وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (وَلَا تَجْهَرْ
بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) الْإِسْرَاءِ 110 أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ
فَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ عُرْوَةَ جَمَاعَةٌ وَقَدْ رَوَتْهُ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (وَلَا تَجْهَرْ
بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) الْإِسْرَاءِ 110 أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ
فَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ عُرْوَةَ جَمَاعَةٌ وَقَدْ رَوَتْهُ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ مِنْهُمْ بن الْمُبَارَكِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ نَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
فَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي سَمَاعِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ
اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) الْإِسْرَاءِ 110 فَقَالَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ
فِي ذَلِكَ أَنَّهُ عَنَى بِهِ أَنْ لَا يَجْهَرَ بِقِرَاءَتِهِ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ لِأَنَّهَا عَجْمَاءُ وَلَا يُخَافِتُ
بِقِرَاءَتِهِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالصُّبْحِ مِنَ النَّهَارِ إِلَّا أَنَّهُ يَجْهَرُ بِهَا
وَفِي هَذَا أَيْضًا نَصٌّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الصُّبْحَ مِنَ النَّهَارِ وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا بِقَوْلِ عُرْوَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ فَمِنْهُمْ
إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَمُجَاهِدٌ
وَقَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) قَالَ لَا تُصَلِّهَا رِيَاءً وَلَا
تَتْرُكْهَا حَيَاءً
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ لَا تُحْسِنْ عَلَانِيَتَهَا وَلَا تُسِئْ سَرِيرَتَهَا
وَقَالَ آخَرُونَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْهَرُ بِقِرَاءَتِهِ فَيَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ
وَيَسْمَعُونَهُ وَيَأْخُذُونَهُ وَكَانَ الْكُفَّارُ يُؤْذُونَهُ مَخَافَةً لِأَنْ لَا يَسْمَعَ أَحَدٌ قِرَاءَتَهُ فَنَزَلَتْ (وَلَا
تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) الْإِسْرَاءِ 110
وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ قَتَادَةُ
وَرَوَى الأعمش عن سعيد بن جبير عن بن عَبَّاسٍ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا سَمِعُوا صَوْتًا شَتَمُوا الْقُرْآنَ
وَمَنْ جَاءَ بِهِ فَخَفَّضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ بِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَلَا تَجْهَرْ
بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) الْإِسْرَاءِ 110
فَسَمَّى الْقِرَاءَةَ ها هنا صَلَاةً لِأَنَّهَا بِهَا تَقُومُ الصَّلَاةُ
الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539
وَقَدْ رَوَى شَرِيكٌ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ
وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) قَالَ نَزَلَتْ فِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا سَمِعُوا
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجهر بها هزؤوا مِنْهُ وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ يُسَمَّى الرَّحْمَنُ
قَالُوا يَذْكُرُ إِلَهَ الْيَمَامَةِ فَنَزَلَتْ (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تخافت بها الإسراء 110
وقال بن سِيرِينَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) يُخَافِتُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ
اللَّيْلِ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَجْهَرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
وَقَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) الْإِسْرَاءِ 110 قَالَ تَكُونُ سَرِيرَتُكَ
مُوَافِقَةً لِعَلَانِيَتِكَ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَهُوَ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنِ
الدُّعَاءُ يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُجِيزُونَ الدُّعَاءَ فِيهَا بِكُلِّ مَا لَيْسَ بِمَأْثَمٍ مِنْ
أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا
وَلِلْكَلَامِ عَلَى الْمُخَالِفِينَ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا