وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذا سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُصَلُّوا فَإِذَا صَلَّى (...) |
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذا
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُصَلُّوا فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَلَا يُسَلِّمُونَ وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ يَنْصَرِفُ الْإِمَامُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَتَقُومُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ خَوْفًا أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلُّوا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبلهما قَالَ مَالِكٌ قَالَ نَافِعٌ لَا أَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ إِلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ عَلَى الشَّكِّ فِي رَفْعِهِ وَرَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ جَمَاعَةٌ لَمْ يَشُكُّوا فِي رَفْعِهِ وَمِمَّنْ رَوَاهُ مَرْفُوعًا عَنْ نافع عن بن عمر عن النبي من غير شك بن أَبِي ذِئْبٍ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ بن عمر عن النبي وكذلك رواه خالد بن معدان عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحَادِيثَهُمْ عَنْهُ بِالْأَسَانِيدِ مِنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ وَذَكَرْنَا مَنْ رَوَى مِثْلَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حديث بن عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي التَّمْهِيدِ أيضا وقال بحديث بن عُمَرَ هَذَا وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ صَاحِبُ مَالِكٍ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يَذْهَبُونَ إِلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِكُلِّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهِيَ سِتَّةُ أَوْجُهٍ قَدْ ذَكَرْنَاهَا كُلَّهَا مِنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ وَذَكَرْنَا مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهَا مِنَ الْعُلَمَاءِ أَحَدُهَا حديث بن عُمَرَ وَمَنْ تَابَعَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 وَالثَّانِي حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَمَنْ تابعه والثالث حديث بن مسعود ومن تابعه وقد ذكرنا ها هنا الْقَائِلِينَ بِهَا مِنَ الْفُقَهَاءِ مِثْلَهُ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِهِ بن أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ أَيْضًا فِي تَخْيِيرِهِ وَقَالَ بِهِ غَيْرُهُمَا مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ وَالْخَامِسُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي التَّمْهِيدِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي خَيَّرَ الثَّوْرِيُّ فِيهَا رَحِمَهُ اللَّهُ السَّادِسُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَحَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا وَلِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ كَانَ يُفْتِي الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَهُوَ قَوْلٌ يُجِيزُهُ كُلُّ مَنْ أَجَازَ اخْتِلَافَ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ وَأَجَازَ لِمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَنْ يَؤُمَّ فِي تلك الصلاة وهو مذهب الأوزاعي والشافعي وبن عُلَيَّةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ وَحَدِيثَ جَابِرٍ كَانَ فِي الْحَضَرِ لِأَنَّ فِيهِ سَلَامُهُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا بِأَحْسَنِ أَسَانِيدِهِمَا فِي التَّمْهِيدِ وَهُمَا ثَابِتَانِ مِنْ جهة النقل عند أهل العلم به وغيره مَحْفُوظٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى أَخَفِّ مَا يُمْكِنُ وَأَحْوَطِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مِنْ أَحْوَطِ وُجُوهِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَقَدْ حَكَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَلَوْ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ كَانَ جَائِزًا قَالَ وَهَكَذَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَطْنِ نَخْلٍ وَاخْتَارَ هَذَا الْوَجْهَ بَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الحجة لمن قال بحديث بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ حَدِيثٌ وَرَدَ بِنَقْلِ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُمُ الْحُجَّةُ فِي النَّقْلِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهَ بِالْأُصُولِ لأن الطائفة الأولى والثانية لم يقصوا الرَّكْعَةَ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ سُنَّتِهِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا مِنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَأَمَّا صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا إِمَامُهَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَخِلَافٌ لِقَوْلِهِ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ حَدِيثَ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ على معنى حديث بن عُمَرَ فَصَارَ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ مختلفا فيه ولم يختلف في حديث بن عُمَرَ إِلَّا بِمَا جَاءَ مِنْ شَكِّ مَالِكٍ فِي رَفْعِهِ وَشَكُّهُ فِي ذَلِكَ مَرْدُودٌ إِلَى يَقِينِ سَائِرِ مَنْ رَوَاهُ بِغَيْرِ شَكٍّ وَالشَّكُّ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَالْيَقِينُ مَعْمُولٌ عَلَيْهِ وَالرِّوَايَةُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حثمة بمعنى حديث بن عُمَرَ رَوَاهَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَذَكَر مِثْلَ حَدِيثِ بن عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ وبن عُلَيَّةَ لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا تُصَلَّى بَعْدَهُ بِإِمَامَيْنِ يُصَلِّي كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلوة فلتقم طائفة منهم معك) النساء 102 قَالُوا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ كَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ يُؤْثِرُ بِنَصِيبِهِ فِيهِ غَيْرَهُ وَكُلُّهُمْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ وَيُصَلِّيَ خَلْفَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ بَعْدَهُ يَقُومُ بِالْفَضْلِ مَقَامَهُ وَالنَّاسُ بَعْدَهُ تَسْتَوِي أَحْوَالُ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْهُمْ أَوْ تَتَقَارَبُ وَلَيْسَ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إِلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ عِنْدَ الْخَوْفِ بل يصلي بطائفة من شاؤوا وَتَحْتَرِسُ الْأُخْرَى فَإِذَا فَرَغَتْ صَلَّى بِالنَّاسِ مِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّمُونَهُ كَذَلِكَ هَذِهِ جُمْلَةُ مَنِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ أَبِي يُوسُفَ فِي ذَلِكَ وَمِنِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) التَّوْبَةِ 103 يَنُوبُ فِيهَا مَنَابَهُ وَيَقُومُ فِيهَا مَقَامَهُ الْخُلَفَاءُ وَالْأُمَرَاءُ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ) النِّسَاءِ 102 وَمِنِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَا خُوطِبَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتْ فِيهِ أُمَّتُهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَلَمَّا قَضَى زيد منها وطرا زوجنكها لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أزوج أَدْعِيَائِهِمْ) الْأَحْزَابِ 37 وَمِثْلُهُ (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في ءايتنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) الْأَنْعَامِ 68 هُوَ الْمُخَاطَبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتُهُ دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ وَأَمَّا مُرَاعَاةُ الْقِبْلَةِ لِلْخَائِفِ فِي الصَّلَاةِ فَسَاقِطَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيِّ إِذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 اشْتَدَّ خَوْفُهُ كَمَا يَسْقُطُ عَنْهُ النُّزُولُ إِلَى الْأَرْضِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أو ركبانا) البقرة 239 قال بن عُمَرَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَغَيْرُ مُسْتَقْبِلِهَا وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِمُصَلِّي الْفَرْضِ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ قَالَ قول بن عمر هذا ذهب جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ قَالَا يُصَلِّي الْمُسَافِرُ الْخَائِفُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ مستقبل القبلة وغيره مُسْتَقْبِلِهَا وَبِذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ (فإن خفتم) وقال بن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُصَلِّي الْخَائِفُ إِلَّا إِلَى الْقِبْلَةِ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ فِي حَالِ الْمُسَابَقَةِ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيُومِئُ إِيمَاءً يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ مُوَاجَهِي الْعَدُوِّ وَصَلَّى بِهِمْ إِمَامُهُمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَإِنْ شَغَلَهُمُ الْقِتَالُ صَلَّوْا فُرَادَى فَإِنِ اشْتَدَّ الْقِتَالُ صَلَّوْا رِجَالًا وَرُكْبَانًا إِيمَاءً حَيْثُ كَانَتْ وُجُوهُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا تَرَكُوا الصَّلَاةَ حَتَّى يَأْمَنُوا وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْبَابَ إِيضَاحًا بِالْمَسَائِلِ عَنِ الْعُلَمَاءِ فِي التَّمْهِيدِ وَأَحْسَنُ النَّاسِ صِفَةً لِحَالِ الْخَوْفِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ إِلَّا بِالْأَرْضِ إِلَى الْقِبْلَةِ وَتَحْرُسُ أَحَدُ الطَّائِفَتَيْنِ فِيهِ الْأُخْرَى وَلِحَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ رَاكِبًا وَرَاجِلًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِهَا الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَإِنَّهُ قَدْ وَصَفَ الْحَالَتَيْنِ صِفَةً بَيِّنَةً وَاضِحَةً وَقَدْ أَوْرَدْنَا ذَلِكَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ |