وَأَمَّا حَدِيثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ
أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كُنْتُ نَائِمَةً إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَفَقَدْتُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَسْتُهُ بِيَدِي فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُوَ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ
أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كُنْتُ نَائِمَةً إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَفَقَدْتُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَسْتُهُ بِيَدِي فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ أَعُوذُ
بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَبِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ كَمَا أَثْنَيْتَ
عَلَى نَفْسِكَ
فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَنْ أَسْنَدَ هَذَا الْحَدِيثَ وَوَصَلَهُ
وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي التَّمْهِيدِ إِلَّا أَنَّ الرُّوَاةَ يَقُولُونَ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ بِالْيَدِ لَا يَنْقُضُ الطِّهَارَةَ
إِذَا لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِ شهوة
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ الْمُلَامَسَةِ مِنَ الطَّهَارَةِ فِي
هَذَا الْكِتَابِ
وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ اللَّامِسَ وَالْمَلْمُوسَ سَوَاءً فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ
عَلَى مَنِ الْتَذَّ مِنْهُمَا وَلِلشَّافِعِيِّ فِي الْمَلْمُوسِ قَوْلَانِ آخِرُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ وَالْآخَرُ
أَنَّ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا قَوْلُهَا فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَلَمْ تَقُلْ إِنَّهُ
تَوَضَّأَ وَلَا قَطَعَ الصَّلَاةَ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُلَامِسَ تَنْتَقِضُ
طَهَارَتُهُ إِذَا لَمَسَ امْرَأَةً الْتَذَّ أَوْ لَمْ يَلْتَذَّ وَأَهْلُ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ الْجِمَاعُ لَا مَا
دُونَهُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ فَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أُعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ
سَخَطِكَ وَبِمَعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا أُحْصِي ثناء عليك فإن مالكا قال لي ذَلِكَ يَقُولُ لَمْ أَحْصُرْ نِعْمَتَكَ
وَإِحْسَانَكَ وَالثَّنَاءَ بها عليك وإن اجتهدت في الثنا
فَفِي قَوْلِهِ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ فِي وَصْفِهِ إِلَى وَصْفِ
نَفْسِهِ وَمَنْ وَصَفَهُ بِغَيْرِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ قَالَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
وَلَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ