مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ لِإِنْسَانٍ إنك في
زمان كثير فقهاؤه قليل قراؤه تُحْفَظُ فِيهِ حُدُودُ الْقُرْآنِ وَتُضَيَّعُ حُرُوفُهُ قَلِيلٌ مَنْ يَسْأَلُ
كَثِيرٌ مَنْ يُعْطِي يُطِيلُونَ فِيهِ الصَّلَاةَ وَيُقَصِّرُونَ الْخُطْبَةَ يُبَدُّونَ أَعْمَالَهُمْ قَبْلَ أَهْوَائِهِمْ
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ لِإِنْسَانٍ إنك في
زمان كثير فقهاؤه قليل قراؤه تُحْفَظُ فِيهِ حُدُودُ الْقُرْآنِ وَتُضَيَّعُ حُرُوفُهُ قَلِيلٌ مَنْ يَسْأَلُ
كَثِيرٌ مَنْ يُعْطِي يُطِيلُونَ فِيهِ الصَّلَاةَ وَيُقَصِّرُونَ الْخُطْبَةَ يُبَدُّونَ أَعْمَالَهُمْ قَبْلَ أَهْوَائِهِمْ
وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ قَلِيلٌ فُقَهَاؤُهُ كَثِيرٌ قُرَّاؤُهُ يُحْفَظُ فِيهِ حُرُوفُ الْقُرْآنِ وَتُضَيَّعُ
حُدُودُهُ كَثِيرٌ مَنْ يَسْأَلُ قَلِيلٌ مَنْ يُعْطِي يُطِيلُونَ فِيهِ الْخُطْبَةَ وَيُقَصِّرُونَ الصَّلَاةَ يُبَدُّونَ
فِيهِ أَهْوَاءَهُمْ قَبْلَ أَعْمَالِهِمْ
فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ عن بن مَسْعُودٍ مِنْ وُجُوهٍ مُتَّصِلَةٍ حِسَانٍ مُتَوَاتِرَةٍ
وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ مَدْحُ زَمَانِهِ لِكَثْرَةِ الْفُقَهَاءِ فِيهِ وَقِلَّةِ الْقُرَّاءِ وَزَمَانُهُ هَذَا هُوَ الْقَرْنُ
الْمَمْدُوحُ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَثْرَةَ الْقُرَّاءِ لِلْقُرْآنِ دَلِيلٌ عَلَى تَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَذَمِّهِ لِذَلِكَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ
بْنِ عَامِرٍ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ وَالْعِيَانُ فِي هَذَا الزَّمَانِ عَلَى
صِحَّةِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ كَالْبُرْهَانِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ تَضْيِيعَ حُرُوفِ الْقُرْآنِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ لِأَنَّهُ قَدْ مَدَحَ الزَّمَانَ الَّذِي تُضَيَّعُ
فِيهِ حُرُوفُهُ وَذَمَّ الزَّمَانَ الَّذِي يُحْفَظُ فِيهِ حُرُوفُ الْقُرْآنِ وَتُضَيَّعُ حُدُودُهُ
وَفِيهِ أَنَّ كَثْرَةَ السُّؤَالِ مَذْمُومٌ وَأَنَّ كَثْرَةَ السَّائِلِينَ وَقِلَّةَ الْمُعْطِينَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي زَمَنٍ
مَذْمُومٍ وَبِضِدِّ ذَلِكَ مَدَحَ قِلَّةَ السُّؤَالِ وَكَثْرَةَ الْعَطَاءِ
وَفِيهِ أَنَّ طُولَ الصَّلَاةِ مَحْمُودٌ مَمْدُوحٌ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَأَمَّا مَنْ أَمَّ جَمَاعَةً فَقَدْ أَوْضَحْنَا
السُّنَّةَ فِي إِمَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَبْوَابِ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَإِذَا كَانَ مَنْ أَتَى الصَّلَاةَ عَلَى مَا يَنْبَغِي فِيهَا مَحْمُودًا عَلَيْهَا فَبِضِدِّ ذَلِكَ ذَمَّ مَنْ لَمْ
يُتِمَّهَا وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا عَلَى كَمَالِهَا مَذْمُومٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ فِيهِ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ
وَأَمَّا قَصْرُ الْخُطْبَةِ فَسُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ
وَيَفْعَلُهُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363
وَفِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَصْرِ الْخُطْبَةِ
وَكَانَ يَخْطُبُ بِكَلِمَاتٍ طَيِّبَاتٍ قَلِيلَاتٍ وَقَدْ كَرِهَ التَّشَدُّقَ وَالتَّفَيْهُقَ
وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ مِنَ الْمَوَاعِظِ مَا يُنْسِي بَعْضُهُ بَعْضًا لِطُولِهِ وَيَسْتَحِبُّونَ مِنْ ذَلِكَ
مَا وَقَفَ عَلَيْهِ السَّامِعُ الْمَوْعُوظُ فَاعْتَبَرَهُ بَعْدَ حِفْظِهِ لَهُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا مع القلة
وبن مَسْعُودٍ هَذَا هُوَ الْقَائِلُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ
مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا
وَأَمَّا تَبْدِأَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ عَلَى الْهَوَى فَهُوَ النُّورُ وَالْهُدَى وَآفَةُ الْعَقْلِ الْهَوَى فَمَنْ عَلَا
عَلَى هَوَاهُ عَقْلُهُ فَقَدْ نَجَا