وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ أُنْزِلَتْ (عَبَسَ وَتَوَلَّى) فِي
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ يَا
مُحَمَّدُ اسْتَدْنِينِي وَعِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ أُنْزِلَتْ (عَبَسَ وَتَوَلَّى) فِي
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ يَا
مُحَمَّدُ اسْتَدْنِينِي وَعِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَجَعَلَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعرض
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493
عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ وَيَقُولُ يَا فُلَانُ هَلْ تَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا فَيَقُولُ لَا وَالدِّمَاءِ مَا
أَرَى بِمَا تَقُولُ بَأْسًا فَأُنْزِلَتْ (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى)
فَقَدْ ذَكَرْنَا من أسنده في غير الموطأ
ذكرنا بن أُمِّ مَكْتُومٍ وَالِاخْتِلَافَ فِي اسْمِهِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَرَفَعْنَا هُنَاكَ فِي نَسَبِهِ
وَذَكَرْنَا عُيُونًا مِنْ خَبَرِهِ وَهُوَ قُرَشِيٌّ عَامِرِيٌّ مِنْ بَنِي عامر بن لؤي
ورواه بن جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عِلْمَ السِّيرَةِ وَمَا ارْتَبَطَ بِهَا مِنْ عِلْمِ نُزُولِ الْقُرْآنِ
مَتَى نَزَلَ وَفِيمَنْ نَزَلَ وَالْمَكِّيُّ مِنْهُ وَالْمَدَنِيُّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ التَّارِيخِ فِي مِثْلِ
ذَلِكَ عِلْمٌ حَسَنٌ يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَالْعِنَايَةُ بِهِ وَالْمَيْلُ بِالْهِمَّةِ إِلَيْهِ
وَفِيهِ أَيْضًا مَا كَانَ عليه بن أُمِّ مَكْتُومٍ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الْقُرْبِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسَّمَاعِ مِنْهُ وَالْأَخْذِ عَنْهُ
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي قِيلَ فِيهِ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَقِيلَ هُوَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ
وَقِيلَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قال جاء بن أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُكَلِّمُ يَوْمَئِذٍ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَنَزَلَتْ (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ
جَاءَهُ الأعمى) عَبَسَ 1 2 فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْرِمُهُ
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثًا مُسْنَدًا عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا
رَجُلٌ مَكْفُوفٌ تَقْطَعُ لَهُ الْأُتْرُجَّ وَتُطْعِمُهُ إِيَّاهَا بِالْعَسَلِ فَقُلْتُ مَنْ هذا يا أم المؤمنين
فقالت هذا بن أُمِّ مَكْتُومٍ الَّذِي عَاتَبَ اللَّهُ فِيهِ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَتَى النَّبِيَّ
(عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَعِنْدَهُ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا فَنَزَلَتْ (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ
الْأَعْمَى) وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ شَيْئًا
لكتم هذا
وذكر حجاج عن (بن) جريج قال قال بن عباس جاءه بن أُمِّ مَكْتُومٍ وَعِنْدَهُ رِجَالٌ
مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُ عَلِّمْنِي مَا عَلَّمَكَ اللَّهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَعَبَسَ فِي وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ عَلَى
الْقَوْمِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَنَزَلَتْ (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأعمى) عَبَسَ 1 2 فَكَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُقْبِلًا بَسَطَ رِدَاءَهُ حَتَّى
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494
يُجْلِسَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ اسْتَخْلَفَهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ حَتَّى يَرْجِعَ
وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْبَابَ بَيَانًا فِي التَّمْهِيدِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا لَا وَالدِّمَاءِ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ اخْتَلَفَتْ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ
فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْهُ وَالدِّمَاءِ بِكَسْرِ الدَّالِّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ بِضَمِّهَا فَمَنْ ضَمَّهَا أَرَادَ
الْأَصْنَامَ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ وَيُعَظِّمُونَ وَاحِدَتُهَا دُمْيَةٌ وَمَنْ رَوَاهَا بِكَسْرِ الدَّالِ أَرَادَ دِمَاءَ
الْهَدَايَا الَّتِي كَانُوا يَذْبَحُونَ لِآلِهَتِهِمْ
قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ تَوْبَةُ بْنُ الْحُمَيِّرِ
(عَلَيَّ دِمَاءُ الْبُدْنِ إِنْ كَانَ بَعْلُهَا ... يَرَى لِي ذَنْبًا غَيْرَ أَنِّي أَزُورُهَا) وَقَالَ آخَرُ
(أَمَا وَدِمَاءِ الْمُزْجَيَاتِ إِلَى مِنًى ... لَقَدْ كَفَّرَتْ أَسْمَاءُ غَيْرَ كَفُورِ)