مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ
فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ
هَذَا أَثْبَتُ مَا يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ
فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ
هَذَا أَثْبَتُ مَا يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي بُرْدٍ حِبَرَةٍ
وَرُوِيَ أَنَّهُ كُفِّنَ فِي رَبْطَتَيْنِ وَبُرْدٍ نَجْرَانِيٍّ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن معمر وبن جريج عن بن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ
قَالَ كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بُرْدٍ حِبَرَةٍ
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهُوَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ وَبِهِ نَأْخُذُ
قَالَ وأخبرنا معمر عن قتادة عن بن الْمُسَيَّبِ قَالَ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي رَيْطَتَيْنِ وَبُرْدٍ
وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْآثَارِ مَا يُعَارِضُ بِهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ لِثُبُوتِهِ وَضَعْفِ أَسَانِيدِ
مَا سِوَاهُ
وَقَدْ ذُكِرَ لِعَائِشَةَ قَوْلُهُمْ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ وَبُرْدٍ حِبَرَةٍ فَقَالَتْ قَدْ أُتِيَ بِالْبُرْدِ وَلَكِنْ رَدُّوهُ
وَلَمْ يُكَفِّنُوهُ فِيهِ
ذَكَرَ ذَلِكَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ
وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَدْ أَعْطَاهُمْ حُلَّةً حِبَرَةً
فَأَدْرَجُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجُوهُ مِنْهَا
فَهَذِهِ كُلُّهَا آثَارٌ ثَابِتَةٌ عَنْ عَائِشَةَ تَرُدُّ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عن مقسم عن
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15
بن عَبَّاسٍ قَالَ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في ثلاثة أثواب قميصه الذي
مَاتَ فِيهِ وَحُلَّةٍ لَهُ نَجْرَانِيَّةٍ
وَحَدِيثُ الثَّوْرِيِّ عن بن أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ كُفِّنَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ وَبُرْدٍ أَحْمَرَ
وَمَا ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ - يَعْنِي
بن خَالِدٍ - قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِي وَصِيَّتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ فِي صُحَارِيَّيْنِ وَبُرْدٍ فَكَفِّنُونِي فِي ثَلَاثَةِ
أَثْوَابٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ عَلِيٌّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَكَفَّنَهُ وَمَعَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبَوْهُ عَبَّاسٌ وَهُمْ أَعْلَمُ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدِ اتَّفَقَتْ عَائِشَةُ مَعَهُمْ عَلَى أَنْ لَا قَمِيصَ فِي كَفَنِهِ وَإِنَّ قَوْلَهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ
بَيْضٍ سَحُولِيَّةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا مِنْ وُجُوهٍ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا مِنْ
كُرْسُفٍ (وَهُوَ الْقُطْنُ) وَأَمَّا السَّحُولِيَّةُ فَهِيَ الْبِيضُ
قَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلْسٍ
(فِي الْآلِ يَخْفِضُهَا وَيَرْفَعُهَا رِيعٌ يَلُوحُ كَأَنَّهُ سَحْلُ وَالسَّحْلُ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ)
شَبَّهَ الطَّرِيقَ بِهِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ سُحُولَ قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ تُصْنَعُ فِيهَا ثِيَابُ الْقُطْنِ وَتُنْسَبُ إِلَيْهَا
وَقَدْ رَوَى بن عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ لَمْ يَقُلْ بَيْضٌ فَإِذَا كَانَ السَّحْلُ الْأَبْيَضُ
اسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِ الْبِيضِ
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَأَكْثَرُهُمْ يَسْتَحِبُّونَ فِي الْكَفَنِ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكُلُّهُمْ لَا يَرَوْنَ فِي
الْكَفَنِ شَيْئًا وَاجِبًا وَلَا يَتَعَدَّى وَمَا سَتَرَ الْعَوْرَةَ أَجْزَأَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ
وَأَمَّا مَا يَسْتَحِبُّونَهُ مِنَ الْكَفَنِ فَقَالَ مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) لَيْسَ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ حَدٌّ
وَيُسْتَحَبُّ الْوِتْرُ
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ كَفَنُ الرَّجُلِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَلَا أُحِبُّ
أَنْ يَكُونَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ فَإِنْ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ فَلَا بَأْسَ قَدْ كَفَّنَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّهَدَاءَ اثْنَيْنِ فِي ثوب
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16
قَالَ وَلَا بَأْسَ بِالْقَمِيصِ فِي الْكَفَنِ وَيُكَفَّنُ مَعَهُ بِثَوْبَيْنِ فَوْقَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَدْنَى مَا تُكَفَّنُ فِيهِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ وَالسُّنَّةُ فِيهَا خَمْسَةُ
أَثْوَابٍ وَأَدْنَى مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الرَّجُلُ ثَوْبَانِ وَالسُّنَّةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ يُكَفَّنُ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَتُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ
وَهُوَ آخِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلِ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ
وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يُتَجَاوَزَ فِي كَفَنِ الْمَرْأَةِ خمسة أثواب
والثوب الواحد يجزئ
واستحب بن عُلَيَّةَ الْقَمِيصَ فِي الْكَفَنِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَزَعَمَ أَصْحَابُهُ أَنَّ الْعِمَامَةَ
عِنْدَهُمْ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَكَذَلِكَ الْخِمَارُ لِلْمَرْأَةِ وَاسْتَحَبُّوا أن يقمص
الميت
وكان بن عُمَرَ يُعَمِّمُ الْمَيِّتَ وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ لَا يُعَمِّمَانِ
وكفن بن عُمَرَ ابْنَهُ وَاقِدًا فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وثلاث لفائف وعمامة
وروى مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ الْمَيِّتُ يُقَمَّصُ وَيُؤَزَّرُ وَيَلُفُّ فِي الثَّوْبِ الثَّالِثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ كُفِّنَ فِيهِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ أَحَبُّ الْكَفَنِ إِلَيَّ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا عِمَامَةٌ وَلَا قَمِيصٌ
فَإِنَّ ذَلِكَ الَّذِي اختاره اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَارَهُ لَهُ
أَصْحَابُهُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضُ فَأَلْبَسُوهَا أَحْيَاءَكُمْ وَكَفِّنُوا
فِيهَا مَوْتَاكُمْ أَوْلَى مَا صِيرَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنْ لَا تُخَاطَ اللَّفَائِفُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَمِيصَ لَيْسَ مِمَّا يُخْتَارُ لِأَنَّهُ مَخِيطٌ
وَلَا حَرَجَ فِي شَيْءٍ مِمَّا اسْتَحَبُّوهُ وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17