مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ أَعْمَى وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالْمَطَرُ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذْهُ (...) |
مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يَؤُمُّ
قَوْمَهُ وَهُوَ أَعْمَى وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالْمَطَرُ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذْهُ مُصَلًّى فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فَأَشَارَ لَهُ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا قَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ يحيى عن مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَهُوَ مِنَ الْغَلَطِ وَالْوَهْمِ الشَّدِيدِ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَلَا غَيْرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا رواه بن شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ مَحْفُوظٌ لَا مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَفِيهِ جَوَازُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ إِذَا أَذِنَ لَهُ الْمَزُورُ لِأَنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ لَا يُؤَمَّنَّ أَحَدٌ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا بَيْتِهِ وَلَا يَقْعُدُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَالْأَعْمَشُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ عَنْ أَبِي مسعود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا صَاحِبُ الْبَيْتِ أَعْلَمُ بِعَوْرَةِ بَيْتِهِ فَلَا يَقْعُدُ الزَّائِرُ إِلَّا حَيْثُ يُشَارُ إِلَيْهِ مِنَ الْبَيْتِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى وَلَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَجْمَعَ بِأَهْلِهِ وَجُلَسَائِهِ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا لِعُذْرٍ وَمُحَالٌ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَلَيْهِ مُؤْمِنٌ إِلَّا لِعُذْرٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا لِغَيْرِ جَمَاعَةٍ إِلَّا لعذر فإن تخلف لعذر فلا حرج وإن تَخَلَّفَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ بَخَسَ نَفْسَهُ حَظَّهَا فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلَاتُهُ مَاضِيَةٌ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ عَمْدًا وَهُوَ أَيْضًا مُعَارِضٌ لِلْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا لِمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ هَذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ لَهُ أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا مَا يُعَارِضُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ جَوَازُ إِخْبَارِ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ بِعَاهَةٍ نَزَلَتْ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ شَكْوَى مِنْهُ بِرَبِّهِ لِقَوْلِهِ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ وَفِيهِ التَّبَرُّكُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَطِئَهَا وَقَامَ عَلَيْهَا وَأَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِثْرِ الَّذِي قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِيُبَيِّنَ لَكَ أَنَّ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُخَالِفٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ وَالتَّبَرُّكُ وَالتَّأَسِّي بِأَفْعَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيمَانٌ وَتَصْدِيقٌ وَحُبٌّ فِي اللَّهِ ورسوله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حُسْنِ الْخُلُقِ وَجَمِيلِ الْأَدَبِ فِي إِجَابَتِهِ كُلَّ مَنْ دَعَاهُ إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَثِمًا |