ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ
الصُّفُوفِ وَالصَّلَاةُ قَائِمَةٌ
قَالَ مَالِكٌ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ وَاسِعًا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَبَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَجِدِ
الْمَرْءُ مَدْخَلًا إِلَى الْمَسْجِدِ إِلَّا بين الصفوف
قال (...)
 
ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ
الصُّفُوفِ وَالصَّلَاةُ قَائِمَةٌ
قَالَ مَالِكٌ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ وَاسِعًا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَبَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَجِدِ
الْمَرْءُ مَدْخَلًا إِلَى الْمَسْجِدِ إِلَّا بين الصفوف
قال أبو عمر حديث بن شهاب في هذا الباب خالف بن عُيَيْنَةَ مَالِكًا فِي بَعْضِ
أَلْفَاظِهِ فَرَوَاهُ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
جِئْتُ أنا والفضل على أتان وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِعَرَفَةَ فَمَرَرْنَا
بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْنَا وَتَرَكْنَاهَا تَرْتَعُ فَلَمَّا دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ مَا تَرْجَمَ بِهِ الْبَابَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي
الْمَشْيِ بَيْنَ يَدَيِ الصُّفُوفَ خَلْفَ الْإِمَامِ رُخْصَةً لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا وَغَيْرُهُ لَا
يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا لحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا قَوْلُهُ فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ
عَلَيَّ أَحَدٌ
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفُهُ فَالْمَاشِي خَلْفَهُ أَمَامَ الصَّفِّ كَالْمَاشِي خَلْفَهُ دُونَ
الصَّفِّ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282
وَيَحْتَمِلُ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمَارُّ لَمْ يَجِدْ بُدًّا كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا قَدَّمْنَا فِي
الْبَابِ قَبْلَ هَذَا مِنَ الْآثَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفُهُ
وَظَاهِرُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ الْمُتَرْجَمَ بِهَا هَذَا الْبَابُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى التَّشْدِيدِ فِي
الْبَابِ قَبْلَهُ وَالْآثَارُ كُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ
وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَدَّ الْبَهِيمَةَ الَّتِي هَمَّتْ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى أَلْصَقَ مَنْكِبَهُ
بِالْجِدَارِ فَمَرَّتْ خَلْفَهُ
وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْحِمَارَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَانْفَصَلَ مِنْهُمْ مُخَالِفُهُمْ
فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ مُرُورُ الْأَتَانِ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَيْنَ يَدَيِ الصَّفِّ وَفِيهِ إِجَازَةُ شَهَادَةُ
مَنْ عَلِمَ الشَّيْءَ صَغِيرًا فَأَدَّاهُ كَبِيرًا وَهَذَا أملا لَا خِلَافَ فِيهِ
وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يَعْلَمُ فِي حَالِ عُبُودِيَّتِهِ مَا يُؤَدِّيهِ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ
وَالْفَاسِقُ يَعْلَمُ فِسْقَهُ مَا يَشْهَدُ بِهِ فِي حَالِ عَدَالَتِهِ
وَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ بِشَهَادَةٍ فِي
الْحَالِ الْأَوْلَى فَرُدَّتْ ثُمَّ شَهِدَ بِهَا فِي الْحَالِ الثَّانِيَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ لَا تُقْبَلُ إِذَا رُدَّتْ قَبْلُ
وَقَالَ غَيْرُهُ تُقْبَلُ لِارْتِفَاعِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا رُدَّتْ أَوَّلًا