وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ
فادعوا اللَّهَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ
فادعوا اللَّهَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ
قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَهَدَّمَتِ
الْبُيُوتُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ
ظُهُورَ الْجِبَالِ وَالْآكَامِ وَبُطُونَ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتَ الشَّجَرِ قَالَ فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ
الثَّوْبِ
فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ بِمَعَانٍ مُتَفَاوِتَةٍ حِسَانٍ قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي
التَّمْهِيدِ
وَمِنْ أَكْمَلِهَا مَعْنًى وَأَحْسَنِهَا أَلْفَاظًا وَسِيَاقَةً حَدِيثُ مُسْلِمٍ الْمُلَائِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ
أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَتَيْنَاكَ وَمَا لَنَا بَعِيرٌ
يثط وَلَا صَبِيٌّ يَصْطَبِحُ وَأَنْشَدَ
(أَتَيْنَاكَ وَالْعَذْرَاءُ يَدْمَى لَبَانُهَا ... وَقَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ عَنِ الطِّفْلِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432
(وَأَلْقَى بِكَفَّيْهِ الْفَتَى اسْتِكَانَةً ... مِنَ الْجُوعِ ضَعْفًا مَا يُمِرُّ وَمَا يُحْلِي)
(وَلَا شَيْءَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ عِنْدَنَا ... سِوَى الْحَنْظَلِ الْعَامِّيِّ وَالْعِلْهِزِ الْفَسْلِ)
(وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا إِلَيْكَ فِرَارُنَا ... وَأَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسْلِ) قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ
الْعِلْهِزِ اسْمٌ لِلنَّرْجِسِ وَيُقَالُ لِلْيَاسَمِينِ
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى
عَلَيْهِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مَرِيعًا غَدَقًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ
رائت نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ تَمْلَأُ بِهِ الضَّرْعَ وَتُنْبِتُ بِهِ الزَّرْعَ وَتُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تَخْرُجُونَ
قَالَ فَمَا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ يَدَيْهِ إِلَى نَحْرِهِ حَتَّى الْتَقَتِ السَّمَاءُ بِأَرْوَاقِهَا وَجَاءَ أَهْلُ
الْبِطَانَةِ يَضِجُّونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْغَرَقَ الْغَرَقَ فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا
وَلَا عَلَيْنَا فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنِ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَحْدَقَ بِهَا كَالْإِكْلِيلِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ لِلَّهِ أَبُو طَالِبٍ! لَوْ كَانَ حَيًّا قَرَّتْ
عَيْنَاهُ مَنِ الَّذِي يُنْشِدُنَا قَوْلَهُ فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ أَرَدْتَ
قَوْلَهُ
(وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ)
يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ)
(كَذَّبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ يُبْزَى مُحَمَّدٌ ... وَلِمَا نُقَاتِلُ دُونَهُ وَنُنَاضِلِ)
(وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ كِنَانَةَ فَقَالَ
(لَكَ الْحَمْدُ مِمَّنْ شَكَرْ ... سُقِينَا بِوَجْهِ النَّبِيِّ الْمَطَرْ) فَذَكَرَ الْأَبْيَاتَ عَلَى حَسَبِ مَا
كَتَبْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433
وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَنَسٍ هَذَا عَنْهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي طَلْحَةَ لَيْسَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ شَيْءٌ مِنَ الشِّعْرِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى نَحْوِ حَدِيثِ مَالِكٍ
وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدٍ الْمُقْبَرِيِّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَخْطُبُ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقَطَّعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْأَمْوَالُ وَأَجْدَبَتِ الْبِلَادُ
فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ حِذَاءَ وَجْهِهِ وَقَالَ
اللَّهُمَّ اسْقِنَا وَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا وَلَكِنِ الْجِبَالَ
وَمَنَابِتَ الشَّجَرِ فَتَفَرَّقَ السَّحَابُ فَمَا نَرَى مِنْهُ شَيْئًا
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَالْآكَامَ فَهِيَ الْكُدَى وَالْجِبَالُ مِنَ التُّرَابِ وَهِيَ جَمْعُ أَكْمَةٍ
مِثْلَ رَقَبَةٍ وَرِقَابٍ وَعَتَبَةٍ وَعِتَابٍ وَقَدْ تُجْمَعُ عَلَى آكَامٍ مِثْلَ آجَامٍ
وَمَنَابِتُ الشَّجَرِ مَوَاضِعُ الْمَرْعَى حَيْثُ تَرْعَى الْبَهَائِمُ
وَانْجِيَابُ الثَّوْبِ انْقِطَاعُ الثَّوْبِ يَعْنِي الْخَلِقَ يَقُولُ صَارَتِ السَّحَابَةُ قِطَعًا وَانْكَشَفَتْ عَنِ
الْمَدِينَةِ كَمَا يَنْكَشِفُ الثَّوْبُ عَنِ الشَّيْءِ يَكُونُ عَلَيْهِ
وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِصْحَاءِ عِنْدَ نَوَالِ الْغَيْثِ كَمَا يُسْتَسْقَى
عِنْدَ احْتِبَاسِهِ
وَيَنْبَغِي لِمَنِ اسْتَصَحَا أَنْ لَا يَدْعُوَ فِي رَفْعِ الْغَيْثِ جُمْلَةً وَلَكِنِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ وَمَا أَدَّبَ بِهِ أُمَّتَهُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
مَنَابِتَ الشَّجَرِ وَبُطُونَ الْأَوْدِيَةِ يَعْنِي حَيْثُ لَا يَخْشَى هَدْمُ بَيْتٍ وَلَا هَلَاكُ حَيَوَانٍ وَلَا
نَبَاتٍ
وَرَوَيْنَا مِنْ وُجُوهٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي فَخَرَجَ
مَعَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ وَنَسْتَشْفِعُ بِهِ فَاحْفَظْ فِينَا نَبِيَّكَ كَمَا
حَفِظْتَ الْغُلَامَيْنِ لِصَلَاحِ أَبِيهِمَا وَأَتَيْنَاكَ مُسْتَغْفِرِينَ مُسْتَشْفِعِينَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ
(اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا) إِلَى قوله (أنهرا) نوح
10 21 ثُمَّ قَامَ الْعَبَّاسُ وَعَيْنَاهُ تَنْضَحَانِ فَطَالَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434
الرَّاعِي لَا تُهْمِلُ الضَّالَّةَ وَلَا تَدَعُ الْكَسِيرَ بِدَارِ مَضِيعَةٍ فَقَدْ ضَرَعَ الصَّغِيرُ وَرَقَّ
الْكَبِيرُ وَارْتَفَعَتْ إِلَيْكَ الشَّكْوَى وَأَنْتَ تَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللَّهُمَّ فَأَغِثْهُمْ بِغِيَاثِكَ مِنْ قَبْلِ
أَنْ يَقْنَطُوا فَيَهْلَكُوا فَلَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ فَنَشَأَتْ طُرَيْرَةٌ مِنْ
سَحَابٍ فَقَالَ النَّاسُ تَرَوْنَ تَرَوْنَ! ثُمَّ تَلَاءَمَتْ وَاسْتَتَمَّتْ وَمَشَتْ فِيهَا رِيحٌ ثُمَّ هَدَّتْ
وَدَرَّتْ فَوَاللَّهِ مَا بَرِحُوا حَتَّى اعْتَقَلُوا الْحِذَاءَ وَقَلَّصُوا الْمَآزِرَ وَطَفِقَ النَّاسُ بِالْعَبَّاسِ
يَمْسَحُونَ أَرْكَانَهُ وَيَقُولُونَ هَنِيئًا لَكَ يَا أَبَا الْفَضْلِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن أبي عمر
قال حدثنا بن عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ سَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْ حَضَرَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
مَاذَا بَقِيَ مِنْ نَوْءِ الثُّرَيَّا فَقَالَ الْعَبَّاسُ الْعُلَمَاءُ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَعْتَرِضُ فِي الْأُفُقِ بَعْدَ
سُقُوطِهَا سَبْعًا قَالَ فَمَا مَضَتْ سَابِعَةٌ حَتَّى مُطِرُوا
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَأَدْرَكَ الْخُطْبَةَ إِنْ شَاءَ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435
وَإِنْ شَاءَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَلِأَنَّ السُّنَنَ لَا تُقْضَى لِزَامًا فَتُشْبِهُ الْفَرَائِضَ
وهي فعل خير يَخْرُجُ مَنْ قَضَاهَا