مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ (...) |
مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ
عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي قَالَتْ فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حَقْوَةً فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ قَالَ مَالِكٌ تَعْنِي بِحَقْوِهِ إِزَارَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا مَنْ كَانَتِ الْمُتَوَفَّاةُ الَّتِي غَسَّلَتْهَا أُمُّ عَطِيَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ بن عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَيُّوبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا زَيْنَبُ ابْنَتُهُ وَذَكَرَ أَيْضًا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي التَّمْهِيدِ وَكُلُّ الرُّوَاةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ قَالُوا فِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ وَسَقَطَ لِيَحْيَى بْنِ يَحْيَى إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّا عُدَّ مِنْ سَقْطِهِ وَفِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ مِنَ الْفِقْهِ رَدُّ عَدَدِ الْغَسَلَاتِ إِلَى اجْتِهَادِ الْغَاسِلِ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى بَعْدَ الثَّلَاثِ مِنْ بُلُوغِ الْوِتْرِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا ابْنَتُهُ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) الَّتِي شَهِدَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةُ غَسْلَهَا فَهِيَ زَيْنَبُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْسِلِيهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ هِيَ أُمُّ كُلْثُومٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكُلُّ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّينَ فِي حَيَاتِهِ إِلَّا فَاطِمَةَ فَإِنَّهَا تُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ بِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِنَازَةَ ابْنَتِهِ رُقَيَّةَ لِأَنَّهُ كَانَ بِبَدْرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَخْبَارَهُنَّ فِي النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَلَسْتُ أَعْلَمُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ حَدِيثًا جَعَلَهُ الْعُلَمَاءُ أَصْلًا فِي ذَلِكَ إِلَّا حَدِيثَ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ هَذَا فَعَلَيْهِ عَدَلُوا فِي غَسْلِ الْمَوْتَى وَقَدْ رَوَى أَيُّوبُ وَغَيْرُهُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالُوا فِيهِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ وَمِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ وَلَا يُحْفَظُ ذِكْرُ السَّبْعِ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْهَا وَكَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَعَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ فَكَانَ يَرْوِي عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ حَافِظًا وَكَانَ مِمَّنْ يَرْوِيهِ أَيْضًا عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهَا وَمَشَّطْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ لَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَرْوِي هَذِهِ الْأَلْفَاظَ خَاصَّةً عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَيَرْوِي عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ سَائِرَ الْحَدِيثِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الآثار بذلك كله عن بن سِيرِينَ عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ غُسْلَ الْمَيِّتِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ غَسَّلْنَا ابْنَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنَا أَنْ نَغْسِلَهَا بِالسِّدْرِ ثَلَاثًا فَإِنْ أَنْجَتْ وَإِلَّا فَخَمْسًا وَإِلَّا فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قالت فرأينا أكثر من ذلك سبع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْبُلُوغِ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ إِلَى سَبْعِ غَسَلَاتٍ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ أَقْصَى مَا يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ ثَلَاثُ غَسَلَاتٍ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ غُسِّلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَحْدَهُ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَهُ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُوَضَّأُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ وَلَا يُعَادُ غَسْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجُنُبِ إِذَا اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ بَعْدَ الْغَسْلِ قَالُوا وَيُغَسَّلُ مَخْرَجُهُ مِنْ ذَلِكَ الْحَدَثِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يوضأ وتجزئ الأحجار في ذلك وقال بن الْقَاسِمِ إِنْ وُضِّئَ مِنَ الْحَدَثِ فَحَسُنَ وَإِنَّمَا هُوَ الْغُسْلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ عَنِ الْحَيِّ فَقَدْ أَدَّاهَا وَلَيْسَ عَلَى الْمَيِّتِ عِبَادَةٌ فَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا جَاءَ منه حدث بعد كمال غسله أعيد وضوؤه لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يُعَدْ غُسْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ أُعِيدَ غُسْلُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُعَادُ غُسْلُهُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَى سَبْعِ غَسَلَاتٍ وَلَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ السَّابِعَةِ غُسِلَ الْمَوْضِعُ وَحْدَهُ فَإِنْ خرج منه شيء بعد ما كُفِّنَ دُفِعَ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَكُلُّ قَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ بِالْأَسَانِيدِ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ وَوَضَعْنَا هُنَاكَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وُجُوهًا ذَكَرْنَاهَا عَنِ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ تَأَمَّلَهُ هُنَاكَ وَالْقَوْلُ عِنْدِي فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ أَنَّهُ تَطْهِيرُ عِبَادَةٍ لَا إِزَالَةُ نَجَاسَةٍ وَإِنَّمَا غُسْلُهُ كَالْجُنُبِ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لَا يَرَى الْكَافُورَ فِي الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ وَلَا يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَافُورٌ وَإِنَّمَا الْكَافُورُ عِنْدَهُ فِي الْحَنُوطِ إِلَّا فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَاءِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي غَسَلْنَ ابْنَتَهُ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ الْغَسْلَةَ الْأُولَى بِالْمَاءِ الْقُرَاحِ وَالثَّانِيَةَ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَالثَّالِثَةَ بِمَاءٍ فِيهِ كَافُورٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 الْأُولَى بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَالثَّانِيَةَ بِالْمَاءِ الْقُرَاحِ وَالثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثَ كُلَّهَا بِالسِّدْرِ وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسِّلَ ثَلَاثَ غَسَلَاتٍ كُلُّهُنَّ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْغُسْلَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ فَيَغْسِلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ مَرَّتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَالْكَافُورِ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خالد عن همام عن قتادة عن بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْغُسْلَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَتَذْهَبُ إِلَى السِّدْرِ فِي الْغَسَلَاتِ كُلِّهَا قَالَ نَعَمْ السِّدْرُ فِيهَا كُلُّهَا عَلَى حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذلك بماء وسدر قال في حديث بن عَبَّاسٍ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَرْفَعُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ وَلَا أَحْسَنُ مِنْهُ فِيهِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا وَابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعَ الْوُضُوءِ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ مَا أَحْسَنَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ إِنَّ أَعْلَمَ التَّابِعِينَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ بن سِيرِينَ ثُمَّ أَيُّوبُ بَعْدَهُ وَكِلَاهُمَا كَانَ غَاسِلًا لِلْمَوْتَى يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ بن سِيرِينَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ قَالَ تُوضَعُ خِرْقَةٌ عَلَى فَرْجِهِ وَأُخْرَى عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَضِّئَهُ كَشَفَ الْخِرْقَةَ عَنْ وَجْهِهِ فَيُوَضِّئُهُ بِالْمَاءِ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُغَسِّلُهُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ مَرَّتَيْنِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ يَبْدَأُ بِمَيَامِنِهِ وَلَا يَكْشِفُ الْخِرْقَةَ عَنْ فَرْجِهِ وَلَكِنْ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَغْسِلُ مَا تَحْتَ الْخِرْقَةِ الَّتِي عَلَى فَرْجِهِ بِالْمَاءِ إِذَا غَسَلَهُ مَرَّتَيْنِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ غَسْلَهُ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ بِمَاءٍ فِيهِ كَافُورٌ قَالَ وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءً فَإِذَا فَرَغَ الْغَاسِلُ اغْتَسَلَ إِنْ شَاءَ أَوْ تَوَضَّأَ وَعَبْدُ الرزاق عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ يَغْسِلُ الْمَيِّتُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَالْوَاحِدَةُ السابغة تُجْزِئُ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يُغَطَّى وَجْهُ الْمَيِّتِ قَالَ لَا إِنَّمَا يُغَطَّى مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ إِلَى فَرْجِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ يَحْرُمُ وَلَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 يَجُوزُ وَكَذَلِكَ مُبَاشَرَتُهُ بِالْيَدِ مِنْ غَيْرِ مَنْ أَحَلَّ اللَّهُ مُبَاشَرَتَهُ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ لِلرَّجُلِ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْأَطْفَالِ الَّذِينَ لا إرب فيهم ولا شهوة تتعلق بهم وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى الْإِجْمَاعِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ مِنْهَا حَدِيثُ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لَهُ لَا تَنْظُرْ إِلَى فَرْجِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ وَأَمَّا تَغْطِيَةُ وَجْهِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَفِي حِينِ الْغُسْلِ بِخِرْقَةٍ فَلِأَنَّ الْمَيِّتَ رُبَّمَا تَغَيَّرَ وَجْهُهُ بِالسَّوَادِ وَنَحْوِهِ وَذَلِكَ لِدَاءٍ أَوْ لِغَلَبَةِ دَمٍ فَيَنْظُرُ الْجُهَّالُ إِلَيْهِ فَيُنْكِرُونَهُ وَيَتَأَوَّلُونَ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا ثُمَّ لَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمٍ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي هَذَا الْبَابِ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ وَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ فَالْحِقْوُ الْإِزَارُ وَقِيلَ الْمِئْزَرُ قَالَ مُنْقِذُ بْنُ خَالِدٍ الْهُذَلِيُّ (شِعْرٌ) (مُكَبَّلَةٌ قَدْ خَرَّقَ الرِّدْفُ حِقْوَهَا ... وَأُخْرَى عَلَيْهَا حِقْوُهَا لَمْ يُخَرَّقِ) وَالْحِقْوُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ مَكْسُورُ الْحَاءِ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ حَقْوُ بِالْفَتْحِ وَجَمْعُهُ حُقِيٌّ وَأَحْقَاءُ وَأَحْقٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ فَإِنَّهُ أَرَادَ اجْعَلْنَهُ يَلِي جَسَدَهَا فِي أَكْفَانِهَا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُصَلِّي فِي شُعُرِنَا وَلَا فِي لُحُفِنَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ وقال بن وَهْبٍ فِي قَوْلِهِ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ يَجْعَلُ الْإِزَارَ شِبْهَ الْمِئْزَرِ وَيُفْضِي بِهِ إِلَى جِلْدِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 وقال بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ مَا مَعْنَى أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ أَتُؤَزَّرُ قَالَ لَا أَرَاهُ إِلَّا قَالَ الْفِفْنَهَا فيه وكذلك كان بن سِيرِينَ يَأْمُرُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُشْعَرَ لِفَافَةً وَلَا تُؤَزَّرُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ الْحِقْوُ فَوْقَ الدِّرْعِ وقد خالفه الحسن وبن سِيرِينَ وَالنَّاسُ فَجَعَلُوا الْحِقْوَ يَلِي أَسْفَلَهَا مُبَاشِرًا لها وقال بن عُلَيَّةَ الْحِقْوُ هُوَ النِّطَاقُ الَّذِي تَنْطِقُ بِهِ الْمَيْتَةُ وَهُوَ سَبَنِيَّةٌ طَوِيلَةٌ يُجْمَعُ بِهَا فَخْذَاهَا تَحْصِينًا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا شَيْءٌ بَعْدَ أَنْ يُحْشَى أَسْفَلُهَا بِكُرْسُفٍ ثُمَّ يُلَفُّ النِّطَاقُ عَلَى عَجُزِهَا إِلَى قُرْبٍ مِنْ رُكْبَتَيْهَا قَالَ وَهُوَ أَحَدُ الْخَمْسَةِ الْأَثْوَابِ الَّتِي تُكَفَّنُ فِيهَا الْمَرْأَةُ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُلَفُّ ذَلِكَ عَلَى عَجُزِهَا وَفَخْذَيْهَا حَتَّى يَسْتَوِيَ ذَلِكَ مِنْهَا بِسَائِرِ جَسَدِهَا ثُمَّ تُدْرَجُ فِي اللِّفَافَتَيْنِ كَمَا يُدْرَجُ الرَّجُلُ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ كَانَ الْخِمَارُ أَوْلَى مِنَ الْمِئْزَرِ لِأَنَّهَا تُصَلِّي فِي الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ وَلَا تُصَلِّي فِي الدِّرْعِ وَالْمِئْزَرِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ غُسْلَ النِّسَاءِ لِلْمَرْأَةِ أَوْلَى مِنْ غُسْلِ زَوْجِهَا لَهَا وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِذَا لَمْ يَجِدِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً وَلَا يَهُودِيَّةً وَلَا نَصْرَانِيَّةً غَسَّلَهَا زَوْجُهَا وَابْنُهَا وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا غُسْلُ الزَّوْجِ أَوْلَى مِنْ غُسْلِ النِّسَاءِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَوْصَى بِأَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجُهُ أَسْمَاءُ وَكَذَلِكَ فَاطِمَةُ أَوْصَتْ بِأَنْ يُغَسِّلَهَا بَعْلُهَا عَلِيٌّ فَغَسَّلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ زَوْجَهَا أَبَا بَكْرٍ وَغَسَّلَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ يَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ النَّظَرِ مِنْ صَاحِبِهِ وَالْمُبَاشَرَةِ مَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمَا |