وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ أَيْدِي النِّسَاءِ وَهُنَّ يُصَلِّينَ وَفَائِدَتُهُ كراهة بن عُمَرَ لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ لِأَنَّ صُفُوفَ (...) |
وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ
يَمُرَّ بَيْنَ أَيْدِي النِّسَاءِ وَهُنَّ يُصَلِّينَ وَفَائِدَتُهُ كراهة بن عُمَرَ لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 لِأَنَّ صُفُوفَ النِّسَاءِ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ شَيْءٌ مِنَ الْبُعْدِ وَلَا يَحْتَمِلُ عِنْدِي مَا ظَنَّهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ كَرَاهِيَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ صُفُوفِ النِّسَاءِ وَهُنَّ خَلْفَ الْإِمَامِ لِمَا قَدَّمْنَا فِي سُتْرَةِ الْإِمَامِ أَنَّهَا سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ الْمُصَلِّي بِالدُّنُوِّ مِنْ سُتْرَتِهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وهو مذكور في التمهيد وها هنا أَنَّ الدُّنُوَّ مِنْهَا مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وغيره عن نافع عن بن عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ وَفِيهِ وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ هَكَذَا رواه بن الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ قَالَ عَطَاءٌ أَقَلُّ مَا يَكْفِيكَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يَسْتَحِبَّانِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَلَا يُوجِبَانِ ذَلِكَ وَلَمْ يَحُدَّ فِيهِ مَالِكٌ حَدًّا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِي يَقْطَعُ الصَّلَاةَ قَذْفَةُ حَجَرٍ لَمْ يَقْطَعِ الصَّلَاةَ وَخَيْرٌ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ الِاقْتِدَاءُ وَالتَّأَسِّي بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ مَقَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ممر عنز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرْقُ عِنْدِي لِمَنْ صَلَّى بِغَيْرِ سُتْرَةٍ بَيْنَ مَنْ يَدْرَأُهُ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَدْرَأُهُ هُوَ الْمِقْدَارُ الَّذِي لَا يَنَالُ الْمُصَلِّي فِيهِ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ لِيَدْرَأَهُ وَيَدْفَعَهُ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمَشْيَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا إِلَى الْفُرَجِ فِي الصَّفِّ لِمَنْ رَكَعَ دُونَهُ وَقَدْ قِيلَ لَا يَذُبُّ إِلَّا رَاكِعًا وَلَوْ أَجَزْنَا لَهُ الْمَشْيَ إِلَيْهِ بَاعًا أَوْ بَاعَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَثَرٍ لَزِمْنَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ فَاسِدٌ بِإِجْمَاعٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ السُّتْرَةِ وَالصَّمْدُ لَهَا فَفِي حَدِيثِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى عُودٍ وَلَا إِلَى عَمُودٍ وَلَا شَجَرَةٍ إِلَّا جَعَلَهُ عَنْ جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمْدَا وَكُلُّ الْعُلَمَاءِ يَسْتَحْسِنُونَ هَذَا وَلَا يُوجِبُونَهُ خَوْفًا مِنَ الْحَدِّ فِي مَا لَمْ يُجِزْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ وَأَمَّا قَدْرُ السُّتْرَةِ وَصِفَتُهَا فِي ارْتِفَاعِهَا وَغِلَظِهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الْمُصَلِّي فِي السُّتْرَةِ غِلَظُ الرُّمْحِ وَكَذَلِكَ السَّوْطُ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَالْعَصَا وَارْتِفَاعُهَا قَدْرُ عَظْمِ الذِّرَاعِ هَذَا أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ وَلَا يُفْسِدُ غَيْرُهُ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا لَهُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَقَلُّ السُّتْرَةِ قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ وَيَكُونُ ارْتِفَاعُهَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ذِرَاعًا وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَقَالَ قَتَادَةُ ذِرَاعٌ وَشِبْرٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَلَى قَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ وَلَمْ يَحُدَّ ذِرَاعًا وَلَا عَظْمَ ذِرَاعٍ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ وَقَالَ يُجْزِئُ السَّهْمُ وَالسَّوْطُ وَالسَّيْفُ يَعْنِي فِي الْغِلْظَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُعْرَّضُ وَلَا يُنْصَبُ وَفِي الْخَطِّ فَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ عَظْمِ الذِّرَاعِ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذِرَاعٍ لَا يُجِيزُ الْخَطَّ إِلَّا أَنْ يُعَرِّضَ العصا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 وَالْعُودَ فِي الْأَرْضِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَهُمْ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ الْخَطُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ مَالِكٌ الْخَطُّ بَاطِلٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ إِذَا لَمْ يَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا وَلَمْ يَجِدْ عَصًا يَنْصِبُهَا فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْعِرَاقِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا لَمْ يَنْتَصِبْ لَهُ عَرَّضَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَصَلَّى إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ خَطًّا وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالسَّوْطُ بِعَرْضِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْخَطِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ لَا يَخُطُّ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ خَطًّا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ فَيُتَّبَعُ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْخَطِّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلِيَنْصُبْ عَصَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ وَلَا يَجِيءُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ أَبُو عَمْرٍو وَجَدُّهُ مَجْهُولَانِ وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ فَكَانَا يُصَحِّحَانِ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْخَطِّ كَيْفَ يَكُونُ نَصْبُهُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَخُطُّهُ فِي الْأَرْضِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ قَائِمًا وَلَا يَعْرِضُ عَرْضًا وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ يَجْعَلُهُ مُعْتَرِضًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ يَخُطُّ خَطًّا كَالْمِحْرَابِ وَيُصَلِّي إِلَيْهِ كَالصَّلَاةِ فِي الْمِحْرَابِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَخْتَارُ هَذَا وَيُجِيزُ الْوُجُوهَ الثَّلَاثَةَ وَبِاللَّهِ التوفيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 (11 بَابِ الرُّخْصَةِ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي) |