلْمَانُ وَنَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا رَاكِبًا كُلُّهُمْ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَى مَا وَصَفْنَاهُ وَفِي هَذَا كُلِّهِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ صِحَّةُ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي أَنَّ الْقَصْرَ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاجِبٍ وَإِنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ وَرُخْصَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِنَّمَا اخْتَارَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ الْقَصْرَ لِأَنَّهُ الَّذِي عَمِلَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَكَذَلِكَ كَانَ عَلِيٌّ يَقْصُرُ فِي أَسْفَارِهِ كُلِّهَا إِلَى صِفِّينَ وَغَيْرِهَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو بكر قال حدثنا بن عُلَيَّةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ مَرَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مَجْلِسِنَا فَقَامَ إِلَيْهِ فَتًى مِنَ الْقَوْمِ فَسَأَلَهُ عن صلاة رسول الله فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَالْعُمْرَةِ فَجَاءَ فَوَقَفَ عَلَيْنَا فَقَالَ إِنَّ هَذَا سَأَلَنَا عَنْ أَمْرٍ فَأَرَدْتُ أَنْ تَسْمَعُوهُ أَوْ كَمَا قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَحَجَجْتُ مَعَهُ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشَرَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا سَفْرٌ وَاعْتَمَرَ وَاعْتَمَرْتُ مَعَهُ ثَلَاثَ عُمَرٍ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ وَخَرَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَغَزَوْتُ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَحَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ حَجَّاتِهِ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَحَجَجْتُ مَعَ عُثْمَانَ سَبْعَ سِنِينَ مِنْ إِمَارَتِهِ لا يصلي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى بِمِنًى أَرْبَعًا |