ذَكَرَ فِيهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا فَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي
فِي الْآخِرَةِ
فَذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّمْهِيدِ وذكرنا أنه عند (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا فَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي
فِي الْآخِرَةِ
فَذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّمْهِيدِ وذكرنا أنه عند مالك أيضا عن بن
شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَدْ أُعْطِيَ أُمْنِيَّةً يَتَمَنَّى بِهَا وَسُؤَالًا يَسْأَلُهُ وَيَدْعُو فِيهِ عَلَى
نَحْوِ هَذَا الْوَجْهِ فَيُعْطَاهُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519
لَا وَجْهَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي غَيْرَ هَذَا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ
وَلِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ أَيْضًا دَعَوَاتٌ مُسْتَجَابَاتٌ وَمَا يَكَادُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَلَا مِنَ
الْمَظْلُومِينَ مَنْ كَانَ يَخْلُو مِنْ إِجَابَةِ دَعْوَتِهِ إِذَا شَاءَ رَبُّهُ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ) الْأَنْعَامِ 41
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ دَاعٍ إِلَّا كَانَ بَيْنَ أَحَدِ ثَلَاثٍ إِمَّا يُسْتَجَابُ لَهُ فِيمَا
دَعَا بِهِ وَإِمَّا يُدَّخَرُ لَهُ مِثْلُهُ وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ
وَقَالَ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ لَا تُرَدُّ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ
وَقَالَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِنَّهُ لَا يَسْأَلُ فِيهَا عَبْدٌ رَبَّهُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ
وَقَالَ فِي الدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَعِنْدَ الصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ
إِنَّهَا أَوْقَاتٌ يُرْجَى فِيهَا إِجَابَةُ الدُّعَاءِ
وَهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ جِدًّا وَلِذَلِكَ ذَهَبْنَا فِي تَأْوِيلِ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ إِلَى مَا وصفنا ومحال
أن لا يكون نبينا صلى الله عليه وسلم أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يُجَابُ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا
فِي دَعْوَةٍ وَاحِدَةٍ هَذَا مَا لَا يَظُنُّهُ ذُو لُبٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ
سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال إِنَّ
لِكُلِّ نَبِيٍّ قَدْ سَأَلَ سُؤَالًا أَوْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ لِكُلِّ
نَبِيٍّ دَعْوَةً قَدْ دَعَا بِهَا يُسْتَجَابُ فِيهَا فَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ الشَّفَاعَةِ وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَهُمْ
مُجْمِعُونَ أَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا محمودا) الإسراء
79 المقام المحمود هو شفاعته صلى الله عليه وسلم فِي الْمُذْنِبِينَ مِنْ أُمَّتِهِ وَلَا أَعْلَمُ
فِي هَذَا مُخَالِفًا إِلَّا شَيْئًا رَوَيْتُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ ذَكَرْتُهُ فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ
عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ فَصَارَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي التَّمْهِيدِ كَثِيرًا من أقاويل الصحابة والتابعين بِذَلِكَ وَذَكَرْتُ مِنْ أَحَادِيثَ
الشَّفَاعَةِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْأَحَادِيثُ فِيهِ مُتَوَاتِرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِحَاحٌ
ثَابِتَةٌ
وَذَكَرْنَا أَيْضًا في التمهيد حديث بن عمر وحديث جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520
أَنَّهُ قَالَ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَقَالَ جَابِرٌ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَمَا لَهُ وَالشَّفَاعَةُ
وَقَالَ بن عُمَرَ مَا زِلْنَا نُمْسِكُ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ حَتَّى نَزَلَتْ (إِنَّ اللَّهَ لَا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرِكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النِّسَاءِ 116
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرْتُ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
وَهَذَا الْأَصْلُ الَّذِي يُنَازِعُنَا فِيهِ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالنَّكْبَةُ الَّتِي عَوَّلَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ وَالْحَقِّ
عَلَيْهَا وَفِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُوَفِّقُ لَهُمْ إِلَى الصَّوَابِ