وَأَمَّا حَدِيثُهُ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ

وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُهُ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350
وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ
أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ
فَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ شُهُودُ الْمَلَائِكَةِ لِلصَّلَاةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْجَمَاعَاتِ وَيَحْتَمِلُ
الْجَمَاعَاتِ وَغَيْرَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَمَعْنَى يَتَعَاقَبُونَ تَأْتِي طَائِفَةٌ بِإِثْرِ طَائِفَةٍ
وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّعَاقُبُ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَرَّةً هَذَا وَمَرَّةً هَذَا
وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ الْأَمِيرُ يُعَقِّبُ الْجُيُوشَ وَالْبُعُوثَ أَنْ يُرْسِلَ هَؤُلَاءِ وَقْتًا شَهْرًا أَوْ شُهُورًا
وَهَؤُلَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ بَعْدَهُمْ لِيُجَهِّزَ أُولَئِكَ فَهَذَا هُوَ التَّعَاقُبُ
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ مَلَائِكَةَ النَّهَارِ تَنْزِلُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَتُحْصِي عَلَى بَنِي آدَمَ
وَيَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ أَيْ يَصْعَدُونَ وَكُلُّ مَنْ صَعِدَ فِي شَيْءٍ فَقَدْ عَرَجَ
وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلدَّرَجِ الْعَرَجُ فَإِذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ نَزَلَتْ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ فَأَحْصَوْا عَلَى
بَنِي آدَمَ وَعَرَجَتْ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَيَتَعَاقَبُونَ هَكَذَا أَبَدًا
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ الْفَجْرِ وَهُوَ أَكْمَلُ مَعْنًى
مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ خَاصَّةً وَأَظُنُّ مِنْ مَالَ إِلَى
هَذِهِ الرِّوَايَةِ احْتَجَّ بِقَوْلِ الله عز وجل (وقرءان الفجر إن قرءان الْفَجْرِ كَانَ
مَشْهُودًا) الْإِسْرَاءِ 78 لِأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ
وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَلَيْسَ فِي هَذَا دَفْعٌ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ لِأَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ
قَدْ يَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَذْكُورِ وَيَكُونُ بِخِلَافِهِ
وَقَدْ بَانَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَهُوَ من أثبتها أنهم يجتمون فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ أَيْضًا
وَهِيَ زِيَادَةٌ لَهَا مَعْنًى قَصَّرَ عَنْهُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ مِنَ الرُّوَاةِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ
(وقرءان الْفَجْرِ) الْإِسْرَاءِ 78 مِنْ أَجْلِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا لِأَنَّ الْعَصْرَ لَا تَظْهَرُ
فِيهَا الْقِرَاءَةُ وَمَعْنَى وَقُرْآنَ الْفَجْرِ أَيْ قِرَاءَةَ الْفَجْرِ
وَقَدْ زِدْنَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانًا فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِي قَوْلِهِ أَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَتَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَلَمْ يَذْكُرُوا سَائِرَ الْأَعْمَالِ دَلِيلٌ
عَلَى فَضْلِ الْمُصَلِّينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ