مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَنَى رَحْبَةً فِي نَاحِيَةِ
الْمَسْجِدِ تُسَمَّى الْبُطَيْحَاءَ وَقَالَ مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَلْغَطَ أَوْ يُنْشِدَ شِعْرًا أَوْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ
فَلْيَخْرُجْ إِلَى هَذِهِ الرَّحْبَةِ
هَذَا الْخَبَرُ عِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ وَمُطَرِّفٍ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَنَى رَحْبَةً فِي نَاحِيَةِ
الْمَسْجِدِ تُسَمَّى الْبُطَيْحَاءَ وَقَالَ مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَلْغَطَ أَوْ يُنْشِدَ شِعْرًا أَوْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ
فَلْيَخْرُجْ إِلَى هَذِهِ الرَّحْبَةِ
هَذَا الْخَبَرُ عِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ وَمُطَرِّفٍ وَأَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ سَالِمِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَنَى رَحْبَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَدِيثَ
وَرَوَاهُ طَائِفَةٌ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى
فَقَدْ عَارَضَ هَذَا الْخَبَرَ بَعْضُ النَّاسِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ لَمَّا أَنْكَرَ
عَلَيْهِ عُمَرُ إِنْشَادَهُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ
فَسَكَتَ عُمَرُ
وَهَذَا مَحْمَلُهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الشِّعْرُ الَّذِي يُنْشَدُ فِي الْمَسْجِدِ مَا لَيْسَ فِيهِ مُنْكَرٌ مِنَ
الْقَوْلِ وَلَا زَوْرٌ وَحَسْبُكَ مَا يُنْشَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَمَّا مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْفَخْرِ بِالْآبَاءِ الْكُفَّارِ وَالتَّشْبِيبِ بِالنِّسَاءِ وَذِكْرِهِنَّ عَلَى رُؤُوسِ
الْمَلَأِ وَشِعْرٌ يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْخَنَا فَهَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا فِي غَيْرِهِ
وَالْمَسْجِدُ أَوْلَى بِالتَّنْزِيهِ مِنْ غَيْرِهِ
وَالشِّعْرُ كَلَامُهُ مَوْزُونٌ فَحَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ وَقَبِيحُهُ لَا يزيده الوزن معنى
وقد قال صلى الله عليه وسلم إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً
وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سعد قال حدثني بن الْعَجْلَانِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ تَتَنَاشَدَ الْأَشْعَارُ فِي
الْمَسْجِدِ وَعَنِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ
ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ
وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا تَرْتِيبَ الْآثَارِ فِي إِنْشَادِ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسْجِدِ وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا إِلَّا أَنَّ
الشِّعْرَ وَإِنْ كَانَ حَسَنًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِنْشَادُهُ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا غِبًّا لِأَنَّ إِنْشَادَ
حَسَّانَ كَذَلِكَ كَانَ وَأَمَّا الشِّعْرُ الْقَبِيحُ وَمَا لَا حِكْمَةَ فِيهِ وَلَا عِلْمَ فَيَنْبَغِي أَنْ تُنَزَّهَ
الْمَسَاجِدُ عَنْ إِنْشَادِهِ فِيهَا وَالْقَوْلُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ يَعْنِي التِّلَاوَةَ أَوْ مَا يُفِيدُ عِلْمَ الدِّينِ
وَفِي اللَّفْظِ كَالْقَوْلِ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ