وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا وَرَاءَ إِمَامٍ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ يُصَلِّ بَعْدَهَا الْأُخْرَى فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ قَدِيمًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ |
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً
فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا وَرَاءَ إِمَامٍ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ يُصَلِّ بَعْدَهَا الْأُخْرَى فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ قَدِيمًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَحَدِيثًا فَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي آخِرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْفَائِتَةِ قَبْلَ الَّتِي هُوَ فِي آخِرِ وَقْتِ وَقْتِهَا وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ فَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ وَرَاءَ إِمَامٍ تَمَادَى مَعَهُ وَلَمْ يَعْتَدَّ بِصَلَاتِهِ تِلْكَ مَعَهُ وَصَلَّى الْفَائِتَةَ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا وَصَلَّاهَا وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَذَكَرَهَا فِي آخِرِ صَلَاةٍ فَإِنْ كَانَتِ الْمَذْكُورَةُ صَلَاةً وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا وَقَدْ قِيلَ أَوْ خَمْسَةً بَدَأَ بِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 وَإِنْ كَانَ فَاتَ وَقْتُ الَّذِي حَضَرَ وَقْتُهَا وَإِنْ كَانَتْ سِتَّةَ صَلَوَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ بَدَأَ بِالَّتِي حَضَرَ وَقْتُهَا ثُمَّ صَلَّى الْفَوَائِتَ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا التَّرْتِيبُ عِنْدَنَا وَاجِبٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ إِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ لِلْفَائِتَةِ وَلِصَلَاةِ الْوَقْتِ فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ صَلَاةِ الْوَقْتِ بَدَأَ بِهَا فَإِنْ زَادَ عَلَى صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَمْ يَجِبِ التَّرْتِيبُ عِنْدَهُمْ وَالنِّسْيَانُ عِنْدَهُمْ يُسْقِطُ التَّرْتِيبَ أَيْضًا وَكَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي الْفَوَائِتِ مَعَ صَلَاةِ الْوَقْتِ إِلَّا بِالذِّكْرِ وُجُوبَ اسْتِحْسَانٍ بِدَلِيلِ إِجْمَاعِهِمْ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً فَائِتَةً فِي وَقْتِ الْعَصْرِ أَوْ صَلَوَاتٍ يَسِيرَةً أَنَّهُ إِنْ قَدَّمَ الْعَصْرَ عَلَى الْفَائِتَةِ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِلْعَصْرِ الَّتِي صَلَّاهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ فِيهَا لِلْفَائِتَةِ إِلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِهَا مَا يُعِيدُهَا فِيهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً فِي صَلَاةٍ أَنَّهَا تَنْهَدِمُ أَوْ تَفْسَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَلَامٌ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَوَجَبَتِ الْإِعَادَةُ عَلَيْهِ لِلْعَصْرِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ مَا يَنْفَسِدُ وَيَنْهَدِمُ يُعَادُ أَبَدًا وَمَا يُعَادُ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّمَا إِعَادَتُهُ اسْتِحْبَابٌ فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا وَأَصْحَابُهُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فَائِتَةٌ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ مَضَى فِيمَا هُوَ فِيهِ ثُمَّ صَلَّى الَّتِي عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَطَعَ مَا هُوَ فِيهِ وَصَلَّى الَّتِي ذَكَرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِ وَقْتِ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا فَخَافَ فَوْتَهَا أَنْ يَتَشَاغَلَ بِهَذِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَتَمَّهَا ثُمَّ قَضَى الَّتِي ذَكَرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَسَدَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَكَرَ فِيهَا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِ الْوِتْرَ فَجَرَتْ عِنْدَهُمَا مَجْرَى الْخَمْسِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْوِتْرِ وَلَا بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَبِهِ يَأْخُذُ الطَّحَاوِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الِاخْتِيَارُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَائِتَةِ إِنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ هَذِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَبَدَأَ بِصَلَاةِ الوقت أجزأه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ أَنَّ التَّرْتِيبَ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَاجِبٌ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَأَكْثَرَ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً وَهُوَ ذَاكِرٌ لِمَا قَبْلَهَا لِأَنَّهَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ثُمَّ نَقَضَ هَذَا الْأَصْلَ أَحْمَدُ فَقَالَ أَنَا آخِذٌ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الَّذِي يَذْكُرُ صَلَاةً فِي وَقْتِ صَلَاةٍ كَرَجُلٍ ذَكَرَ الْعِشَاءَ فِي آخِرِ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَالَ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَلَا يُضَيِّعُ صَلَاتَيْنِ أَوْ قَالَ يُضَيِّعُ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ إِذَا خَافَ طُلُوعَ الشَّمْسِ فَلَا يُضَيِّعْ هَذِهِ لِقَوْلِ سَعِيدٍ لَا يُضَيِّعُ مَرَّتَيْنِ وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مُرَاعَاتِهَا الِابْتِدَاءَ بِالْفَائِتَةِ أَبَدًا مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ صَلَاةِ الْوَقْتِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَحْمَدَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ إِذَا دَخَلْتَ فِي صَلَاةٍ وَتَحَرَّمْتَ بِهَا ثُمَّ ذَكَرْتَ صَلَاةً أُنْسِيتَهَا لَمْ تَقْطَعِ الَّتِي دَخَلْتَ فِيهَا وَلَكِنَّكَ إِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا قَضَيْتَ الَّتِي نَسِيتَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ إِعَادَةُ هَذِهِ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ إِنَّمَا أَعْرِفُ مَنْ قَالَ أَنَا أَقْطَعُ وَأَنَا خَلْفَ الْإِمَامِ فَأُصَلِّي الَّتِي ذَكَرْتُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا قَالَ وَهَذَا شَنِيعٌ أَنْ يَقْطَعَ وَهُوَ وَرَاءَ إِمَامٍ قِيلَ لَهُ فَمَا تَقَوُلُ أَنْتَ قَالَ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ قَطَعَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي ذَكَرَ وَلَا يُعِيدُ هَذِهِ وَاحْتَجَّ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلصُّبْحِ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِمَا مَا قَبْلَهُمَا وَأَيْضًا فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالصُّبْحِ إِنَّمَا التَّرْتِيبُ فِي الْخَمْسِ صَلَوَاتٍ صَلَاةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ إِنَّمَا يَلْزَمُ فِي صَلَاةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَتِلْكَ اللَّيْلَةِ فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ سَقَطَ التَّرْتِيبُ اسْتِدْلَالًا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِيهِ مَا دَامَ قَائِمًا فَإِذَا انْقَضَى سَقَطَ التَّرْتِيبُ عَنْ كُلِّ مَنْ يَصُومُهُ عَنْ مَرَضٍ أَوْ سِفْرٍ وَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى غَيْرِ نَسَقٍ قَالُوا فَكَذَلِكَ تَرْتِيبُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هِقْلٌ قَالَ حَدَّثَنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ فِي الَّذِي يَنْسَى الظُّهْرَ فَلَا يَذْكُرُهَا حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْعَصْرِ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ يَمْضِي فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِذَا انْصَرَفَ اسْتَقْبَلَ الظُّهْرَ ثُمَّ صَلَّى العصر فهذا بن شهاب الزهري يفتي بقول بن عُمَرَ وَهُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (وَأَقِمِ الصلوة لِذِكْرِي (1)) طه 14 وَبِهَذَا الْحَدِيثِ احْتَجَّ مَنْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ عَلَى صَلَاةِ الْوَقْتِ قَالُوا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَالُوا قَدْ جَعَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْفَائِتَةِ وَقْتًا لَهَا عِنْدَ ذِكْرِهَا فَكَأَنَّهُمَا صَلَاتَانِ اجْتَمَعَتَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيَبْدَأُ بِالْأُولَى مِنْهُمَا وَمَنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إعلاما به بِأَنَّ الْفَائِتَةَ لَا يُسْقِطُهَا خُرُوجُ الْوَقْتِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالذِّكْرِ أَبَدًا وَلَيْسَتْ كَالْجِمَارِ وَالضَّحَايَا وَالْأَعْمَالِ الَّتِي تَفُوتُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا فَلَا تُقْضَى وَأَمَّا تَرْتِيبُهَا وَتَقْدِيمُهَا عَلَى صَلَاةِ الْوَقْتِ فَلَا وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَعْنَى هَذَا الْبَابِ بِآثَارٍ عَنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ |