ذَكَرَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ
قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُ وَمَذْهَبَهُ فِيهِ وَفِي قَوْلِ الله تعالى (لا يمسه (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ
قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُ وَمَذْهَبَهُ فِيهِ وَفِي قَوْلِ الله تعالى (لا يمسه إلا
المطهرون) الْوَاقِعَةِ 79 بَيَانًا حَسَنًا فِي الْمُوَطَّإِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ مَالِكٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَلَّا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا عَلَى طهر
وذكره بن الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ
وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
جَدِّهِ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فِي
السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ وَالدِّيَّاتِ أَلَّا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ
وَكِتَابُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ هَذَا قَدْ تَلَقَّاهُ الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ وَالْعَمَلِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ
مِنَ الْإِسْنَادِ الْوَاحِدِ الْمُتَّصِلِ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471
وَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفَتْوَى وَعَلَى أَصْحَابِهِمْ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَا
يَمَسُّهُ إِلَّا الطَّاهِرُ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ فِي أَعْصَارِهِمْ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ
وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءٍ وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَالْكُوفَةِ
وَالْبَصْرَةِ
قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِقَوْلِ
اللَّهِ عَزَّ وجل (لا يمسه إلا المطهرون) الْوَاقِعَةِ 79
وَلَكِنْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ
وَهَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ وَمَعْنَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ
وَلَا غَيْرُ الْمُتَوَضِّئِ
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَحْمِلُهُ بِعِلَاقَتِهِ وَلَا عَلَى وِسَادَةٍ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ
قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَهُ فِي التَّابُوتِ وَالْخَرْجِ وَالْغِرَارَةِ مَنْ لَيْسَ عَلَى وُضُوءٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ الْمُصْحَفُ فِي وِعَاءٍ قَدْ جمع أشياء منها المصحف وَحْدَهُ
فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَقَصَدَ إِلَيْهِ حَامِلُهُ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ لَمْ يَجُزْ
وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ مَسَّ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ
وُضُوءٍ مِنْهُمُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ فَهَؤُلَاءِ لَا شَكَّ أَشَدُّ كَرَاهَةً أَنْ يَمَسَّ
الْمُصْحَفَ غَيْرُ الْمُتَوَضِّئِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ تَحْمِلَ الْحَائِضُ الْمُصْحَفَ بِعِلَاقَتِهِ
وَأَمَّا الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُمَا فِي إِجَازَةِ حَمْلِ
الْمُصْحَفِ بِعِلَاقَتِهِ لِمَنْ لَيْسَ عَلَى طَهَارَةٍ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472
وَقَوْلُهُمَا عِنْدِي شُذُوذٌ عَنِ الْجُمْهُورِ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَهُمَا عَلَيْهِ إِلَّا دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ
وَمَنْ تَابَعَهُ
قَالَ دَاوُدُ لَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ وَالدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ الَّتِي فِيهَا اسْمُ اللَّهِ الْجُنُبُ
وَالْحَائِضُ
قَالَ دَاوُدُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عز وجل (لا يمسه إلا المطهرون) الْوَاقِعَةِ 79 هُمُ الْمَلَائِكَةُ
وَدَفَعَ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ غَيْرُ
مُتَّصِلٍ وَعَارَضَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِنَجَسٍ
وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ النَّقْلِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَيْهِ وَهُمْ لَا يَجُوزُ
عَلَيْهِمْ تَحْرِيفُ تَأْوِيلٍ وَلَا تَلَقِّي مَا لَا يَصِحُّ بِقَبُولٍ وَبِمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فِي ذَلِكَ أَقُولُ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ