مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا قَصَرَ
الصَّلَاةَ بِذِي الحليفة

قال أبو عمر كان بن عُمَرَ يَتَبَرَّكُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُنْزِلُهَا لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَكَانَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا قَصَرَ
الصَّلَاةَ بِذِي الحليفة
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229
قال أبو عمر كان بن عُمَرَ يَتَبَرَّكُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُنْزِلُهَا لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَكَانَ يَمْتَثِلُ فِعْلَهُ بِكُلِّ مَا يُمْكِنُهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ الصَّلَاةَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ (صَلَاةَ الْعَصْرِ) فِي حِينِ خُرُوجِهِ
مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ هُوَ مَتَى خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لَمْ يَقْصُرِ الصَّلَاةَ إِلَّا
بِذِي الْحُلَيْفَةِ
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا والعصر بذي الحليفة ركعتين
ورواه الثوري وبن عُيَيْنَةَ كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ جَمِيعًا
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
ذَكَرَهُ وَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن عُيَيْنَةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا سفر بن عُمَرَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بُيُوتِ
الْمَدِينَةِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ
أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بُيُوتِ الْمَدِينَةِ وَيَقْصُرُ إِذَا رَجَعَ
حَتَّى يَدْخُلَ بُيُوتَهَا وَاللَّفْظُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ وَرْقَاءَ بْنِ إِيَاسٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ
خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وَنَحْنُ ننظر إلى الكوفة فصلى ركعتين ثم رجعلنا
فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى الْكُوفَةِ فَقُلْتُ أَلَا تُصَلِّي أَرْبَعًا قَالَ لَا حَتَّى نَدْخُلَهَا
وروى بن عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبَى إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى صِفِّينَ فَلَمَّا كَانَ بَيْنَ الْجِسْرِ وَالْقَنْطَرَةِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
وَمِثْلُ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى
وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا مَنْ شَذَّ
وَمِمَّنْ رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْهُ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230
الْجُعْفِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ الَّذِي يُرِيدُ السَّفَرَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ بُيُوتِ
الْقَرْيَةِ وَلَا يُتِمُّ حَتَّى يَدْخُلَهَا أَوْ يُقَارِبَهَا وَهَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ عند جمهور أصحابه
وذكر بن حبيب عن مطرف وبن الماجشون عن مالك وبن كِنَانَةَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
قَالَ إِذَا كَانَتِ الْقَرْيَةُ لَا تُجْمَعُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ الْخَارِجُ عَنْهَا حَتَّى
يُجَاوِزَ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ وَذَلِكَ أَيْضًا مَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ فِيهِ عَلَى مَنْ كَانَ خَارِجًا مِنَ الْمِصْرِ
وَكَذَلِكَ إِذَا انْصَرَفَ لَا يَزَالُ يَقْصُرُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى مَثَلِ ذَلِكَ مِنَ الْمِصْرِ
قَالَ أبو عمر الذي رواه بن الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي
الْمُوَطَّأِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مذهبه والذي ذكره بن الْحَكَمِ عَنْهُ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ
السَّلَفِ وَجُمْهُورُ الْخَلْقِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْإِقَامَةُ لِلْمُسَافِرِ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى غَيْرِ النِّيَّةِ وَأَمَّا السَّفَرُ فَمُفْتَقِرٌ
إِلَى الْعَمَلِ مَعَ النِّيَّةِ وَكَذَلِكَ مَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَإِتْمَامُ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ
وَمَنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ وَنَوَى السَّفَرَ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا بِنِيَّتِهِ حَتَّى يَعْمَلَ أَقَلَّ عَمَلٍ فِي
سَفَرِهِ
فَإِذَا تَأَهَّبَ الْمُسَافِرُ وَخَرَجَ مَنْ حَضَرِهِ عَازِمًا عَلَى سَفَرِهِ فَهُوَ مُسَافِرٌ وَمَنْ كَانَ
مُسَافِرًا فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيَقْصُرَ الصَّلَاةَ إِنْ شَاءَ
ذَكَرَ عَبْدُ الرزاق عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ حَاجًّا فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ
بُيُوتِ الْقَرْيَةِ حَتَّى حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَإِنْ شَاءَ قَصَرَ
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْبَصْرَةِ رَأَى خُصًّا فَقَالَ لَوْلَا هَذَا الْخُصُّ لَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ
وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ مِثْلَهُ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى مَكَّةَ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ بِقَنْطَرَةِ الحيرة
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231
وَكَانَ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ إِذَا خَرَجُوا مُسَافِرِينَ
قَصَرُوا الصَّلَاةَ إِذَا خَرَجُوا مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ
وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ عَنْهُ الَّذِي عَلَيْهِ يَتَحَصَّلُ مَذْهَبُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ
وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَجُمْهُورِ
أهل العلم