ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ
الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي
وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ
الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي
وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سَجَدَ
وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا
قَدْ ذَكَرْنَا أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّمْهِيدِ وَفِي
كِتَابِ الصَّحَابَةِ أَيْضًا
وَأَمَّا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ حَمْلَ الطِّفْلَةِ أَوِ الطِّفْلِ عَلَى عُنُقِ الْمُصَلِّي وَوَضْعَهَا
وَرَفْعَهَا لَا يُفْسِدُ ذَلِكَ كُلُّهُ صَلَاةَ الْمُصَلِّي وَلَا تَضُرُّ مُلَامَسَتُهُ لَهَا وَضَوْءَهُ وَفِي ذَلِكَ
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قول الله تعالى (أو لمستم النِّسَاءَ) النِّسَاءِ 43 لَمْ يُرِدْ بِهِ الْأَطْفَالَ وَلَا
مَنْ يُلْمَسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ كَالْأُمِّ وَسَائِرِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَاللَّوَاتِي لَا يَنْبَغِي فِي لَمْسِهِنَّ لَذَّةٌ
وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْوُضُوءِ مُجَوَّدَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُ فِي الْفَرِيضَةِ
رَوَاهَا أَشْهَبُ عَنْ مالك
وقد روى أشهب أيضا وبن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ
ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ لَا يَجِدُ مَنْ يَكْفِيهِ وَأَمَّا لِحُبِّ الْوَلَدِ
فَلَا أَرَى ذَلِكَ
فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ فَرِيضَةٍ وَنَافِلَةٍ وَأَجَازَهُ لِلضَّرُورَةِ
وَحَسْبُكَ بِتَأْوِيلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ بِهَذَا الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ هَذَا أَنِّي لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ
مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ مَكْرُوهٌ
وَفِي هَذَا مَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي النَّافِلَةِ أَوْ عَلَى ضَرُورَةٍ
كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِتَحْرِيمِ الْعَمَلِ وَالِاشْتِغَالِ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِهَا
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ فَاعِلًا لَوْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ إِعَادَةً مِنْ أَجْلِ
هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ كُنْتُ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ فِعْلَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَهُ سُنَّةً وَكَانَ عِنْدَهُ لَا مَدْفَعَ فِيهِ مَا قَالَ وَإِنْ
كُنْتُ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ فِعْلَهُ بَلْ كَانَ ينبغي فعله تأسيا برسول الله فَفِيهِ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ أَيَأْخُذُ
الرَّجُلُ وَلَدَهُ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ نَعَمْ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ أُمَامَةَ
هَذِهِ
وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ يَأْخُذُ وَلَدَهُ مَرَّةً أَوْ يَدْفَعُهُ أَوْ يَعْمَلُ مِنْ ذَلِكَ عَمَلًا لَا
يَمْنَعُهُ عَنْ إِكْمَالِ أَحْوَالِ صَلَاتِهِ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْخَفِيفَ فِي الصَّلَاةِ جَائِزٌ وَأَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ الَّذِي
يَبِينُ بِهِ تَرْكُ الصَّلَاةِ لَهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ فَهُوَ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ
وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّ حَمْلَ الطِّفْلِ فِي الصَّلَاةِ خُصُوصٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنَ الطِّفْلِ الْبَوْلُ لِحَمْلِهِ
وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ
أَبِي قَتَادَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ أَوِ
الْعَصْرِ حَتَّى خَرَجَ عَلَيْنَا وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
وَبَانَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ لَا فِي النَّافِلَةِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّافِلَةَ مِنْهُ كَانَتْ فِي بَيْتِهِ لَا حَيْثُ يَرَاهُ أَبُو قَتَادَةَ وَمِثْلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ هَذِهِ وحديث الليث وبن عَجْلَانَ وَغَيْرِهِمْ بِذَلِكَ فِي
التَّمْهِيدِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349
وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَيْضًا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اقْتُلُوا
الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ
فَجِئْتُ وَاسْتَفْتَحْتُ فَمَشَى فَفَتَحَ لِي وَرَجَعَ إِلَى مُصَلَّاهُ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ذَكَرْتُ أنَّ الْبَابَ كَانَ فِي الْقِبْلَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَتْ صَلَاتُهُ تِلْكَ فِي بَيْتِهِ نَافِلَةً
وَذَكَرْتُ أَيْضًا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ فِي الْأَرْضِ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ
وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ فِي الصَّلَاةِ مُبَاحٌ
وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا سَمِعَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بُكَاءَ الطِّفْلِ
فَتَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ وَخَفَّفَ وَقَرَأَ بِالسُّورَةِ الْقَصِيرَةِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ وَكَانَ رَءُوفًا رحيما بالصبيان وغيرهم