مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ
أَنَّهُ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ
رَجُلٌ فَسَارَّهُ فَلَمْ يَدْرِ مَا سَارَّهُ بِهِ حَتَّى جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ (...)
 
مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ
أَنَّهُ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ
رَجُلٌ فَسَارَّهُ فَلَمْ يَدْرِ مَا سَارَّهُ بِهِ حَتَّى جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا
هُوَ يَسْتَأْذِنُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ
جَهَرَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ بَلَى وَلَا
شَهَادَةَ لَهُ قَالَ أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالَ بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ
قَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَنْ وَصَلَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وأسنده ومن أسنده أيضا من
أصحاب بن شِهَابٍ وَاخْتِلَافَهُمْ فِيهِ عَلَيْهِ وَذَكَرْنَا طُرُقَهُ وَاخْتِلَافَ أَلْفَاظِ نَاقِلِيهِ كُلُّ ذَلِكَ
فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ الْمُنَاجَاةِ وَالتَّسَارِّ مَعَ الْوَاحِدِ دُونَ الْجَمَاعَةِ وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ أَنْ
يَتَنَاجَى الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا دُونَ الْوَاحِدِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ وَأَمَّا مُنَاجَاةُ الِاثْنَيْنِ دُونَ
الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الرَّئِيسَ الْمُحْتَاجَ إِلَى رَأْيِهِ وَنَفْعِهِ
جَائِزٌ أَنْ يُنَاجِيَهُ كُلُّ مَنْ جَاءَهُ فِي حَاجَتِهِ
وَفِيهِ أَنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يُظْهِرَ الْحَدِيثَ الَّذِي يُنَاجِيهِ بِهِ صَاحِبُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ
ضَرَرٌ عَلَى الْمُنَاجِي أَوْ كَانَ مَا يَحْتَاجُ أَهْلُ الْمَجْلِسِ إِلَى عِلْمِهِ
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ الشَّهَادَةَ بَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَقَنَتْ دَمَهُ
وَحَرَّمَتْهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُوجِبُ إِرَاقَتَهُ لِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ الْمُبِيحِ لِقَتْلِ
النَّفْسِ الْمُحَرَّمِ قَتْلُهَا
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) الْإِسْرَاءِ 33
وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَلِيلٌ عَلَى
أن الذي
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356
يَشْهَدُ بِالشَّهَادَةِ وَلَا يُصَلِّي لَا تَمْنَعُ الشَّهَادَةُ مِنْ أَرَاقَةِ دَمِهِ إِذَا لَمْ يُصَلِّ وَأَبَى مِنْ
إِقَامَةَ الصَّلَاةِ إِذَا دُعِيَ إِلَيْهَا
وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحْكَامُ تَارِكِ الصَّلَاةِ وَتَنَازُعُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَصَلَّى لَمْ يَجُزْ
قَتْلُهُ إِلَّا أَنْ يَرْتَدَّ عَنْ دِينِهِ أَوْ يَكُونَ مُحْصَنًا فَيَزْنِي أَوْ يَسْعَى فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ
وَيَقْطَعُ السَّبِيلَ وَيُحَارِبُ النَّاسَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَنَحْوَ هَذَا وَإِذَا لَمْ يَجُزْ قَتْلُ مَنْ يُصَلِّي
جَازَ قَتْلُ مَنْ لَا يُصَلِّي
وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أولئك الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ رَدٌّ لِقَوْلِ
الْقَائِلِ لَهُ بَلَى وَلَا صَلَاةَ بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ
أَثْبَتَ لَهُ الشَّهَادَةَ وَالصَّلَاةَ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَهَاهُ عَنْ قَتْلِ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ
وَأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ أكثر من أن يقر طاهرا ويصلي طاهرا وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ فَإِنْ كَانَ
ذَلِكَ صَادِقًا مِنْ قَلْبَهُ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ خَادَعَ بِهَا فَهُوَ مُنَافِقٌ فِي
الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ مَعَ إِظْهَارِهِ الشَّهَادَةَ وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ
الزِّنْدِيقِ بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَالرَّجُلُ الَّذِي سَارَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ عِتْبَانُ بْنُ
مَالِكٍ وَالرَّجُلُ الَّذِي جَرَى فِيهِ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ أَيْضًا بِالْآثَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ فِي التَّمْهِيدِ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبَعْضِ مَنْ قَالَ فِيهِ أَنَّهُ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وما
نرى مودته ونصحته إِلَّا لِلْمُنَافِقِينَ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِهَا
وَجْهَ اللَّهِ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اسْتِتَابَةِ الزِّنْدِيقِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ وَالتَّعْطِيلِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْإِيمَانِ
مُظْهِرٌ لَهُ جَاحِدٌ لِمَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يُقْتَلُ الزَّنَادِقَةُ وَلَا يُسْتَتَابُونَ
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الزَّنْدَقَةِ فَقَالَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُنَافِقُونَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِظْهَارِ الْإِيمَانِ وَكِتْمَانِ الْكُفْرِ هُوَ الزَّنْدَقَةُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ
قِيلَ لِمَالِكٍ فَلِمَ يُقْتَلُ الزِّنْدِيقُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلِ الْمُنَافِقِينَ وَقَدْ
عَرَفَهُمْ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَوْ قَتَلَهُمْ لِعِلْمِهِ فِيهِمْ وَهُمْ يُظْهِرُونَ
الْإِيمَانَ لَكَانَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى أَنْ يَقُولَ النَّاسُ قَتَلَهُمْ لِلضَّغَائِنِ وَالْعَدَاوَةِ أَوْ لِمَا شَاءَ اللَّهُ
غَيْرَ ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ النَّاسُ مِنَ الدُّخُولِ فِي الإسلام
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357
هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ
أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي
وَقَدِ احْتَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ فِي قَوْلِ الزِّنْدِيقِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجل (لئن لم
ينته المنفقون وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لنغرينك بهم ثم لا
يجارونك فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا) الْأَحْزَابِ 60 61
يَقُولُ إِنَّ الشَّأْنَ فِيهِمْ أَنْ يُقْتَلُوا حَيْثُ وُجِدُوا وَلَمْ يَذْكُرِ اسْتِتَابَةً فَمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَمَّا كَانَ
عَلَيْهِ الْمُنَافِقُونَ فِي عُمُرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل والله أعلم
وبن الْقَاسِمِ يُوَرِّثُ وَرَثَةَ الزِّنْدِيقِ مِنْهُ وَهُمْ مُسْلِمُونَ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ
وَالْحُجَّةُ لَهُ أَنَّ الزِّنْدِيقَ مُظْهِرٌ لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُسِرُّ الْكُفْرَ لَا تُوجِبُ
الْقَطْعَ عَلَى عِلْمِ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَالَ كُلِّ مَيِّتٍ أَوْ مَقْتُولٍ لِوَرَثَتِهِ إِلَّا
أَنْ يَصِحَّ أَنَّهُمْ عَلَى دِينٍ سِوَى دِينِهِ وَرَاعَى فِي ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ فِي اسْتِتَابَتِهِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوِ اسْتُتِيبَ لَثَبَتَ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَلِهَذَا كُلِّهِ لَمْ يَرَ نَقْلَ الْمَالِ عَنْ
ورثته
وأما بن نَافِعٍ فَجَعَلَ مِيرَاثَهُ فَيْئًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَكِلَاهُمَا يروي ذلك عن مالك
ووجه رواية بن نافع أنه لم يقتل أحدا وَلَا لِمُحَارَبَتِهِ وَإِنَّمَا قُتِلَ لِلْكُفْرِ وَالدَّمُ أَعْظَمُ
حُرْمَةً مِنَ الْمَالِ وَالْمَالُ تَبَعٌ لَهُ يَفِيضُ عَلَى أَصْلِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي الزِّنْدِيقِ فَقَالَا مَرَّةً يُسْتَتَابُ وَمَرَّةً لَا يُسْتَتَابُ
وَيُقْتَلُ دُونَ اسْتِتَابَةٍ
وَقَدْ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اقْتُلُوا الزِّنْدِيقَ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُعْرَفُ وَقَالَهُ أَبُو
يُوسُفَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُسْتَتَابُ الزِّنْدِيقُ كَمَا يستتاب المرتد طاهرا فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ
قَالَ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالرِّدَّةِ فَأَنْكَرَ قُتِلَ فَإِنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُهُ وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكْشِفْ عَنْ غَيْرِهِ
وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ الْمُنَافِقِينَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلْهُمْ بِشَهَادَةٍ وَلَا
بِعِلْمِهِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الشَّهَادَةَ تَعْصِمُ الدَّمَ وَالْمَالَ لِقَوْلِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358
اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَكُلَّهُمْ مَعَ
عِلْمِهِ بِهِمْ فِيمَا أَظْهَرُوا إِلَى يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ وَيَمْتَازُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الزِّنْدِيقَ إِذَا أَظْهَرَ الزَّنْدَقَةَ يُسْتَتَابُ كَغَيْرِ الزِّنْدِيقِ
وَدَلَّ قَوْلُهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ عَلَى أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مَنْ يَشْهَدُ بِهَا غَيْرَ مُخْلِصٍ
وَأَنَّهَا تَحْقِنُ دَمَهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
وَأَجْمَعُوا أَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا عَلَى الظَّاهِرِ وَإِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ السَّرَائِرُ
وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يُسْتَتَابُ الزِّنْدِيقُ
قَالَ مَا أَدْرِي
قُلْتُ إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ
فَقَالَ نَعَمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يُسْتَتَابُ وَهُوَ لَا يُظْهِرُ الْكُفْرَ هُوَ يُظْهِرُ
الْإِيمَانَ
وَقَدْ أَفْرَدْتُ لِحُكْمِ الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْكَامِهِمْ فِي
مُنَاكَحَتِهِمْ لِبَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ الصَّالِحِينَ الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا أَتَيْتُ فِيهِ عَلَى مَعَانِي الْمُنَافِقِينَ
وَكَيْفَ أَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُنَاكَحَةِ بَنَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَيْفَ
الْحُكْمُ فِيهِمْ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِمَا فِيهِ الشِّفَاءُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ