وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
أَنَّهُ قَالَ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى
غَرَبَتِ الشَّمْسُ

فَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
أَنَّهُ قَالَ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى
غَرَبَتِ الشَّمْسُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407
فَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ تُؤَخَّرُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ عَلَيْهَا عَلَى
وَجْهِهَا إِلَى وَقْتِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِطَاعَةِ
وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الشَّامِ شَذُّوا عَنِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ
خَالَفَهُمْ
وَقَدْ بَانَ فَسَادُ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِالْحَدِيثِ الثَّابِتِ أَنَّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ قَبْلَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَقَبْلَ
نُزُولِ الْآيَةِ فِيهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرْنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ بن أَبِي ذِئْبٍ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بن عبد الجبار الخرساني قال أخبرنا بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ
عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى كَانَ هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى كُفِينَا وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَكَفَى
اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) الْأَحْزَابِ 25 قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ
فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ أَيْضًا
وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ (فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) البقرة 239
ومعنى الحديثين سواء
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِي الْخَنْدَقِ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى
الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ
هَكَذَا قَالَ هُشَيْمٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَذَكَرَ الْأَذَانَ لِلظَّهْرِ
وَحْدَهَا
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هُشَيْمٍ سَوَاءً وَخَالَفَهُ هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408
فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا
لِلظُّهْرِ وَلَا لِغَيْرِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْإِقَامَةَ فِيهَا وَحْدَهَا
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ فَوَائِتُ وَأَنَّ الْعِشَاءَ صُلِّيَتْ فِي وَقْتِهَا
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي
الْأَذَانِ لِلْفَوَائِتِ مِنَ الصَّلَاةِ هُنَاكَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ هُنَا
وَرَوَى هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سليمة عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَعَلَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا
صَلَّيْتُ الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ تَغِيبُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا فَنَزَلْنَا مَعَهُ إِلَى بَطِحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا مَعَهُ فَصَلَّى
الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إنما شغل يؤمئذ
عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وبن مَسْعُودٍ أَنَّهُ شُغِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ
وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
وَفِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ شُغِلَ يَوْمئِذٍ عَنِ الظَّهْرِ والعصر فالله أعلم أن
ذَلِكَ كَانَ
وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ صَحِيحًا لِأَنَّهُمْ حُوصِرُوا فِي الْخَنْدَقِ وَشُغِلُوا بِالْأَحْزَابِ
أَيَّامًا
وَمِثْلُ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى
غَرُبَتِ الشَّمْسُ مَلَأَ اللَّهُ بُطُونَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ أَوْ بُيُوتَهُمْ نَارًا
وَمِمَّنْ رَوَاهُ عن علي يحيى بن الخزاز وشيتر بْنُ شَكَلٍ وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ وَالْحَارِثُ
الْهَمْدَانِيُّ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنَ التَّمْهِيدِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409