ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ

سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ
لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308
سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ
لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ أَتُصَلِّي لِلنَّاسِ
فَأُقِيمُ قَالَ نَعَمْ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي
الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي
صَلَاتِهِ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ التَّصْفِيقِ الْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ فَرَفَعَ أَبُو
بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ
اسْتَأْخَرَ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ
انْصَرَفَ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ لِابْنِ
أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ مِنَ التَّصْفِيحِ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ
فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ
قَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ اخْتِلَافَ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ وَغَيْرِهِ
وَبَانَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَأَنَّ الْمُؤَذِّنَ كَانَ بِلَالًا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا خُشِيَ فَوْتُ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ
لَا يُنْتَظَرُ الْإِمَامُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ فَاضِلًا
وَفِيهِ أَنَّ الْإِقَامَةَ إِلَى الْمُؤَذِّنِ هُوَ أَوْلَى بِهَا
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى
فَقَالَ قَائِلُونَ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ وَرَوَوْا فِيهِ حَدِيثًا أُخْرِجَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ فِيهِ لِينٌ يَدُورُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ الْأَفْرِيقِيِّ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْكُوفِيُّونَ وَلَا بَأْسَ بِأَذَانِ الْمُؤَذِّنِ وَإِقَامَةِ غَيْرِهِ
وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يُقِيمَ الْمُؤَذِّنُ فَإِنْ أَقَامَ غَيْرُهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ إِذْ أُرِيَ النِّدَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَلْقِهِ عَلَى
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309
بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا فَفَعَلَ فَلَمَّا أَذَّنَ بِلَالٌ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَقِمْ أَنْتَ
وَفِي هَذَا أَذَانُ رَجُلٍ وَإِقَامَةُ غَيْرِهِ
وَإِسْنَادُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَثْبَتُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَخَلُّلِ الصُّفُوفِ وَالْمَشْيِ إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ
حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهِ مَنْ يَلِيقُ بِهِ الصَّلَاةُ فِيهِ لِأَنَّ شَأْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَفْضَلُ
الْقَوْمِ عِلْمًا وَدِينًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلني منكم أولوا الْأَحْلَامِ
وَالنُّهَى يَعْنِي لِيَحْفَظُوا عَنْهُ وَيَعُوا مَا يَكُونُ مِنْهُ فِي صَلَاتِهِ
وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يُلَقِّنَهُ مَا تَعَايَا عَلَيْهِ وَوَقَفَ
فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَمَنْ يَصْلُحُ أَيْضًا لِلِاسْتِخْلَافِ فِي الصَّلَاةِ إِنْ نَابَ الْإِمَامَ فِيهَا مَا
يَحْمِلُهُ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ
وَفِيهِ أَنَّ التَّصْفِيقَ لَا يُفْسِدُ صَلَاةَ الرِّجَالِ إِنْ فَعَلُوهُ فِيهَا لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِإِعَادَةٍ وَإِنَّمَا
قِيلَ لَهُمْ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ
وَفِيهِ أَنَّ مِنْ فَضَائِلِ الرَّجُلِ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ وَلِذَلِكَ وُصِفَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَالِهِ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ
فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ الْخَفِيفَ لِأَمْرٍ لابد مِنْهُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ
بِالْإِعَادَةِ لِفِعْلِهِ ذَلِكَ
وَقَدْ جَاءَتْ فِي النَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ آثَارٌ حِسَانٌ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ مَحَلُّهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ
عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ
مِنْهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَفِتُ فِي
الصَّلَاةِ قَالَ لَا وَلَا فِي غير الصلاة
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310
وَفِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الصَّلَاةِ بِالْيَدِ وَالْغَمْزَ بِالْعَيْنِ لَا تَضُرُّ الْمُصَلِّيَ
وَقَدْ رَوَى نَافِعٌ عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ فِي
الصَّلَاةِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَحَادِيثَ بِأَسَانِيدِهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَفِيهِ أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ حَمْدًا وَشُكْرًا وَدُعَاءً وَضَرَاعَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا
تَضُرُّ الصَّلَاةَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ أَوْ مَنَعَهُ مِنْ تَمَامِ
صَلَاتِهِ مَانِعٌ وَقَدْ تَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ لِيَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
فَمَنْ نَابَهُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُهُ مِنَ التَّمَادِي فِيهَا أَحْرَى بِأَنْ
يَجُوزَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ وَالتَّأَخُّرُ
وَقَدْ كَانَ يَجُوزُ لِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يَبْقَى مَكَانَهُ وَلَا يَتَأَخَّرَ بِدَلِيلِ إِشَارَةِ رَسُولِ الله أَنِ
امْكُثْ مَكَانَكَ
وَأَمَّا تَأَخُّرُ أَبِي بَكْرٍ وَتَقَدُّمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَانِهِ فَهُوَ مَوْضِعُ
خُصُوصٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَكُلُّهُمْ لَا يُجِيزُ إِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ
يَقْطَعُهَا عَلَى الْإِمَامِ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى هَذَا دَلِيلٌ عَلَى خُصُوصِ هَذَا الْمَوْضِعِ لِفَضْلِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ
لِلنَّهْي فِي ذَلِكَ إِلَّا بِأَمْرِهِ وَسَائِرُ النَّاسِ تَتَقَارَبُ أَحْوَالُهُمْ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ قَوْمًا
إِلَّا بِإِذْنِهِمْ أَوْ إِذْنِ مَنْ لَهُ الْإِذْنُ مِنْهُمْ فَلَا ضَرُورَةَ بِأَحَدٍ الْيَوْمَ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ
فَلِذَلِكَ بَانَ فِيهِ الْخُصُوصُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَمَوْضِعُ الْخُصُوصِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ اسْتِئْخَارُ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ وَأَمَّا مَنْ
تَأَخَّرَ لِعِلَّةِ الحدث فجائز لم وصفنا
وقد روى عيسى عن بن الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ رَكْعَةً مَنْ صَلَاتِهِمْ ثُمَّ أَحْدَثَ
فَخَرَجَ وَقَدَّمَ رَجُلًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَانْصَرَفَ فَأَخْرَجَ الَّذِي قَدَّمَهُ وَتَقَدَّمَ مَكَانَهُ فَأَتَمَّ بِهِمْ هَلْ
تُجْزِئُهُمْ صَلَاتُهُمْ فَقَالَ قَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ لَهُ
أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى بِهِ وَبِالنَّاسِ
قَالَ فَإِمَّا أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ ثُمَّ يَجْلِسُونَ حَتَّى يُتِمَّ هُوَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ
وَيُسَلِّمُونَ
قَالَ عِيسَى قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ ذَكَرَ قَبِيحَ مَا صَنَعَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى رَكْعَةً
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311
قَالَ يَخْرُجُ وَيَقُومُ الَّذِي خَرَجَ
قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ يَقُومُ غَيْرُهُ مِمَّنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا
وَفِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يُسَبِّحَ وَلَا يُصَفِّقَ
هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِلرِّجَالِ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي
صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَتَأَوَّلُوا فِي قَوْلِهِ فَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ
لِلنِّسَاءِ أَيْ أَنَّ التَّصْفِيحَ مِنْ أَفْعَالِ النِّسَاءِ عَلَى جِهَةِ الذَّمِّ لِذَلِكَ
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ
وَجَمَاعَةٌ مَنْ نَابَهُ مِنَ الرِّجَالِ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ سَبَّحَ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تُصَفِّقُ إِذَا
نَابَهَا فِي صَلَاتِهَا شَيْءٌ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ هَذَا
وَهُوَ مَحْفُوظٌ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو
صَالِحٍ السَّمَّانُ وَغَيْرُهُمْ
وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ مِنْكُمْ يَا
مَعْشَرَ الرِّجَالِ فَلْيُسَبِّحْ إِذْ عَلَيْهِمْ خَرَجَ الْخَبَرُ وَإِلَيْهِمْ تَوَجَّهَ الْخِطَابُ
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ التَّصْفِيحَ لِلنِّسَاءِ أَنْ تَضْرِبَ الْمَرْأَةُ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى
كَفِّهَا الشَّمَالِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا كُرِهَ التَّسْبِيحُ لِلنِّسَاءِ وَأُبِيحَ لَهُنَّ التَّصْفِيقُ لِأَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ فِتْنَةٌ
وَلِهَذَا مُنِعَتْ مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاتِهَا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ إِذَا احْتَاجَ إِلَى ذِكْرِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَإِذَا جَازَ التَّسْبِيحُ جَازَتِ التِّلَاوَةُ
لِأَنَّهَا ذِكْرٌ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312
وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا وَقَفَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَقْرَأُ عَلَى مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه إِذَا اسْتَطْعَمَكَ الْإِمَامُ فَأَطْعِمْهُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ
دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَثْرَمِ قَالَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ
خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ يَقُولُونَ لَا يُفْتَحُ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا
بَأْسَ بِهِ أَلَيْسَ الرَّجُلُ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الثَّوْرِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَقُولُونَ لَا يَفْتَحُ أَحَدٌ عَلَى
الْإِمَامِ
قَالُوا فَإِنْ فُتِحَ عَلَيْهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ
وَرَوَى الْكَرْخِيُّ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمْ لَا يَكْرَهُونَ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا بَأْسَ بِالْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ اتِّفَاقًا
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ أَجْوَزُ مِنَ التَّسْبِيحِ
وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ التَّسْبِيحُ جَوَابًا قَطَعَ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ مُرُورَ إِنْسَانٍ بَيْنَ
يَدَيْهِ لَمْ يَقْطَعْ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَقْطَعُ وَإِنْ كَانَ جَوَابًا
وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِيمَنْ جَاوَبَ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ يُصَلِّي جَوَابًا مَفْهُومًا