وَحَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَاسْمُهُ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ
قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ

ذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ
 
وَحَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَاسْمُهُ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ
قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317
ذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ
أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ الرِّوَايَةَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا نزلت (إن الله وملئكته
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) الْأَحْزَابِ 56 قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ عَلِمْنَا السَّلَامَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ
الصَّلَاةُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ خَبَرٌ مُحْتَمِلٌ لِوَجْهٍ أَوْ لِوَجْهَيْنِ
فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَلَّا يَقْطَعَ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهٍ حَتَّى يَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ إِنْ وَجَدَ إِلَى
ذَلِكَ سَبِيلًا
أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَغَيْرِهِ
أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُ
الصَّلَاةِ مِنَ الْمَعَانِي وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ التَّوْقِيفُ هَلِ الْعُمُومُ أَوْلَى بِذَلِكَ أَمِ الْخُصُوصُ فِي
أَقَلِّ مَا يقع عليه الاسم
وذلك سبق لي كِتَابِ الْأُصُولِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَخْرُجُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ وَيُبَيِّنُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى (إن الله وملئكته
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) الْأَحْزَابِ 56 الْآيَةَ فَبَيَّنَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كيف الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَبَيَّنَ لَهُمْ فِي التَّشَهُّدِ كَيْفَ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسَّلَامُ
كَمَا قَدْ علمتم
ويشهد لما قلنا قول بن عباس وبن مسعود كان رسول الله يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا
السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318
وقال بن عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ كَمَا يَعْلَمُ الْمُكْتِبُ الْوِلْدَانَ
وَذَكَرَ أبو بكر قال حدثنا بن عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْغُلَامِ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ
الْخُدْرِيَّ يَقُولُ كُنَّا لَا نَكْتُبُ شَيْئًا إِلَّا الْقُرْآنَ وَالتَّشَهُّدَ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ التَّسْلِيمُ مِنَ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ تَحْلِيلُهَا
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ وَمَنْ
رَوَى مِثْلَ رِوَايَتِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَلَامٌ مُجْمَلٌ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ
يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى
أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ لَفْظَ الْآلِ مُحْتَمِلٌ لِوُجُوهٍ مِنَ الْأَهْلِ وَمِنْهَا الْأَتْبَاعُ كَمَا قال تعالى
(أدخلوا ءال فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غَافِرٍ 46 أَيْ أَتْبَاعَهُ فَبَيَّنَ رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن الْآلَ هُنَا الْأَهْلُ وَأَنَّ مَا أَجْمَلَهُ مَرَّةً فَسَّرَهُ أُخْرَى وَأَوْقَفَ عَلَى أَنَّ
الْأَهْلَ أَزْوَاجُهُ وَذُرِّيَّتُهُ وَيُدْخِلُ فِي قَوْلِهِ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِبْرَاهِيمَ وَفِي آلِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا كَأَنَّهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَآلُهُ أَلَا تَرَى إِلَى قوله تعالى (أدخلوا ءال
فِرْعَوْنَ) يَدْخُلُ فِيهِ فِرْعَوْنُ
هَذَا مَا يُوحِيهِ تَهْذِيبُ الْأَحَادِيثِ وَتَرْتِيبُهَا وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ لَا شَرِيكَ لَهُ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ على كل
مؤمن لقوله عز وجل (يأيها الذين ءامنوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الْأَحْزَابِ 56
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ وَمَوْضِعِهِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ
عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ بِعَقْدِ الْإِيمَانِ وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي
الصَّلَاةِ وَلَا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ
وَمِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي
عُمُرِهِ فَقَدْ سَقَطَ فَرْضُ ذَلِكَ عَنْهُ وَبَقِيَ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ مِنْ عُمُرِهِ بِمِقْدَارِ مَا يُمْكِنُهُ
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم مُسْتَحَبٌّ فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا وَتَارِكُهَا مُسِيءٌ وَمَعَ ذَلِكَ
فَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذلك تامة
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا بْنُ
أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ زَائِدَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ حِينَ
فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ وملائكته يصلون
على النبي يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ التَّشَهُّدَ
كَافٍ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا لَمْ يُصَلِّ الْمُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ
الْآخِرِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ أَعَادَ الصَّلَاةَ
قَالَ وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْهُ
وَهَذَا قَوْلٌ حَكَاهُ عَنْهُ حَرْمَلَةُ لَا يَكَادُ يُؤْخَذُ عَنْهُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَغَيْرِ حَرْمَلَةَ
إِنَّمَا يُرْوَى عَنْهُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ فِي كُلِّ صَلَاةٍ
وَمَوْضِعُهَا التَّشَهُّدُ الْآخِرُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَلَمْ يَذْكُرُوا إِعَادَةً فِيمَنْ وَضَعَهَا قَبْلَ التَّشَهُّدِ فِي
الْجَلْسَةِ الْآخِرَةِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَهُ قَدْ تَقَلَّدُوا رِوَايَةَ حَرْمَلَةَ وَمَالُوا إِلَيْهَا وَنَاظَرُوا عَلَيْهَا
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ مِنْ فَرَائِضِ
الصلاة حديث بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ فَعَلَّمَهُ
التَّشَهُّدَ إِلَى وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَقَالَ لَهُ فَإِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ
الصَّلَاةَ فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ وَتَمَامِ أَلْفَاظِهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ
وكذلك سائر الآثار عن بن مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ فِي التَّشَهُّدِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ
الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَفِي حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَدْعُو
فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى
النَّبِيِّ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ
وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِعَادَةٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فَرْضًا لَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ كَمَا فَعَلَ بِالَّذِي لَمْ يُكْمِلْ رُكُوعَهُ
وَلَا سُجُودَهُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320
وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ
عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ نُسَلِّمَ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا ثُمَّ جَاءَ الْأَمْرُ مِنْهُ عَلَيْهِ
السَّلَامُ بِالتَّشَهُّدِ فَعَلَّمَهُمْ فِيهِ كَيْفَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ
وَكَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ وَقَالَ لَهُمْ إِنَّهُ يُقَالُ فِي
الصَّلَاةِ لَا فِي غَيْرِهَا
وَقَالُوا لَهُ قَدْ عَلِمْنَا السَّلَامَ عَلَيْكَ فِي التَّشَهُّدِ يَعْنُونَ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ فَعَلَّمَهُمُ
الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُمُ السَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ فَدَلَّهُمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَرِينُ التَّشَهُّدِ فِي
الصَّلَاةِ
قَالُوا وَقَدْ وَجَدْنَا الْأُمَّةَ بِأَجْمَعِهَا تَفْعَلُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فِي صَلَاتِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ
بَيْنَهَا وَلَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهِمَا وَأَرَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ
وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلًا وَعَمَلًا
قَالُوا وَلَيْسَ في حديث بن مَسْعُودٍ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ خَرَجَ عَلَى مَعْنًى فِي التَّشَهُّدِ
كَانُوا يَقُولُونَ فَقَالَ لَهُمْ لَا تَقُولُوا وَقُولُوا كَذَا
وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِيهِ فَإِذَا قُلْتَ كَذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ يَعْنِي إِذَا ضُمَّ إِلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ غَيْرُهُ
مِنَ التَّسْلِيمِ الَّذِي بِهِ يَسُدُّ الْخَلَلَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ فَأَرُدُّهَا عَلَى فُقَرَائِكُمْ
يَعْنِي إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِمْ مِنْ سُمِّيَ مَعَهُمْ فِي الْقُرْآنِ
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِي الَّذِي لَمْ يُكْمِلْ صَلَاتَهُ فَعَلَّمَهُ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ يَعْنِي إِذَا ضُمَّ
إِلَيْهِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321
فيها ما لابد مِنْهُ فِيهَا مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَمَا أَشْبَهَ ذلك
وإذا جاز المستدل أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى ظَوَاهِرِ أَحَادِيثِ التَّشَهُّدِ وَمَا أَشْبَهَهَا بِحَدِيثِ تَحْلِيلُهَا
التَّسْلِيمُ جَازِ لِغَيْرِهِ أَنْ يستدل على إيجاب الصلاة على النبي فِي الصَّلَاةِ بِمَا وَصَفْنَا
وَبِبَعْضِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالُوا وَأَبُو مَسْعُودٍ هُوَ الَّذِي يَرْوِي الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ الْقَائِلُ مَا أَرَى أَنَّ
صَلَاةً لِي تَمَّتْ إِذَا لَمْ أُصَلِّ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي التَّمْهِيدِ وَذَكْرَنَا حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَوَى حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ
وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَإِنْ كَانَ قَدْ طَعَنَ عليه قوم منهم بن عُيَيْنَةَ فَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ سُفْيَانُ
وَشُعْبَةُ وَغَيْرُهُمَا وَوَصَفُوا بِالْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ لِمَا رَوَى
وَمِنْ حُجَّةِ الشافعي أيضا ما رواه بن عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تعالى
(إن الله وملئكته يصلون على النبي يأيها الذين ءامنوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
الْأَحْزَابِ 56 فَافْتَرَضَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالتَّسْلِيمَ عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ
هَذَا كُلُّهُ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ لِمَذْهَبِهِمْ فِي إِيجَابِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ فِي الصَّلَاةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ أَوْ بِإِجْمَاعٍ لَا
مُخَالِفَ فِيهِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُ الْفُقَهَاءَ وَأَصْحَابَهُمْ إذا قام
لأحدهم دليلا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْجَبُوا بِهِ وَاسْتَقْصَوْا فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322
وحجة أصحاب الشافعي فيها ضعيف وَلَسْتُ أُوجِبُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضًا فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَلَكِنْ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ تَرْكَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَتِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ
بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّدٍ وَإِنَّمَا فِيهَا كُلُّهَا لَفْظُ
الصَّلَاةِ وَالْبَرَكَةِ لَا غَيْرَ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَارْحَمْ
مُحَمَّدًا فَلَا أُحِبُّ أَحَدًا أَنْ يَقُولَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةَ فَإِنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُصَّ بِهَذَا اللَّفْظِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا) النُّورِ 63
وَلِهَذَا أَنْكَرَ الْعُلَمَاءُ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ