مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ (...) |
مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ الْحُدَيْبِيَةُ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ فِي آخِرِ الْجَبَلِ وَأَوَّلِ الْحَرَمِ وَفِيهِ كَانَ الصُّلْحُ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ كَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالسَّمَاءِ الْمَطَرَ وَالْغَيْثَ وَهِيَ اسْتِعَارَةٌ حَسَنَةٌ مَعْرُوفَةٌ لِلْعَرَبِ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ (عَفَتْ ذَاتُ الْأَصَابِعِ فَالْجِوَاءُ ... إِلَى عَذْرَاءَ مَنْزِلُهَا خَلَاءُ) دِيَارٌ مِنْ بَنِي الْحَسْحَاسِ قَفْرٌ ... تُعْفِيهَا الرَّوَامِسُ وَالسَّمَاءُ) يَعْنِي مَاءَ السَّمَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ فَأَفْرَطَ فِي الْمَجَازِ وَفِي الِاسْتِعَارَةِ (إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... رعيناه وإن كانوا غضابا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 وأما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاكِيًا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَمَعْنَاهُ عِنْدِي عَلَى وَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْقَائِلَ مُطِرْنَا بِنَوْءٍ كَذَا أَيْ بِسُقُوطِ نَجْمِ كَذَا أَوْ بِطُلُوعِ نَجْمِ كَذَا إِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ النَّوْءَ هُوَ الْمُنْزِلُ لِلْمَطَرِ وَالْخَالِقُ لَهُ وَالْمُنْشِئُ لِلسَّحَابِ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَهَذَا كَافِرٌ كُفْرًا صَرِيحًا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا اسْتُتِيبَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى ذَلِكَ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَإِلَّا قُتِلَ إِلَى النَّارِ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ النَّوْءَ عَلَّامَةً لِلْمَطَرِ وَوَقْتًا له وسببا من أسبابه كما تحيى بالأرض الماء بَعْدَ مَوْتِهَا وَيَنْبُتُ بِهِ الزَّرْعُ وَيَفْعَلُ بِهِ ما يشاء من خليفته فَهَذَا مُؤْمِنٌ لَا كَافِرٌ وَيَلْزَمُهُ مَعَ هَذَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ نُزُولَ الْمَاءِ لِحِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحِمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا بِغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَرَّةً يُنْزِلُهُ بِالنَّوْءِ وَمَرَّةً بِغَيْرِ نَوْءٍ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالَّذِي أُحِبُّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَيَتْلُو الْآيَةَ إن شاء روى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) الْوَاقِعَةِ 82 قَالَ ذَلِكَ فِي الْأَنْوَاءِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ لِلْقُرْآنِ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ يَقُولُ مُطِرْنَا بِبَعْضِ عَثَانِينِ الْأَسَدِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَبْتَ بَلْ هُوَ سُقْيَا اللَّهِ عز وجل ورزقه قَالَ سُفْيَانُ عَثَانِينُ الْأَسَدِ الذِّرَاعُ وَالْجَبْهَةُ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ طَلَعَ سُهَيْلٌ وَبَرَدَ اللَّيْلُ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّ سُهَيْلًا لَمْ يَكُنْ قَطُّ بِحَرٍّ وَلَا برد وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْغَيْمِ وَالسَّحَابَةِ مَا أَخْلَفَهَا لِلْمَطَرِ وَهَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مَعَ رِوَايَتَيِهِ إِذَا أَنْشَأَتْ بَحَرِيَّةٌ يَدُلُّ عَلَى أن القوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 احْتَاطُوا فَمَنَعُوا النَّاسَ مِنَ الْكَلَامِ بِمَا فِيهِ أَدْنَى مُتَعَلِّقٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ بِقَوْلِهِمْ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمَبْسُوطِ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاكِيًا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ الْحَدِيثَ قَالَ هَذَا كَلَامٌ عَرَبِيٌّ مُحْتَمِلُ الْمَعَانِي وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَمُشْرِكِينَ فَالْمُؤْمِنُ يَقُولُ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَذَلِكَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْطِرُ وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا النَّوْءُ لِأَنَّ النَّوْءَ مَخْلُوقٌ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَلَا لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَقْتٌ وَمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا يُرِيدُ فِي وَقْتِ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ مُطِرْنَا فِي شَهْرِ كَذَا وَهَذَا لَا يَكُونُ كُفْرًا وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يُضِيفُونَ الْمَطَرَ إِلَى النَّوْءِ أَنَّهُ أَمْطَرَهُ فَهَذَا كُفْرٌ يُخْرِجُ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَالَّذِي أُحِبُّ أَنْ يَقُولَ الْإِنْسَانُ مُطِرْنَا فِي وَقْتِ كَذَا وَلَا يَقُولُ بِنَوْءِ كَذَا وَإِنْ كَانَ النَّوْءُ هُوَ الْوَقْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّوْءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَاحِدُ أَنْوَاءٍ النُّجُومُ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ الطَّالِعَ وَأَكْثَرُهُمْ يَجْعَلُهُ السَّاقِطَ وَقَدْ سَمَّى مَنَازِلَ الْقَمَرِ كُلَّهَا أَنْوَاءً وَهِيَ ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ مَنْزِلَةً قد أفردت لذكرها جزءا وقد ذكروا النَّاسُ كَثِيرًا وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْقَوْلَ فِي الْأَنْوَاءِ فِي التَّمْهِيدِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَتَّابِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْ أَمْسَكَ اللَّهُ الْقَطْرَ عَلَى عِبَادِهِ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ أَرْسَلَهُ لَأَصْبَحَتْ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ بِهِ كَافِرِينَ يَقُولُ مُطِرْنَا بِنَوْءِ الْمِجْدَحِ فَمَعْنَاهُ كَمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَأَمَّا الْمِجْدَحُ فَإِنَّ الْخَلِيلَ زَعَمَ أَنَّهُ نَجْمٌ كَانْتِ الْعَرَبُ تزعم أنها تمطر فَيُقَالُ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ بِمَجَادِحِ الْغَيْثِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 وَيُقَالُ مِجْدَحٌ وَمُجْدَحٌ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حدثنا أحمد بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ لَنْ يَزَلْنَ فِي أُمَّتِي التَّفَاخُرُ بِالْأَنْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ وَالْأَنْوَاءُ يَعْنِي النِّيَاحَةَ عَلَى الْمَوْتَى وَالِاسْتِمْطَارَ بِالنُّجُومِ |