مالك عن بن الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رسول الله

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَرَوْنَ قِبْلَتِي ها هنا فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ خُشُوعُكُمْ وَلَا
رُكُوعُكُمْ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي
قَالَ أَبُو عُمَرَ دَفَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ (...)
 
مالك عن بن الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رسول الله
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَرَوْنَ قِبْلَتِي ها هنا فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ خُشُوعُكُمْ وَلَا
رُكُوعُكُمْ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي
قَالَ أَبُو عُمَرَ دَفَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالُوا كَيْفَ تَقْبَلُونَ مِثْلَ هَذَا
وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ ضِدَّهُ فَذَكَرُوا حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ إِذْ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ أَيُّكُمُ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ أَنَا
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ
وَذَكَرُوا حَدِيثَ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي
دَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ فَقَالَ حِينَ انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا
طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ مَنِ الْمُتَكَلِّمُ
الْحَدِيثَ
وَذَكَرُوا مِثْلَ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ وَقَالُوا أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَمْ يَعْلَمْ مَنِ الرَّاكِعُ دُونَ الصَّفِّ حَتَّى اسْتَعْلَمَ وَلَا وَمَنِ الْمُتَكَلِّمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَالْجَوَابُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ فَضَائِلُهُ تَزِيدُ فِي
كُلِّ وَقْتٍ إِلَى أَنْ مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُنْتُ عَبْدًا قَبْلَ أَنْ أَكُونَ نَبِيًّا وَكُنْتُ نَبِيًّا قَبْلَ
أَنْ أَكُونَ رَسُولًا
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328
وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ فَقَالَ ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ
وَقَالَ لَهُ آخَرُ يَا سَيِّدُ بن السادة أو يا شريف بن الشُّرَفَاءِ فَقَالَ ذَاكَ يُوسُفُ بْنُ
يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
وَذَلِكَ قَوْلُهُ كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْهِ سُورَةُ (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ) الْفَتْحِ 1 فَلَمَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ
وَفِيهَا (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) الْفَتْحِ 2 وَلَمْ يُغْفَرْ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ قَالَ حِينَئِذٍ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ
وَحِينَئِذٍ قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي
فَكَانَتْ فَضَائِلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ
وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ أَنَّ أَرَى هُنَا بِمَعْنَى أَعْلَمُ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ حَاكِيًا عَنْ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ
السَّلَامُ وَكَانَ أَعْمَى (إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ) هُودٍ 84
وَأَرَى بِمَعْنَى أَعْلَمُ مَعْلُومٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ أَرَاكُمْ أَعْلَمُ خُشُوعَكُمْ وَتَمَامَ
رُكُوعِكُمْ بِمَا يَخْفَى عَنْكُمْ وَيُلْقِي اللَّهُ فِي قَلْبِي مَعْرِفَةَ أَحْوَالِكُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ دَعْوَى فِيهَا تَحْدِيدٌ لِمُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ وَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِرُؤْيَةِ
الْعَيْنِ كَسَائِرِ مَا أُعْطِيهِ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ وَأَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ
فَيَكُونُ قَوْلُنَا عَلَى ظَاهِرِ مَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ لَا سَبِيلَ إِلَى كَيْفِيَّتِهِ
وَهُوَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ
ظَهْرِي فَقَالَ كَانَ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ كَمَا يَرَى مَنْ بَيْنَ يَدَيْهِ
قُلْتُ لَهُ إِنَّ إِنْسَانًا هُوَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَرَاهُمْ كَمَا يَنْظُرُ الْإِمَامُ مِنْ عَنْ
يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ! فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إِنْكَارًا شَدِيدًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَصَحِيحُ قَوْلِ أَحْمَدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَلْتَفِتُ
فِي صَلَاتِهِ
وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ دَاوُدَ وحميد وبن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى (وتقلبك في السجدين) الشُّعَرَاءِ 219 قَالَ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرَى مَنْ
خَلْفَهُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يَرَى مَنْ بين يديه
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كَانَ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ كَمَا يَرَى مَنْ
أَمَامَهُ
وَخَالَفَ مُجَاهِدٌ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ عِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ في التمهيد والحمد لله
وذكر سند قال حدثنا حجاج عن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لأنظر مَنْ وَرَائِي كَمَا أَنْظُرُ إِلَى مَنْ
أَمَامِي فَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ وَأَحْسِنُوا رُكُوعَكُمْ وَسُجُودَكُمْ