ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى (...) |
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى قَوْلَهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ إِلَّا الْحَدَثَ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ فَقَدْ بَانَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ اغْفِرِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَمَعْنَى تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ يُرِيدُ تَدْعُو لَهُ وَتَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ وَمُصَلَّاهُ مَوْضِعُ صَلَاتِهِ وَذَلِكَ عِنْدِي فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ هُنَاكَ يَحْصُلُ مُنْتَظِرًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 لِلصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَغْلَبُ فِي مَعْنَى انْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَلَوْ قَعَدَتِ الْمَرْأَةُ فِي مُصَلَّى بَيْتِهَا تَنْتَظِرُ وَقْتَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى فَتَقُومُ إِلَيْهَا لَمْ يَبْعُدْ أَنْ تَدْخُلَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ لِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَنِ التَّصَرُّفِ رَغْبَةً فِي الصَّلَاةِ وَخَوْفًا مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي شُغُلٍ يَفُوتُهَا مَعَهُ الصَّلَاةُ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قِيلَ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ رِبَاطٌ لِأَنَّ الْمُرَابِطَ يَحْبِسُ نَفْسَهُ عَنِ الْمَكَاسِبِ وَالتَّصَرُّفِ إِرْصَادًا لِلْعَدُوِّ وَمُلَازَمَةً لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْشَى فِيهِ طَرِيقَ الْعَدُوِّ وَلِلصَّلَاةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وُجُوهٌ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ الصَّلَاةُ تَنْقَسِمُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ تَكُونُ الصَّلَاةُ الْمَعْرُوفَةُ الَّتِي فيه الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ كَمَا قَالَ تَعَالَى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) الْكَوْثَرِ 2 قَالَ أَبُو عُمَرَ أَنْشَدَ نِفْطَوَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلَ الْأَعْشَى (يُرَاوِحُ مِنْ صلوات الملك ... طورا سجودا وطورا جؤارا) والحوار ها هنا الرُّجُوعُ إِلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ للبكرة تدور على الحور قال بن الْأَنْبَارِيِّ وَتَكُونُ الصَّلَاةُ التَّرَحُّمُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قال الله عز وجل (أؤلئك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) الْبَقَرَةِ 157 وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ (صَلَّى الْإِلَهُ عَلَيْهِمُ مِنْ فِتْيَةٍ ... وَسَقَى عِظَامَهُمُ الْغَمَامُ الْمُسْبِلُ) وَقَالَ آخَرُ (صَلَّى عَلَى يَحْيَى وَأَشْيَاعِهِ ... رَبٌّ كَرِيمٌ وَشَفِيعٌ مُطَاعْ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عن بن أَبِي أَوْفَى قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ آلِ أَبِي أَوْفَى فَقَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى يُرِيدُ اللهم ارحمهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حدثنا عبيد الله بن محمد يعني بن حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَةٍ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَةٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى وَتَكُونُ الصَّلَاةُ الدُّعَاءُ وَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ مَعْنَاهَا الدُّعَاءُ لِأَنَّهَا لَا رُكُوعَ فِيهَا وَلَا سُجُودَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ يُرِيدُ يَدْعُو وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بها) الإسراء 110 فقيل والصلاة ها هنا الدُّعَاءُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا نَزَلَتْ بِسَبَبِهِ الْآيَةُ عَلَى مَا قَدْ أَوْرَدْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ وَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ له اللهم ارحمه ماروي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِذْ عُوتِبَ عَلَى تَخَلُّفِهِ عَنِ الْجَنَائِزِ فَقَالَ قُعُودِي فِي الْمَسْجِدِ أَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيَّ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ خَبَرَ سَعِيدٍ هَذَا بِتَمَامِهِ وَذَكَرْنَا قَوْلَ مَنْ خَالَفَهُ فِي مَذْهَبِهِ هَذَا وَرَأَى شُهُودَ الْجَنَائِزِ أَفْضَلَ لِأَنَّهُ فُرِضَ عَلَى الْكِفَايَةِ وَالْفَرْضُ عَلَى الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوُّعِ وَالنَّافِلَةِ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي مَعْنَى مَا لَمْ يُحْدِثْ أَنَّهُ الْحَدَثُ الَّذِي يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَهُوَ قَوْلٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ فِي الْمَسْجِدِ الْقَاعِدَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لَا يَكُونُ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ من قال إن الحدث ها هنا الْكَلَامُ الْقَبِيحُ وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّ مِنْ تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَصْلُحُ مِنَ الْقَوْلِ لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 يَكُونَ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ وَيُرْجَى لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي دُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِأَنَّهُ مُنْتَظِرٌ لِلصَّلَاةِ فِي حَالٍ يَجُوزُ لَهُ بِهَا الصَّلَاةُ إِذَا كَانَ عَقْدُهُ وَنِيَّتُهُ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا |