وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا زَادَ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ أَوْ مُخَاطًا أَوْ نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ فَحَكَّهُ ثُمَّ
أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ (...)
 
وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا زَادَ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ أَوْ مُخَاطًا أَوْ نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ فَحَكَّهُ ثُمَّ
أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَكُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبُصَاقَ مِنَ الْقِبْلَةِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَنْزِيهِ
المساجد من كل ما يستقدر وَيُسْتَسْمَجُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لِأَنَّ الْبُصَاقَ طَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ
نَجِسًا لَأَمَرَ بِغَسْلِ أَثَرِهِ
وَيَدُلُّكَ عَلَى طَهَارَتِهِ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وحديث أبي
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448
هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ وَكُلُّهَا قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَبْصُقَ وَيَتَنَخَّمَ فِي ثَوْبِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا
مَا أَبَاحَ لَهُ حَمْلَهُ فِي ثَوْبِهِ
وَلَا أَعْلَمُ كَلَامًا فِي طِهَارَةِ الْبُصَاقِ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ
وَالسُّنَنُ الثَّابِتَةُ وَرَدَتْ بِرَدِّهِ
وَفِي حَكِّ الْبُصَاقِ من المسجد تنزيهه عن أين يُؤْكَلُ فِيهِ مِثْلَ الْبَلُّوطِ لِقِشْرِهِ وَالزَّبِيبِ
لِعَجْمِهِ وَكُلُّ مَا لَهُ دَسَمٌ وَوَدَكٌ وَتَلْوِيثٌ وَمَا لَهُ حَبٌّ وَتَبَنٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْنُسُهُ الْمَرْءُ
مِنْ بَيْتِهِ
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَالنَّجَاسَةُ أَحْرَى أَنْ لَا يَقْرَبَ الْمَسْجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أمر بِبِنَاءِ
الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ
وَالْبُصَاقُ مَا خَرَجَ مِنَ الْفَمِ وَفِيهِ لُغَتَانِ بُصَاقٌ وَبُزَاقٌ وَيُكْتَبُ بِالسِّينِ كَمَا يُكْتَبُ بِالصَّادِ
وَالزَّايِ
وَالنُّخَامَةُ مَا خَرَجَ مِنَ الْحَلْقِ
وَالْمُخَاطُ مَا خَرَجَ مِنَ الْأَنْفِ
وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَجِسٌ وَلَكِنَّ الْمَسَاجِدَ وَاجِبٌ تَنْزِيهُهَا عَنْ كُلِّ مَا تَسْتَقْذِرُهُ النَّفْسُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى فَكَلَامٌ خَرَجَ عَلَى شَأْنِ تَعْظِيمِ الْقِبْلَةِ وَإِكْرَامِهَا
كَمَا قَالَ طَاوُسٌ أَكْرِمُوا قِبْلَةَ اللَّهِ عَنْ أَنْ تُسْتَقْبَلَ للغائط والبول
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً فِي الْمَسْجِدِ فَشَقَّ
عَلَيْهِ حَتَّى عَرَفْنَا ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ فَحَكَّهُ وَقَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا
يُنَاجِي رَبَّهُ وَإِنَّمَا رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ فَلْيَبْصُقْ إِذَا بَصَقَ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَبْصُقَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ
وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ صِلَاتَهُ وَلَا يُعِيدُهَا
وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَضُرُّهَا إِذَا لَمْ يَقْصِدُ بِهِ صَاحِبُهُ اللَّعِبَ
وَالْعَبَثَ لِأَنَّ الْبُصَاقَ لَا يَسْلَمُ مِنْ شَيْءٍ مِنَ النَّفْخِ وَالتَّنَحْنُحِ مِثْلَ النَّفْخِ إِذَا لَمْ يَكُنْ
جَوَابًا وَلَا أُرِيدَ بِهِ مَعْنَى الْكَلَامِ وَلَا الْعَبَثُ وَلَا اللَّعِبُ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى
فَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ النَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ فَعَلَهُ فاعل لا يقطع صلاته
ذكره بن وهب عن مالك
وذكره بن خواز بنداذ قال قا ل مَالِكٌ التَّنَحْنُحُ وَالنَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَقْطَعُ الصلاة
رواه بن عبد الحكم قال قال بن الْقَاسِمِ التَّنَحْنُحُ وَالنَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ حُرُوفُ الْهِجَاءِ فَلَيْسَ بِكَلَامٍ وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا
الْكَلَامُ الْمَفْهُومُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِنْ كَانَ النَّفْخُ يُسْمَعُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ يَقْطَعُ
الصَّلَاةَ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّأْفِيفَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ صَلَاتُهُ تامة
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ نَفَخَ فِي الصَّلَاةِ
وَالنَّفْخُ مَعَ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَأَوُّهًا مِنْ ذِكْرِ النَّارِ وَخَوْفِ اللَّهِ تَعَالَى
إِذَا مَرَّ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ
وَقَدْ زِدْنَا هَذَا بَيَانًا فِي التَّمْهِيدِ