وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي وَرَاءَ الْإِمَامِ بِمِنًى
أَرْبَعًا فَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا اخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ
يُصَلِّي وَرَاءَ مُقِيمٍ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِذَا لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي وَرَاءَ الْإِمَامِ بِمِنًى
أَرْبَعًا فَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا اخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ
يُصَلِّي وَرَاءَ مُقِيمٍ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِذَا لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً تَامَّةً صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ
رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا صَلَّى أَرْبَعًا
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا قَالُوا يُصَلِّي صَلَاةَ مُقِيمٍ وَإِنْ أَدْرَكَهُ
فِي التَّشَهُّدِ
قَالَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِيمَنْ
صَلَّى مِنَ الْمُسَافِرِينَ مَعَ الْحَضَرِيِّ رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ رُعَافٌ فَقَطَعَ
صَلَاتَهُ قَالَ يَبْنِي عَلَى صَلَاةِ مُقِيمٍ حَتَّى يُكْمِلَ أَرْبَعًا قِيلَ لَهُ فَإِنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ مُسَافِرٍ
فِي بَيْتِهِ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُمْ فِي تَشَهُّدِ تِلْكَ الصَّلَاةِ الْآخِرِ فَجَلَسَ مَعَهُمْ قَالَ لَا
يُعْتَدُّ بِمَا أَدْرَكَ مِنَ الْجُلُوسِ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكِ الرَّكْعَةَ مَعَهُمْ وَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ صَلَاتُهُ
الَّتِي صَلَّى فِي بَيْتِهِ
قَالَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي مُسَافِرٍ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ رَكْعَتَيْنِ فَسَهَا حَتَّى صَلَّى
ثَلَاثًا قَالَ لِيُكْمِلْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي قَوْلِهِ إِنَّ كُلَّ مُسَافِرٍ دَخَلَ فِي صَلَاةِ مُقِيمٍ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ
الْمُقِيمُ مِنْهَا لَزِمَهُ إِتْمَامُهَا وَلَا يُرَاعِي إِدْرَاكَ الرَّكْعَةِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ نَوَى فِي
حِينِ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ فَكَذَلِكَ مَنْ دَخَلَ مَعَ مُقِيمٍ فِي صَلَاتِهِ
وَحُجَّةُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسَافِرَ سُنَّتُهُ رَكْعَتَانِ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي
حُكْمِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْهَا وَالْمُسَافِرُ إِذَا لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ بِإِجْمَاعٍ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُسَافِرِ يُدْرِكُ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ يُدْرِكُهُ فِي
التَّشَهُّدِ فَيُصَلِّي مَعَهُ ثُمَّ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ مَاذَا يَقْضِي
وَمَاذَا عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فَأَمَّا مَالِكٌ فَقَالَ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَةً وَهُوَ مُسَافِرٌ
لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْهَا فَصَلَاتُهُ رَكْعَتَانِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا إِذَا
صَلَّى مَعَ الْمُقِيمِ رَكْعَةً ثُمَّ فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً رَجَعَ إِلَى
عَمَلِ صَلَاتِهِ رَكْعَتَيْنِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَإِنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ بِدُخُولِهِ الْإِتْمَامُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ
أَرْبَعًا وَيَصِحُّ لَهُمُ الدُّخُولُ عِنْدَهُمْ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ مُقِيمٍ ثُمَّ يَقْطَعُهَا يُصَلِّي صَلَاةَ
مُسَافِرٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ أَرْبَعًا اتِّبَاعًا لَهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ خَلْفَ مُقِيمٍ لَمْ يُصَلِّ إِلَّا
فَرِيضَةَ رَكْعَتَيْنِ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ مَعَ الْمُقِيمِ وَجَبَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُقِيمِ فَلَمَّا أَفْسَدَهَا وَجَبَ
عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِتْمَامِ
وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَمَّا أَفْسَدَهَا رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ مِنَ الْخِيَارِ فِي الْإِتْمَامِ أَوِ
التَّقْصِيرِ
وَأَمَّا مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي سَفَرٍ أَوْ نَسِيَهَا فِي السَّفَرِ فَذَكَرَهَا وَهُوَ
مُقِيمٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ حَيْثُ ذَكَرَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي
مُوَطَّئِهِ وَذَلِكَ فِي بَابِ جَامِعِ الْوُقُوتِ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا هُنَاكَ إِلَّا وَجْهًا واحدا فنذكر
ها هنا مَا لِلْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ لِيَتِمَّ فَائِدَتُهَا
قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ فَاتَتْهُ فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا مُقِيمًا قَصَرَهَا
وَإِنْ سَافَرَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْوَقْتِ فِي الْحَضَرِ صَلَّاهَا مُسَافِرًا
صَلَاةَ مُقِيمٍ كَمَا لَزِمَتْهُ إِنَّمَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ عَلَى حَسَبِ مَا فَاتَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ
وَالثَّوْرِيِّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
يُصَلِّي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا صَلَاةَ حَضَرٍ
وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِبَغْدَادَ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ ثُمَّ رَجَعَ بِمِصْرَ إِلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ
وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي
السَّفَرِ صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً وَمَنْ نَسِيَهَا فِي السَّفَرِ وَذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ صَلَّاهَا حَضَرِيَّةً
أَرْبَعًا لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْحِينِ الَّذِي يَذْكُرُهَا فِيهِ كَمَا لَوْ ذَكَرَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ
أَوْ ذَكَرَهَا وَهُوَ فِي صِحَّةٍ وَقَدْ لَزِمَتْهُ فِي مَرَضِهِ صَلَّاهَا عَلَى حاله
وبهذا قال بن علية وبن الْمَدِينِيِّ وَالطَّبَرِيُّ