وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَأُصَلِّي فِي عَطَنِ
الْإِبِلِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا وَلَكِنْ صَلِّ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ
هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَأُصَلِّي فِي عَطَنِ
الْإِبِلِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا وَلَكِنْ صَلِّ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ
هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ
وَرَوَاهُ وَكِيعٌ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَا يَذْكُرُونَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ
وَزَعَمَ مُسْلِمٌ أَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِيهِ وَأَنَّ وَكِيعًا وَمَنْ تَابَعَهُ أَصَابُوا وَهُوَ عِنْدِي ظَنٌّ وَتَوَهُّمٌ
لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَالِكًا أَحْفَظُ مِمَّنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ وَأَعْلَمُ بِهِشَامٍ وَلَوْ صَحَّ مَا نَقَلَهُ غَيْرُ مَالِكٍ
عَنْ هِشَامٍ مَا كَانَ عِنْدِي إِلَّا وَهْمًا مِنْ هِشَامٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَمَالِكٌ فِي نَقْلِهِ حُجَّةٌ
وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَاهُ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ قَالَ فَنَهَاهُ وَقَالَ صَلِّ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344
وَالصَّوَابُ فِي إِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ عَنْهُ وَأَمَّا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ
فَلَيْسَ بِالْحَافِظِ
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ وَكُلُّهَا بِأَسَانِيدَ
حِسَانٍ وَأَكْثَرُهَا تَوَاتَرٌ وَأَحْسَنُهَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ رَوَاهُ عَنِ
الْحَسَنِ نَحْوُ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا
وَأَمَّا عَطَنُ الْإِبِلِ فَهُوَ مَوْضِعُ بَرُوكِهَا عِنْدَ سَقْيِهَا لِأَنَّهَا فِي سَقْيِهَا لَهَا شَرْبَتَانِ تَرِدُ
الْمَاءَ فِيهَا مَرَّتَيْنِ فَمَوْضِعُ بَرُوكِهَا بَيْنَ الشَّرْبَتَيْنِ هُوَ عَطَنُهَا لَا مَوْضِعُ بَيْتِهَا وَمَوْضِعُ
بَيْتِهَا هُوَ مُرَاحُهَا كَمَا لِمُرَاحِ الْغَنَمِ مَوْضِعُ مَقِيلِهَا وَمَوْضِعُ مَبِيتِهَا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ لَحْمُهُ لَيْسَ
بِنَجِسٍ لِأَنَّ مُرَاحَ الْغَنَمِ لَا تَسْلَمُ مِنْ بَعْرِهَا وَحُكْمُ الْإِبِلِ حُكْمُهَا
وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ عَطَنِ الْإِبِلِ
وَمُرَاحِ الْغَنَمِ
فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ كَانَ هَذَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَتِرُ بِهَا عِنْدَ الْخَلَاءِ وَهَذَا خَوْفُ
النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِهَا لَا مِنْهَا
وَقَالَ آخَرُونَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي عَطَنِهَا وَلَهَا إِلَى الْمَاءِ
نُزُوعٌ فَرُبَّمَا قَطَعَتْ صَلَاةَ المصلي أو هجمت عليه فآذنه وَقَطَعَتْ صَلَاتَهُ
وَاعْتَلُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا جِنٌّ خُلِقَتْ مِنْ
جِنٍّ
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ أَوْ مِنْ
عَنَانِ الشَّيَاطِينِ
وَهَذِهِ أَلْفَاظٌ مَوْجُودَةٌ مَحْفُوظَةٌ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فِي كِتَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرزاق عن بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَتَكْرَهُ أَنْ تُصَلِّيَ في أعطان
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345
الْإِبِلِ قَالَ نَعَمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبُولُ الرَّجُلُ إِلَى الْبَعِيرِ الْبَارِكِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ عَطَنُهَا
مِثْلَ مُرَاحِهَا
قُلْتُ أَتُصَلِّي فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَإِذَا لَمْ أَخْشَ مِنْ عَطَنِهَا إِذًا قَالَ فَهُوَ
بِمَنْزِلَةِ مُرَاحِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ الْمَعْرُوفَةِ وَلَا عَنِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَرِهُوا
الصَّلَاةَ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ أَبْعَارِهَا وَأَبْوَالِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِبِلَ
مِثْلُهَا فِي إِبَاحَةِ أَكْلِ لُحُومِهَا
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ صَلَّى فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَالْمَوْضِعُ طَاهِرٌ سَالِمٌ مِنَ النَّجَاسَةِ
وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا طَابَقَتِ النَّهْيَ فَهِيَ فَاسِدَةٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ أَيْ مَرْدُودٌ
وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِئْسَ مَا صَنَعَ إِذَا عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَصَلَاتُهُ مَاضِيَةٌ إِذَا سَلِمَ مِنْ مَا
يُفْسِدُهَا مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّ النَّهْيَ عِنْدَهُمْ مَعْنَاهُ عَنْهُمْ
وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ
وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَجَازَ الصَّلَاةَ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ إِلَّا مَا ذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ
جَابِرٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ
وَمَرَابِضِ الْغَنَمِ وَهَذَا لَمْ يَسْمَعْ بِالنَّهْيِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرزاق عن بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَأُصَلِّي فِي مُرَاحِ الشَّاءِ قَالَ نَعَمْ
قُلْتُ أَوَ تَكْرَهُهُ مِنْ أَجْلِ بَوْلِ الْكَلْبِ بَيْنَ أَظْهُرِهَا قَالَ إِنْ خَشِيتَ بَوْلَ الْكَلْبِ بَيْنَ
أَظْهُرِهَا فَلَا تُصَلِّ فيها
وعن بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَأُصَلِّي فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ إِنْ
صَلَّيْتُ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ أَوِ الْبَقَرِ أَسْجُدُ عَلَى الْبَقَرِ أَوْ أَفْحَصُ لِوَجْهِي قَالَ بَلِ افْحَصْ
لِوَجْهِكَ